حدث في اجتماع المجلس العام لاتحاد نقابات العمال.. رئيس الحكومة ووزير الزراعة لم يسمعا بقرار كف يد فلاحي المالكية!!
شهدت الجلسة الصباحية لاجتماع المجلس العام لاتحاد نقابات العمال المنعقد في دمشق يوم الأحد 2/5/2010 بحضور رئيس الحكومة ونائبه وعدد من الوزراء، مفاجأة مدهشة من النوع الذي لا يحصل إلا في العلاقة بين المواطنين السوريين والحكومة السورية وطاقمها الاقتصادي ..
المفاجأة حدثت حين قدمت النقابية بلسم ناصر مداخلتها وطرحت في سياقها سؤالاًَ هاماً وجهته لوزير الزراعة، عن أسباب كف يد فلاحي عدد من قرى المالكية عن مزاولة زراعة أراضيهم وحقولهم، فما كان من الوزير عادل سفر إلا أن أجاب بيقين وإصرار: «لم أسمع بهكذا قرار.. ما في شي من هذا النوع، لا كف يد، ولا إنهاء، ولا منع من الزراعة».. مبيناً أنه لا توجد تعاميم من هذا القبيل.. وهذا ما أكده أيضاً رئيس الوزراء ناجي العطري الذي طلب من بلسم ذكر أسماء القرى التي طال فلاحيها الكف.. مشيراً إلى أن هذا الموضوع خطير جداً، وكان يجب على النقابية التروي قبل طرحه بهذا الشكل!!
والسؤال: إذا كان رئيس الحكومة والوزير المختص لا علاقة لهما بالقرار المذكور، ولم يسمعا به من قبل، فمن الذي اتخذه وأعطى الأوامر في تنفيذه إذاً؟؟؟
وكانت وزارة الزراعة وقد أصدرت بتاريخ 17/3/2010 القرار رقم 2707ص المعمم على مديريات الزراعة، والذي يتضمن من جملة ما يتضمن (يطلب إليكم شطب أسماء الفلاحين من محاضر أجور المثل وعقود الإيجار في المناطق العقارية التابعة لكم وذلك لعدم حصولهم على التراخيص القانونية وفق أحكام القانون رقم /41/ لعام 2004 وتعديلاته استناداً للتعليمات الوزارية).. وبناء عليه نشرت في مصلحة الزراعة بالمالكية جداول بأسماء الفلاحين الذين سيتم كفّ يدهم عن الأرض، ولاحقاً في عدد آخر من المصالح الزراعية في المحافظة، وقد نجم عن محاولة تنفيذ القرار معارضة شديدة واستياء عام بين الفلاحين، خصوصاً وأنهم بريئو الذمة المالية، ومعظمهم يزرع الأراضي المذكورة منذ عشرات السنين مستوفياً كل ذممها.
يذكر أن الجلسة الصباحية تمت بحضور القيادة النقابية ورئيس الحكومة المهندس ناجي عطري، ونائبه الاقتصادي عبدالله الدردري، وكل من وزراء الصناعة، والشؤون الاجتماعية والعمل، والنقل، والزراعة، والإسكان..
فليعلم الوزير ورئيس الحكومة
وفي الرد على وزير الزراعة نبين مايلي:
أولاً: نلفت عناية الوزير، ورئيس الوزراء إلى أن الموضوع أثير في الصحافة الوطنية، ومن المفروض أن اثنين من أعمدة السلطة التنفيذية في البلاد أو على الأقل المكاتب الصحفية لهما كانا على علم بنشر هذا الموضوع, فلماذا لم يبادر أحد منهما إلى نفيه, بعد أن أثار بلبلة وضجة وتفسيرات وتأويلات مختلفة في محافظة الحسكة؟
فقد نشرت جريدة النور التي يصدرها الحزب الشيوعي السوري في عددها رقم432 تاريخ 2142010 ما يلي:
(طلبت وزارة الزراعة إلى مديرياتها شطب أسماء الفلاحين الذين لم يرخص لهم من محاضر أجور المثل وعقود الإيجار.. إن رفض منح الترخيص لمستثمري أراضي أملاك الدولة سينتج عنه إلغاء عقود المستثمرين ونزع يد المستأجرين وحرمان عدد كبير من الفلاحين من أراضيهم المؤجرة لهم منذ سنين طويلة....)
ونشرت صحيفة قاسيون في العدد 448 ما يلي: (تفاجأ المئات من الفلاحين في قرى منطقة المالكية المتاخمة للحدود العراقية في محافظة الحسكة بوضع جديد يتعلق بالأراضي العائدة لهم والتي يستثمرونها أباً عن جد، بموجب قرار صادر عن وزارة الزراعة يقضي بكف يد حوالي 380 فلاحاً في قرى عديدة، عن الاستفادة من أرضهم بحجج واهية....)
