قرى الغاب أرهقها العطش.. «الجيد» نموذجاً

إلى أن تنتهي المؤسسة العامة لمياه الشرب من دراسة محطة ضخ مياه الشرب التي أوعز محافظ حماه بدراستها لإرواء قرية «الجيد» وسط سهل الغاب، ربما يكون أهالي القرية حينها قد فقدوا مصدر دخلهم الوحيد المعتمد على تربية الأبقار الحلوب، أو قد يدفعون ثمن استجرار كهرباء لتشغيل المولدات المنزلية لانتشال المياه من الشبكة بما يوازي قيمة المضخة الموعودة، هذا في حال لاقى توجيه المحافظ من يعمل على تنفيذه، خصوصاً أن الأمر مازال في طور التوجيه.. ومن يعش يرَ.

أهالي قرية «الجيد» المرهقين أصلاً كغيرهم من الفلاحين في سورية جراء ما يطبق من سياسات زراعية مجحفة جعلت أراضيهم ملعباً للرياح والزوابع الغبارية، أراضي هذه القرية مثلها مثل الأراضي الممتدة على طول سهل الغاب وعرضه منذ انهيار سد زيزون، لم تروَ، مما سبب تراجعاً ملحوظاً في الاعتماد على الزراعة، ليقتصر الأمر على الزراعات الشتوية، وبشكل خاص زراعة القمح. ومع ارتفاع مستلزمات الإنتاج الزراعي وسوء الأحوال الجوية، وما رافقها من أمراض أتت على محصول القمح هذا الموسم، اقتصر اعتماد السكان على تربية الأبقار الحلوب، إذ أصبح مصدر رزقهم الوحيد, إلا أن الاعتماد على تربية الأبقار بات مهدداً هو الآخر لعدم استطاعة المربين تامين أهم ما يبقي أبقارهم على قيد الحياة بطرق سهلة وميسرة، الماء ثم الماء، فالمياه لاتصل المنازل عبر شبكة المياه المعتمدة، ما يضطر الأهالي إلى شرائها بأسعار مرهقة أو الاعتماد على رفعها بواسطة المضخات الكهربائية، هذا في حال حالفهم الحظ ووصلت المياه إلى القرية بعد عناء طويل، وهنا قد يحصلون على برميل ماء دفعوا ثمنه أضعاف مضاعفة، وقد لا يحصلون. فالمياه كما ذكر لنا الأهالي، لا تصل الخزان الرئيسي المخصص لتوزيع المياه إلى الشبكة المحلية، وهذا ما يجعل تدفق الهواء بديلاً عن المياه ليدفعوا ثمن الهواء المنفوث، فقد ذكر المواطن «غيدق» أنه دفع ثمن هواء 4000 ل.س، وقال إن الأهالي لا ينقصهم هواء، وعندهم طاقة ريحية تكفي لتشغيل مزارع  تقيهم شر الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي.

أهالي قرية الجيد يصرخون مطالبين بمياه الشرب ولسان حالهم يقول: يكفينا ما حل بنا من مصائب بعد ما تدهورت الزراعة ومعها أحوالنا المعيشية، فمع بداية هذا الصيف تفاقمت مشكلة شح المياه، وأصبح الدخل المتواضع الذي تدره علينا تربية الأبقار يذهب جله ثمناً للمياه، وباعتبار أن تربية الأبقار أصبحت مصدر دخلنا الوحيد فهي عرضة لتقلبات السوق وتلاعب التجار، ومؤخراً الدخلاء على مهنة صناعة الألبان والأجبان من المدلسين، ولم يكن ينقصنا سوى قلة المياه ليطبق الطوق على أعناقنا.. هذا ما قالته «أم أحمد».. وقد ذكر أحد العاملين في مركز الحويز لضخ مياه الشرب بأنه لا يوجد أي عائق في طريق وصول مياه الشرب إلى قرية الجيد سوى التقنين في عدد ساعات ضخ المياه، وأن مضخات المياه العاملة على الطاقة الكهربائية تتمتع بجاهزية عالية ولدينا محركات احتياط  تعمل على الديزل..

ونحن نسأل: هل تخصص مؤسسة مياه الشرب بضع دقائق من وقتها «الثمين» لمحاولة معالجة هذه المشكلة وتخفيف معاناة المواطنين الذين تعبوا من الركض للحصول على كأس ماء؟.