نشاطها سري ودخولها مشروط.. شركة «كويست نت» تعود للعمل خفيةً في سورية
انقضى أكثر من ثلاث سنوات على اتخاذ قرار بترقين قيد وكالة إحدى الشركات الأجنبية في سورية، التي وصف عملها بالنصب والاحتيال « من ضحاياها ومن حاول الدخول بها، وأنه مخالف «للتراخيص» من الجهات الحكومية.
ورغم ذلك، بدأت الشكاوى تطفو على السطح من جديد، منذرةً بعودة بعض عملاء هذه الشركة إلى نشاطهم غير المشروع وبشكل سري وبأساليب مريبة، بهدف إيقاع ضحايا جدد. الشركة الأم تدعى «كويست نت» أو Quest NetLTD، وهي شركة تتبع أساليب غريبة في إقناع الضحايا للعمل معها، حيث ينتشر عملاؤها بشكل سرطاني، فبمجرد وقوع أحد الأشخاص ضحية أولى للشركة، لابد من انتشارها لشريحة أوسع وفق نظام عمل هرمي يضع التوسع كأحد شروط الربح.
تنويم مغناطيسي
يتم إقناع الزبائن بطريقة وصفها البعض بـ«التنويم المغناطيسي» وخاصة المحتاجين، وفي خلاصة الشكاوى التي رصدتها صحيفة «قاسيون»، فإنه يقوم أحد مسوقي الشركة بالتواصل مع الزبائن بشكل شخصي، عبر لقاءات تعقد في كفتيريات ومقاهٍ عامة لعدم وجود مقر خاص للشركة في سورية بعد إغلاقه عام 2009، وخلال هذا اللقاء يكون المسوق برفقة شخص ثانٍ وكأنه مدير العمل، وسيأتي شرح هذا لاحقاً في هذه المادة.
بعد أن يجلس المسوق والشخص الثاني، مع الزبون، يبدآن بإقناعه عبر عدة طرق للدخول في العمل، كاستغلال وقت فراغه بالربح، وأن العمل لديهم ليس سوى ساعة في اليوم مقابل عدة دولارات، وأن هذا الزبون سيصبح مديراً فيما بعد دون عناء، وسيصبح من أصحاب المال الوفير خلال فترة وجيزة، كون المردود المادي يزداد تدريجياً بحسب عمل المسوق، وقد يتوقف العمل في مرحلة معينة ليستمر الربح دون عناء، عدا عن ذكر أسماء معروفة وذات مكانة مرموقة بالمجتمع على أنها تعمل معهم.
قد تحتاج المقابلة إلى تكرار أكثر من مرة حتى يقنع الزبون بالعمل، وفي حال تم اقناعه يكون بذلك قد دخل متاهةً لايمكن التراجع عن المضي بها سوى بخسارة مبلغ مادي معين قد يتجاوز الـ100 ألف ليرة بعض الأحيان، فيشترط على بدء العمل مع هذه الشركة، أن يشتري الزبون منتجاً معيناً بسعر باهظ.
يجب أن تدفع كي تعمل!
وبحسب الشكاوى، فإن بعض الزبائن اشتروا ساعات بلغ سعر الواحدة منها 40 ألفاُ، ووصلت بعض الأحيان إلى 100 ألف، أو قلادة بسيطة بعشرة آلاف ليرة سورية أو أكثر، ومنتجات أخرى تراوح سعرها بين 25 ألف ومايفوق الـ100 ألف ليرة سورية، وذلك كشرط أساسي لبدء العمل الذي يصوره المسوقون بأنه «باب الجنة»، ويخدعون الزبون بأن هذا المنتج الذي اشتراه، عبارة عن رأس ماله لمشروع ناجح ورابح، وأنه يشبه المبلغ الذي قد يدفع للبدء بأي مشروع آخر، محاولين إقناعه بأن الشركة توفر مشروعاً مضموناً للزبون برأس مال زهيد، مادفع الكثير من الضحايا لبيع مقتنيات لديهم أو الاستدانة لشراء المنتج.
بعد شراء المنتج، يطلب من الزبون أن يقوم بإحضار زبونين أو أكثر «إجبارياً» كخطوة أولى للعمل وكي تبدأ عملية الربح، وإن لم يقم بإحضار الزبائن حتى لو مر عام كامل على بدءه العمل، فلن يربح شيئاً -كونه يتقاضى عمولة على كل زبون-لأن المسألة ليست فقط اقناع الزبائن دخول العمل مع الشركة فقط، فبعد إحضار زبونين على سبيل المثال، يتوجب عليهما شراء منتجات الشركة بشكل إجباري أيضاً كما بدأ أول زبون، وبعدها يطلب من كل منهما على حدة أن يحضر زبونين آخرين لشراء منتجات الشركة للبدء بالربح كما حدث مع الزبون الأول.
