تحية إلى قاسيون الحمراء..
وصلت إلى قاسيون الرسالة التالية مغفلة التوقيع بالاسم الصريح، نقدمها لقراء الصحيفة كما وردت دون زيادة أو نقصان..
«مرت سنوات طويلة، وأنا بعيد عن رفيقتي ذات الوشاح الأحمر الذي تفوح منه رائحة العمال والفلاحين، كرهت لهيبها البارد، وأشعتها المظلمة وحديثها الأبكم، حينما أصبحت تتكلم وهي متخمة بموائد الأمراء، حالمة ببساطهم السحري، كأنها من نسل الملوك والأمراء!
كرهتها، وانعدمت ثقتي بها، وها هي اليوم تأتيني مصادفةً، بثوب أحمر جديد يعبق بتراب قاسيون المعجون بدماء الثوار الأحرار، وعرق الكادحين وأنفاس العمال الطاهرة.
كنت في عددها الخامس والأربعين بعد الأربعمائة بتاريخ العشرين من آذار، قرأت افتتاحيتها، وأنا أحدق في صورة الطفل الفلسطيني الثائر وإلى جانبه عبارة (لا بديل إلا الانتفاضة)، ففتحت لي هذه الافتتاحية باباً من التفاؤل والأمل بالغد المشرق، وحينما وصلت إلى الصفحة السادسة شعرت بأنني ولدت من جديد، ورأيت أن ما جاء في هذه الصفحة يكشف زيف أغلب الجرائد والمواقع التي تدعي أنها تعري من يسير في عكس السير، ولكنها أسوأ منه تعرياً، وأفسد من المفسدين فساداً وتعلقاً بالمصلحة الذاتية.
لقد كدت من تفاؤلي أصرخ بصوت مرتفع (وجدتها).. أعني تلك الكلمة الصادقة الجريئة التي خاف من إعلانها من يزعم أنه في الطليعة والريادة للآخرين. ثم تساءلت في نفسي: إلى متى سيظل هؤلاء الانتهازيون كالنعامة الحمقاء يخبئون جشعهم وأنانيتهم وتسلطهم، وهم مكشوفون لدى الجميع؟ أما آن لجميع المحرومين من خيرات الوطن وجماله وجلاله أن يتحدوا ليأخذوا حقهم السليب، ويعيدوا للوطن مجده التليد؟؟؟
• رفيق على درب العدالة والمساواة والبناء»..