اجتماع ساخن لمجلس محافظة حماة.. شركة الصرف الصحي بحماه تحت المجهر.. والأسرار تتكشف!!
اجتمع مجلس محافظة حماة في دورته العادية يومي الثلاثاء والأربعاء، الثاني عشر والثالث عشر من الشهر الجاري، برئاسة محافظ حماة أحمد شحادة خليل بلقائه الأول مع أعضاء مجلس المحافظة.
وقد تناول الأعضاء الكثير من القضايا الخدمية وهموم المواطنين، إلا أن النقاش الذي أخذ طابعاً جدياً تمحور حول أعمال الشركة العامة للصرف الصحي في حماة، وقد تناولت المداخلات محطة سلمية الخارجة عن الخدمة من عام 2004 ولغاية تاريخه والتي من المفترض أن توضع بالخدمة في عام 2005، والمخالفات الفنية الحاصلة لجهة التجهيزات المخالفة للعقود والمواعيد المتكررة لإنهاء العمل فيها ووضعها بالاستخدام والتلوث البيئي الذي تسببه لمدينة السلمية وتل درة.. كما تناولت المداخلات محطة حماه التي وضعت بالاستثمار منذ عام 2005 ولم تؤد الغاية المطلوبة منها في معالجة مياه مجاري مدينة حماة بسبب عدم وجود معالجة للحمأة الناتجة التي يتم رميها في نهر العاصي مسببة مزيداً من التلوث للنهر وللبيئة والجوار، وهدراً بالأموال لا يقل عن 50 مليون سنوياً، واهتلاك تجهيزات المحطة، إضافة إلى المنصرفات الصناعية المخالفة التي ترد إلى المحطة والتي تسبب مزيداً من الإشكالات لعملها. كما تناولت المداخلات تنحية عضو مجلس المحافظة، مدير التخطيط في شركة الصرف الصحي بسبب توضيح الوضع الحقيقي لواقع العمل في الشركة بحماة، وإشارته إلى مواقع الخلل والإهمال في إطار مداخلته في الدورة السابقة لمجلس المحافظة رداً على المداخلات المطروحة.
محطة الصرف.. والخيبة الكبيرة
من المهم التذكير بأن العمل بمحطة المعالجة في حماة قد بدأ في عام 1996، وكان من المخطط أن تتسلمها وزارة الإسكان في عام 1999، لكن تم تدشينها في 2005، حيث قامت وسائل الإعلام حينها بالتهليل لهذا الإنجاز الكبير الذي سينقذ المحافظة ويجعلها مقصداً سياحياً بيئياً خالياً من التلوث، ويجعل من المتاح تناول المزروعات التي تروى من نهر العاصي، لكن سرعان ما تبين أن مخرجات المحطة من المنصرفات يكاد لا يختلف عن مدخلاتها، وخصوصاً أن الحمأة يعاد ضخها مرة ثانية في مجرى نهر العاصي.. لقد وضعت المحطة قيد الاستثمار دون أن تكون في وضع يؤهلها لذلك رغم صرف مئات الملايين في بنائها, وإن كان الهدف من إنشاء هذه المحطات تخفيض درجة الملوثات في مياه المجاري للحدود المسموح بها، والحد من استخدام المياه الملوثة في سقاية المزروعات وتخفيض ملوحة الأراضي الزراعية التي تروى من نهر العاصي، فهي أيضاً من المخطط لها أن تعمل على منع تلوث المياه الجوفية ومنع انتشار الأمراض والأوبئة حفاظاً على الصحة العامة وسلامة البيئة، إلا أن أي من هذه الأهداف لم يتحقق بعد مضي أكثر من خمس سنوات على تدشين محطة حماة، وبالرغم من ذلك تقوم شركة الصرف الصحي منذ 2005 بتقاضي رسوم معالجة الصرف من المواطنين في مدينة حماه وسلمية دون تقديم هذه الخدمة فعليا. ولعله من المفيد أن نذكر ما أشار إليه مدير المحطة في كتابه الموجه إلى مدير الصرف الصحي في حماة بتاريخ 2142009، بأن المياه الصناعية المخالفة للمواصفات القياسية السورية التي ترد إلى المحطة من منصرفات المعامل والمنشآت الصناعية تؤثر على عمل المحطة التي لا قدرة لها على معالجة هذه المياه الصناعية كون المحطة مخصصة لمعالجة مياه الصرف الصحي المعاشي، وقد طلب من إدارة الشركة العمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المعامل المخالفة التي تضخ هذه المنصرفات إلى شبكة المجاري قبل معالجتها ووقف ورودها إلى المحطة، ولكن الأمر بقي على حاله والمياه المخالفة مازالت تتدفق رغم التنبيه إلى أن هذه المياه تؤثر على تجهيزات محطة المعالجة سلباً وأن كلفة التحاليل المخبرية لهذه المياه تفوق 200 ألف ل.س سنوياً، وهي غير مبررة كون مصادر المياه الصناعية معروفة ولا حاجة لمثل هذه الاختبارات.