- ونشرت صحيفة صوت الشعب لسان حال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري في عددها رقم 235 تاريخ 2842010 ما يلي:
(.... ومؤخرا صدر قرار من مدير زراعة الحسكة يحمل الرقم 2840ص تاريخ 2242010 بناء على تعليمات وزارة الزراعة والذين تضمن قوائم بشطب أسماء أكثر من 400 مواطن من فلاحي أجور المثل وعقود الإيجار من محافظة الحسكة....).
- نشرت صحيفة البعث الناطقة بلسان حزب البعث العربي الاشتراكي في عددها رقم13929 يوم الثلاثاء 27نيسان 2010 في ملف خاص عن أراضي أملاك الدولة ما يلي:(.... ثمة المئات من عقود الإيجار، يجري الحديث عن إلغائها بعد مضي عشرات السنين من عمر تنظيمها....)
- نشرت جريدة النور في عددها رقم431 تاريخ 1442010 مايلي: (( .......إذ قامت مديرية الزراعة بالحسكة بإرسال كتب إلى دوائر الزراعة في المدن طالبة منها شطب أسماء الفلاحين من محاضر أجور المثل وعقود الإيجار بالمناطق العقارية التابعة لها وحسب الجداول المرفقة والمسجلة في سجلاتها، بذريعة عدم حصولهم على الترخيص القانوني وفقاً لأحكام القانون 412004 وتعديلاته، واستناداً إلى تعليمات وزارة الزراعة. وجاءت التعليمات شديدة اللهجة تطلب تثبيت واقعة الإلغاء في السجلات..((
- ونشرت بعض المواقع الالكترونية إن قرار مديرية الزراعة في الحسكة يستند على قرار صادر عن وزارة الزراعة يحمل الرقم 2707ص تاريخ 1732010
- ونشرت صحيفة قاسيون في عددها رقم 451 تاريخ 1 ايار 2010 ما يلي (.......أعقب نشر القرار ردود أفعال مختلفة, بين مستغرب ومستهجن ورافض، وذلك في الوسط الرسمي والشعبي والسياسي, وتزامن ذلك مع معلومات متناقضة فهناك من يقول إن هذا الموسم هو الأخير للفلاحين في استثمار الأرض، وهناك من
يقول إن القرار سيجمد وآخرون يقولون إن قوائم اسمية أخرى على الطريق وتشمل بمجموعها 61ألف عائلة .... وبالترافق مع ذلك ثمة أسئلة تطرح من قبيــل: لمن ستؤول الأرض في حال نزعها من الفلاحين؟ ولماذا لم يتم تثبيت ملكيتها أسوة بأوضاع مشابهة في محافظات أخرى ولاسيما وان أغلب هؤلاء الفلاحين يستثمرون الأرض منذ نهاية الستينيات؟ باختصار إن القرار أحدث بلبلة ولغطا ويعيش الفلاحون حالة من القلق والترقب...)
- بالإضافة إلى ذلك راجع العديد من المواطنين الجهات المسؤولة سواء المصالح الزراعية في المناطق، ودائرة أملاك الدولة، و محافظ الحسكة، وأمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي، ولم ينفِ أحد وجود قرار من هذا النوع.
ثانيا: إن جميع المصادر الصحفية آنفة الذكر تؤكد إن ما يجري في مصلحة زراعة المالكية إنما هو بناء على توجيهات وزارة الزراعة وبعد أخذ هذه الوقائع بعين الاعتبار والربط بينها وبين رد وزير الزراعة ورئيس الوزراء على النقابية بلسم ناصر، هناك أحد احتمالين: إما إن الوزير حقاً لم يصدر قرارا متعلقاً بالموضوع، وفي هذه الحالة من المنطقي أن يعلن ذلك أمام الرأي العام وبالإصرار واليقين نفسه الذي تحدث به في اجتماع اتحاد العمال، وبالتالي يطمئن الفلاحون وتنتهي كل التفسيرات الخطيرة للموضوع، ويفتح تحقيقاً في القضية لتوضيح كل ملابساتها، أو أن القرار صدر فعلاً ويحاول الوزير التملص منه بعد أن أحدث كل هذه الضجة والبلبلة.
نؤكد مرة أخرى أن الموضوع خطير حقاً، والأخطر منه أن ينشر القرار في الصحافة الرسمية وغير الرسمية دون أن يسمع به الوزير أو رئيس الوزراء، أو أن القرار موجود ويريد الوزير أن يمر بصمت دون ضجة، وذلك غير ممكن في ظل وجود صحافة وطنية، وقوى غيورة داخل جهاز الدولة وخارجه، لا يرضيها إصدار مثل هذه القرارات الخطيرة.