بين فتح الاستيراد ووقف التصدير: «شم ولا تدوق»
على الرغم من الثروة الحيوانية الضخمة والمتنوعة الموجودة في سورية، والتي تعتبر من أهم صادراتها في فترة مضت إلا أن هذه المادة الغذائية المتمثلة باللحوم الحمراء والبيضاء أصبحت اليوم من أغلى السلع الغذائية علماً أن الجهات المعنية أصدرت قراراً رسمياً يمنع تصدير اللحوم بلونيها مؤخراً، من أجل اشباع الأسواق المحلية، ولكن الأسعار ما تزال بعيدة عن متناول المواطنين الذين يدخلون في خانة ذوي الدخل المحدود، وذلك رغم الحديث عن انخفاضها الذي لم يتجاوز 50 ل.س تقريباً للكيلو الواحد من اللحم الأحمر، لتظل هذه السلعة الغذائية محافظةً على أسعارها المرتفعة، فأصبح سعرالكيلو الواحد من لحم الغنم 750 ل.س بينما العجل نحو 600 ل.س، كما يبلغ ثمن الكيلو غرام من لحم الجمل 650 ل.س.
وعلى الرغم من الغربة الموجودة بين المواطن واللحوم الحمراء، إلا أنها لم تسلم من الغش وتلاعب بعض ضعاف النفوس من تجار اللحوم في أسواق البلد في ظل غياب لجان حماية المستهلك وتواطؤ بعض رجال التموين مع الفاسدين.
حيث يتبع بعض باعة اللحوم أسلوب الخلط بين نوعين من اللحوم من أجل تحصيل قدرٍ أكبر من الربح، على حساب ذلك المواطن الذي بات اللحم الأحمر الضاني أحد أحلامه، وذلك ببيع لحم الغنم مخلوطاً مع لحم الجاموس أو البيلة اللذين يعتبران أرخص ثمناً من الغنم، أو خلط لحم الجمل أو العجل بلحم البيلة أو الجاموس المستورد من الهند الذي بدأ ينتشر بكثرة في أسواقنا نتيجةً لسعره المنخفض مقارنة بأنواع اللحوم الحمراء الأخرى، حيث يبلغ ثمن الكغ من لحم الجاموس مابين 200-250 ل.س، ويباع على أنه لحم غنم في بعض الأحيان، ويستغل الباعة في ذلك ضعف خبرة المواطن العادي في التمييز بين أنواع اللحوم بالطعم أو باللون، وقد كشف في فترات سابقة عن حالات كان بعض ضعاف النفوس يبيعون لحم الحمير أوالكلاب على أنها لحم غنم أوبقر، وكانت تباع على شكل (نقانق أوهمبرغر).
كما أن انتشار لحم الجاموس واللحوم المثلجة مجهولة الهوية وغير المعروفة، فتح باب الغش على مصراعيه خصوصاً في المطاعم التي تقدم وجبات اللحوم هذه على أنها لحم غنم ضانٍ وبأسعارمرتفعة ليتضاعف هامش الربح للوجبة الواحدة ثلاثة أضعاف على الأقل.
إن كان ارتفاع أسعار اللحوم فيما سبق يرجع للتصدير إلا أن ارتفاعه حالياً يمكن إرجاعه إلى كميات اللحوم المثلجة المستوردة من الخارج، فطالما أن هناك استيراداً لهذه اللحوم المثلجة فهناك مستفيدون من غلاء أسعار اللحوم الحمراء البلدية، وعدم جدية الحكومة في التعامل مع الموضوع يدل على وجود من يستغل علاقاته الرسمية لضمان بقاء أسعار اللحوم الحمراء البلدية بعيدة عن متناول يد المواطن حتى لا تكسد تجارته، ليظل المواطن مجبراً على أكل هذه اللحوم على مبدأ: «شم ولا تدوق»!.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.