مؤخراً، أبعد المدير العام لشركة الصرف الصحي معاونه المهندس م.ح رغم مهنيته العالية بشهادة العاملين، وهناك من يقول إن هذا الإبعاد تم للتخلص منه كونه لا يقبل الاشتراك بعمليات الفساد، إضافة إلى إشارته لمواضع الخلل وسوء التنفيذ في أكثر من مشروع.. فأي مصلحة تتحقق بإزاحة مهندس عرف بالاستقامة ونظافة اليد والخبرة المكتسبة من ثلاثين عاماً من العمل؟ هل الغاية تمرير عمليات فساد كبرى تقتضي السرية والكتمان؟ إن الفساد قد انتشر، وبعضه فاحت رائحته وطغت على رائحة المجارير..
يبقى أن نشير في هذا الجانب إلى أن المدير العام، ومعاونه الجديد، وأيضاً المدير العام السابق، قد أدينوا بموجب تقرير الرقابة والتفتيش رقم 1393/2على203/8/تاريخ 23/12/2008 بعمليات مخالفات وفساد، غرم بموجبها المذكورون بمبلغ يزيد على 300000 ل.س وعقوبة حسم من الراتب لمدة ستة أشهر مع مساءلة قانونية للمعاون الجديد.
مداخلات ساخنة
وبالعودة لاجتماع مجلس محافظة حماة نورد بعض مداخلات أعضائه..
وحيد كحيل: تساءل في مداخلته عن موضوع محطة المعالجة بالسلمية، ورأى أن الموضوع يبدو لغير العارفين مستحيل الحل، فالمحطة متوقفة عن العمل منذ عام 2004، وأهالي القرى التي تقع غرب المحطة يعانون منها على جميع الأصعدة، حيث أن الأراضي الزراعية لم تعد صالحة للزراعة بسبب تملح التربة خصوصاً في بلدة تلدرة، جراء التلوث الكبير، مع ازدياد الروائح والحشرات والبعوض، ومازالت المعاناة مستمرة، علماً بان مدير شركة الصرف الصحي وعد بحل هذه المشكلة ولم تحل حتى هذه اللحظة، فلماذا هذا التقصير الكبير؟
مصطفى إبراهيم: ركز في مداخلته على محطة معالجة سلمية ومحطة معالجة حماة، وقال: تداولت الصحف منذ أكثر من ثلاث سنوات محطة معالجة حماة، كما طرحت في مجلسنا هذا عدة مرات، دون جدوى. هذه المحطات التي يقال إنها كلفت حوالي مليار ل.س، لا فائدة حتى الآن من تشغيلها حيث أنها تخلص المياه المالحة من الحمأة بنسبة ضعيفة، ثم تعاد الحمأة إلى مجرى النهر من جديد فلماذا نضعها بالخدمة؟
في الدورة السابقة وعد مدير الصرف الصحي بأن محطة سلمية ستوضع بالخدمة مجدداً، والآن سمعنا بأنه تجري عمرة للمحطة، فمتى ننتهي من الوعود وننفذ. مدير الصرف الصحي نقل الزميل مروان من عمله كمدير تخطيط على خلفية بعض التوضيحات التي قدمها نتيجة مناقشة وضع المحطات في الدورة السابقة، وهذا أمر خطير بأن يتم محاسبة الزملاء من قبل مدرائهم على ما يطرحونه في مجلسنا!.