وعلى هذا، يكون الزبون الأول مسؤولاً عن كل هذه السلسلة وهو«المدير» الذي جاء ذكره بدايةً، ويبقى مطالباً بإحضار زبائن جدد يندرجون تحته مباشرة في السلسلة، وكل زبون من السلسلة مسؤول عمّن يندرج تحته في الشبكة الهرمية، التي يشترط فيها أن تكون متوازنة، فإن أحضر كل زبون اثنين آخرين - في سلسلة قد تحوي آلاف الزبائن-، وجميعهم اشتروا المنتجات، يربح الجميع، وفي حال تأخر أحدهم عن اقناع زبائن جدد يخسر الجميع بشكل كامل أو جزئي لاختلال المعادلة، بحسب ماورد من شكاوى، وفي حال أحضر أحد الزبائن 3 ضحايا وحده، فتختل عملية الربح إن لم يحضر الزبون الثاني 3 مثله، وهكذا.
وبحسب أشخاص عملوا بهذه الشركة، فإن الساعة التي تم شراؤها مثلاً بـ40 ألف ليرة سورية واعتبرت كرأسٍ للمال، قد يعمل الزبون أكثر من عام لتغطية ثمنها والبدء بالربح، ويبقى الأمر مجهولاً حول الشخص الذي ترجع إليه أرباح هذه المنتجات الباهظة، والتي يتوقع أنها ترسل إلى خارج البلاد.
رخصت وألغيت وأصلها مجهول
أما عن وضع الشركة في سورية، ففي تقصي عن القضية، حصلت« قاسيون» على عدة وثائق تثبت بأن الشركة كانت مرخصة عام 2008 بقرار من وزير الاقتصاد والتجارة عامر حسني لطفي، لمصلحة شركة وكيلة تدعى «قريعة والسعدي» تحت رقم 31336، وينحصر عمل الشركة بحسب الوثيقة، في بيع الساعات، والأقراص، والقلائد الحيوية الزجاجية، والميداليات، وما إلى ذلك، وتبين أيضاً أن الشركة الأم صينية وليست ماليزية كما يدّعي بعض المروجين لها، ومع هذا مازالت الشكوك قائمة حول مسقط رأس الشركة، حيث أفادت تقارير إعلامية بأنها شركة أميركية تأسست في أميركا عام 1903.
ووفقاً لوثيقة أخرى، فقد تبين أنه تم ترقين وكالة هذه الشركة بعد عام فقط من عملها في سورية، بالقرار رقم 759 صادر عن وزارة الإقتصاد عام 2009، جاء في نصه أنه «يرقن قيد وكالة شركة Quest Net LTD الصينية المسجلة لدى وزارة الاقتصاد والتجارة تحت رقم /31336/تاريخ 30/3/2008 العائدة لشركة قريعة والسعدي ذات السجل التجاري رقم/8170/ المسجل في ريف دمشق».
إلا أن السبب الكامن وراء الإغلاق بحسب وثيقة ثالثة، فهو ممارسة الشركة للتسويق الشبكي مدعية أن لديها ترخيصاً من وزراة الاقتصاد والتجارة حينها، وهذا مخالف لموضوع الوكالة الممنوحة لـ «قريعة والسعدي»، عدا عن كونها اتخذت مقراً مخالفاً للعنوان المصرح عنه في السجل التجاري.
يجتمعون ويهربون
وعلى هذا، أكد مصدر ذو صلة في مديرية الشركات، فضل عدم ذكر اسمه أن«الشركة مازالت ممنوعة بشكل نهائي، ولم يطرأ أي جديد على ترخيصها عبر وكلائها، قريعة والسعدي»، وكل من يعمل تحت اسمها هو مخالف للقوانين» مشيراً إلى أن ««دوريات الوزارة لم تستطع ضبط أي منهم منذ 2009 وحتى الآن، كونهم يعملون في المقاهي العامة بقصد لقاء الزبائن لفترة قليلة ثم يقومون بتغيير أماكنهم»
وجرّمت«كويست نت» أو«كيو نت»اختصاراً، في العديد من الدول، بتهمة ممارسة نظام التسويق الهرمي وتعرض الزبائن لعمليات نصب، وذكر ذلك عبر عدة وسائل إعلامية في الكثير من دول العالم، مثل ماحدث في اندونيسيا، وما قامت به قناة Press TV الإيرانية، التي أعدت تقريراً مكتوباً ومصوراً عن الكوارث الاقتصادية التي ألحقتها هذه الشركة بإيران، كما أعدت منظمة France24 الإخبارية تقريراً عن بداية عمل الشركة غير المشروع في إفريقيا.
وكذلك الأمر في كل من الهند، سيريلانكا، نيبال، الفلبين، رواندا، أفغانستان، أرمينيا، تركيا، بوتان، إيران، وسورية.