مكتومو القيد السوريون أباً عن جد.. لماذا يبقون محرومين من الجنسية

مازال في كثير من المناطق في سورية مواطنون لا يحملون الجنسية السورية ومازالوا مكتومي القيد مع أنهم سوريون أباً عن جد، وهذا يحرم الوطن من كثير من القدرات البشرية، ويحرم البشر أنفسهم من إنسانيتهم وشخصيتهم. وهذا عائد إلى عدة عوامل أولها الجهل الذي كان متفشياً بين سكان البادية والأرياف البعيدة قبل عقود من الزمن، وحين يصحو هؤلاء من جهلهم يصطدمون بجدار صلب من القوانين القديمة، وقد يواجهون معاملات بيروقراطية من موظف ليس لديه أية نية لمساعدتهم والبحث معهم عن حقوقهم الضائعة على مر السنين.

من هذه الأمثلة أن مواطناً من دير الزور، ناحية الكسرة قرية الكبر، يدعى (ف.ق.م.ف) قد تقدم بتاريخ 29/7/2003 بمعاملة مكتومية طالباً تسجيله وأشقائه في السجلات السورية، والدهم (ق.م.ف) متوفى وهو مكتوم القيد، وأحيلت المعاملة من المديرية العامة للأحوال بدمشق إلى شعبة الأمن السياسي وإدارة الهجرة والجوازات لأخذ رأيهما للتسجيل، فوافقت شعبة الأمن السياسي على التسجيل ولكن إدارة الهجرة والجوازات لم توافق بحجة أنه لا يوجد قيد لأحد أصوله لأبيه (الجد) في السجلات المدنية، فأصدرت اللجنة المركزية قرارها بعدم الموافقة معتمِدة على رأي الهجرة والجوازات. بنيت عدم موافقة الهجرة والجوازات على أساس خاطئ ومخالف لواقع الحال، حيث يوجد قيد لجد المكتومين بالمسكن خـ61 الكبر ـ عشائر دير الزور.

تبلغ أصحاب العلاقة مضمون قرار اللجنة المركزية بالرفض بتاريخ 27/2/2007 أي بعد مضي أكثر من سنتين تقريباً على تاريخ القرار، وحيث أن المادة /20/ من المرسوم التشريعي /26/ لعام 2007 أعطت الحق للمتضرر من قرار اللجنة للاعتراض أمام وزير الداخلية خلال شهر من تبلغ أصحاب العلاقة مضمون القرار. وحيث أنهم لم يتقدموا بالاعتراض إلا بعد مضي سنتين تقريباً، فإن هذا الأمر حال دون التمكن من إعادة العرض على إدارة الهجرة والجوازات لتعديل قرارها القاضي بعدم الموافقة إلى الموافقة على التسجيل الذي يستحقونه.

اضطر المكتومون أصحاب الشكوى إلى تقديم طلب لوزير الداخلية لوضع حل لمشكلتهم المستعصية، مع الرجاء باستثنائهم من موضوع الاعتراض خلال فترة الشهر، والتوجيه إلى إدارة الهجرة والجوازات لإعادة النظر برأيها بعدم الموافقة.

وبعد التسويفات والحجج غير المبررة أيضاً، وبعد أن أغلقت بوجهم كل الأبواب قدموا كتاباً إلى الجهات المعنية لشرح معاناتهم، جاء فيه: «سبق أن تقدمنا للسيد وزير الداخلية بمعروض بتاريخ 30/3/2010 يتضمن الاعتراض أمامه على قرار اللجنة المركزية بتاريخ 27/2/2007 والمتضمنة طلبنا معاملة مكتومية حيث قدمنا كل الإثباتات الضرورية كوننا من أسرة من ريف ديرالزور ننتمي إلى عشيرة البو صالح (عشيرة البقارة) وهي من أكبر العشائر العربية في وادي الفرات منطقة ديرالزور. وبتاريخ 23/5/2010 أبلغنا شفهياً معاون وزير الداخلية للشؤون المدنية ومدير الأحوال المدينة بدمشق أن المعاملة أصبحت للحفظ، ونحن نستغرب ونتساءل ما هو مصير هذه العوائل الموجودة في هذه المنطقة عشائرياً وواقعياً؟ وهل يبقون بدون قيود، وما هو مبرر حفظ المعاملة وعدم تنفيذها؟ علماً أن كثيرين من أبناء المنطقة تم تسجيلهم بطرق ملتوية لا يمكننا سلوكها لالتزامنا الأخلاقي، ولا نريد سلوك مثل هذا الطريق، وقدمنا جميع الوثائق النظامية للجهات المختصة».

نعم إن هناك الكثير من العائلات السورية مكتومة السجلات، فهل تعاقبهم الحكومة على جهلهم بالقانون وبحقوقهم التي يستحقونها؟ وإلى متى سيبقى هؤلاء محرومين من إنسانيتهم وانتمائهم؟ هذه قضية هامة وخطيرة تستلزم الحل الجذري الذي فيه ضمان كرامة الوطن والمواطن!!