ناجح الدوجان: متى ستشهد مدينة حماه إقامة مشروع لمعالجة الحمأة الناتجة عن محطة المعالجة، مع العلم أننا سمعنا بها منذ عدة سنوات؟ في الدورة السابقة ذكر السيد مدير الصرف الصحي بحماة عن وضع محطة معالجة سلمية بالخدمة قريباً، وحتى تاريخه لم تشهد وضع التشغيل, فما هي الأسباب التي أدت إلى التأخير؟.
محمد العلي: فيما يخص بعض المدراء الذين يقومون بعزل من ينتقدهم فهل هم فوق النقد؟ وفي ما يخص حديث السيد مدير الصرف الصحي حول محطة سلمية لمعالجة الصرف الصحي أسأل: ألم تجر دراسة كافية لهذه المحطة التي تبين بعد تشغيلها أن كابلات الكهرباء فيها غير مناسبة فتم استبدالها بعد التشغيل, ثم تبين أن جوانات الفصل غير صالحة ويجري تبديلها, ثم تبين أن ذراع التهوية غير صالحة بسبب انحنائه.. فأين الدراسة التي أجريت لهذه المحطة, فهل كانت تلك الدراسات وهمية؟؟.
أزهر أزهر: حول موضوع محطتي معالجة مياه الصرف الصحي في كل من حماه وسلمية: تتم معالجة موضوع محطات المعالجة باستخفاف وكأنها مشروع إنشائي صغير وأريد توضيح التالي:
1ـ عندما تتجمع مياه الصرف الصحي الواردة من محطة معالجة سلمية في بحيرة سد الكافات فإنها تشكل مستنقع مياه ملوثة, وستقوم بنشر الأمراض في المنطقة كما ستقوم بتلويث المواصفات للمياه الجوفية من خلال وصول المياه الملوثة إلى الحوامل المائية, ويلاحظ بداية تلوث مياه الشرب في آبار المنطقة.
2- يتم رمي مخلفات محطة معالجة حماه _ الحمأة مع المياه في مجرى نهر العاصي ما يؤدي إلى تركيز الملوثات في مجرى النهر، علماً بأن المجرى مغلق، ويقوم الناس باستخدام هذه المياه المركزة أحياناً في ري المزروعات، إضافة إلى تخزينها في بحيرة سد محردة, وهذا الأمر يتسبب أيضا بتلويث المياه الجوفية وإلحاق الضرر بالبيئة.
المحافظ سيتدخل
رداً على المداخلة التي قدمها عضو مجلس المحافظة المهندس مروان الحلبي لتوضيح بعض النقاط المثارة أعلاه والإجراءات المتخذة بحقه من مدير شركة الصرف الصحي في حماة، تعهد المحافظ بالعمل على حل المشكلة من خلال لقاء شخصي يجمعه مع عضو المكتب التنفيذي المختص وبعض الفعاليات الفنية في المجلس..
نذكّر أن أعضاء المجلس على موعد في الأسبوع الأول من الشهر القادم، حيث سيلتئم مجلسهم لسماع ردود مقنعة حول تساؤلاتهم في ما يخص مجمل القضايا المثارة، وفي مقدمتها واقع العمل في محطات المعالجة وسير العمل في شركة الصرف الصحي التي كتب عنها في وسائل الإعلام الكثير، وآخرها ما نشر في صحيفة الثورة في 17 /2/2010 حول عملية فساد كبيرة وهدر ملايين الليرات بتغطية من قبل إدارة شركة الصرف الصحي في حماة.
ويبقى لنا أن نسال بعد كل ما تقدم: أين الجهات الوصائية في وزارة الإسكان والتعمير المسؤولة عن تصحيح الخلل، والتي يحتم عليها موقعها العمل على وضع الأمور في نصابها؟.