شطب أسماء الفلاحين من جداول عقود الإيجار وأجور المثل.. خطأ في تطبيق القانون وخرق للدستور
إن القرار الصادر عن وزارة الزراعة والموجه إلى مديرية الزراعة بمحافظة الحسكة تحت الرقم /2707/ تاريخ 17/3/2010، والقاضي بشطب أسماء الفلاحين التابعين لمنطقة المالكية من جداول عقود الإيجار وأجور المثل لعدم حصولهم على الترخيص القانوني المنصوص عليه بالقانون رقم 41 لعام 2004 وتعديلاته وفق التعليمات التنفيذية؛ هذا القرار، ارتكبت فيه أخطاء كثيرة..
فبتدقيق هذا القرار من الناحية القانونية ومدى انسجامه مع القانون 41 لعام2004 وتعديلاته، ألا وهو المرسوم التشريعي/ 49/ لعام 2008، ولاسيما المادة الأولى من هذا القانون، وكذلك من المرسوم المذكور، والتي تقول في آخر تعديل له (المادة /1/: لا يجوز إنشاء أو نقل أو تعديل أو اكتساب أي حق عيني عقاري على عقارٍ كائن في منطقة حدودية أو إشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار، أو بأية طريقة كانت لمدة تزيد على ثلاث سنوات لاسم أو لمنفعة شخص طبيعي أو اعتباري، إلا بترخيص مسبق، سواء كان العقار مبنياً أم غير مبني، واقعاً داخل المخططات التنظيمية أم خارجها).
وما يهمنا في هذا القانون وتعديلاته وله صلة وثيقة بموضوعنا هذا، هي عقود الإيجار, فوفقا لنص المادة الأولى من المرسوم /49/ المعدل للقانون/41/ 2008 نقول إن القانون واضح وصريح كالتالي :
1- إن عقود الإيجار التي تتطلب الحصول على الترخيص القانوني المنصوص عليه في القانون السابق الذكر هي عقود الإيجار التي تزيد مدتها على ثلاث سنوات, أما عقود الإيجار التي تقل عن ثلاث سنوات، فلا تحتاج إلى الترخيص القانوني, فقط في هذه الحالة – حالة أقل من ثلاث سنوات- يتعين حسب المادة رقم /7/ فقرة /أ /على شاغل العقار عن طريق الاستئجار إعلام الجهة الإدارية المختصة في موقع العقار خلال المهلة المحددة في المادة السادسة من هذا القانون، وهي ثلاثة أشهر من تاريخ الإشغال.
أما عقود الإيجار التي شملها قرار الشطب هي عقود إيجار سنوية، مدتها سنة واحدة، وهي تتجدد تلقائياً، وتخضع للتمديد الحكمي، ولا تحتاج – باعتبارها لسنة واحدة – إلى الترخيص القانوني المنصوص عليه بالقانون /41/ 2004 وتعديلاته، وبالتالي إخضاع هذه العقود – والتي مدتها سنة واحدة – لأحكام المادة الأولى من القانون /41/ 2004 وتعديلاته، يشكل خطأ في تطبيق القانون، وسوءاً في تفسيره وتأويله.
علماً أن طلب الحصول على الترخيص هو طلب متجدد, أي أنه يحق لمن رفض طلبه أن يتقدم بطلب آخر للحصول على الترخيص بشرط مرور سنة على تاريخ الرفض كما هو منصوص عليه بالمادة /3/ فقرة /ب/ من المرسوم /49/ 2008 كآخر تعديل للقانون /41/ لعام 2004.
2- العقوبات المترتبة على مخالفة نصوص القانون /41/ وتعديلاته، أي المرسوم 49 لعام 2008، واضحة وصريحة، ولا تحتاج إلى تفسير أو تأويل، وهي لا تتضمن أية عقوبة مثل استرداد الحيازة أو نزع يد عن العقار، وبالرجوع إليهما نجد العقوبات وفق آخر تعديل له وبموجب المادة /9/ منه هي كالتالي:
أ - يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين، وبالغرامة من عشرة آلاف ليرة سورية إلى مئة ألف ليرة سورية كل من يخالف أحكام المادة /1/، أو الفقرة أ من المادة /8/ من هذا القانون.
ب- يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبالغرامة من ثلاثة آلاف ليرة إلى عشرة آلاف ليرة سورية كل من يخالف أحكام الفقرتين /أ/ و/ج/ من المادة /7/ من هذا القانون، ويعاقب بالغرامة من ثلاثة آلاف ليرة إلى عشرة آلاف ليرة كل من يخالف أحكام الفقرة ب من المادة /7/ من هذا القانون.
إذاً قرار الشطب الصادر عن وزارة الزراعة جاء في غير محله القانوني، ولا يستند إلى أي أساس قانوني صحيح، وقد أتى نتيجة خطأ في تطبيق القانون وسوء في تفسيره وتأويله، وهو خرق فاضح لمبدأ الفصل بين السلطة التنفيذية والتشريعية .
ما بني عـلى الباطل فهو باطل
1- إن هذا القرار يتنافى مع المبادئ الأساسية من الدستور السوري، خاصة المبادئ الاقتصادية، فالمرسوم/49/ والمعدل للقانون /41/ الذي استند عليه قرار الشطب، قد انتهك حق التملك المنصوص عنه في المادتين/14/ و/15/ من الدستور.
2- القرار المذكور، ومن قبله القانون 41 والمرسوم 49- قد أتى على حق العمل المنصوص عليه في المادة 36 من الدستور، التي تنص على أن من واجب الدولة توفير العمل لكل المواطنين، حيث سيكون من نتائجه، في حال تنفيذه، القضاء على الآلاف من فرص العمل .
3- إن هذا القرار، ومن قبله القانون 41 والمرسوم 49، قد نقض وخرق مبدأ سيادة القانون، ومساواة المواطنين أمامه في الحقوق والواجبات، وممارستهم لحرياتهم المنصوص عنها في المادة 25 من الدستور, وذلك بفرضه لإجراءات معينة بحق مواطني المناطق الحدودية تختلف عن تلك المفروضة على باقي المواطنين، الذين لا يحتاجون في توثيق عمليات البيع والشراء، وغيرها من الحقوق العقارية، سوى إلى حضور الطرفين للسجل العقاري لإتمام المعاملة من وجهها القانوني، أو اللجوء إلى القضاء في حال وجود خصومة.
4- كذلك فإن المرسوم/49/ والمعدل للقانون /41/ 2004 والذي يشكل الأساس القانوني لقرار الشطب، خالف المادة /30/ من الدستور، حينما جعل له أثراً رجعياً، وطلب من القضاء رد كافة الدعاوى القائمة قبل صدوره.
5- كما أن المرسوم/49/ والمعدل للقانون 41 الذي استند عليه قرار الشطب، قد خالف مبدأ حق التقاضي، والدفاع أمام القضاء, المنصوص عنها في المادة 28 من الدستور وفي هذا خرق لمبدأ فصل السلطات، وإنكار لأبسط مبادئ العدالة.
إذاً إضافة إلى ما قلناه سابقاً عن عدم قانونية قرار الشطب للأسباب المذكورة أعلاه نقول مرة أخرى بأن قرار الشطب – قانونياً- هو قرار باطل استناداً إلى القاعدة العامة التي تقول: ما بني على الباطل فهو باطل، ولأن الأصل الذي بني عليه القرار أصل باطل وساقط، لذلك فإنه إذا سقط الأصل سقط الفرع.
■ المحامي: قاسم عسكر