رشيد رشيد رشيد رشيد

المخزون الاستراتيجي لبيض المائدة

قلنا قبل الأزمة في سورية أنه يتوجب على المربين في قطاع الدواجن وخاصة من ذوي الخبرة والاختصاصات في مجال أمهات الفروج وأمهات الدجاج البياض أن يتوجهوا إلى عملية تسمى القلش القسري أو التشليح بالمصطلح العامي للمهنة، أي إعادة استخدام الأمهات لدورة إنتاجية ثانية وكانت الغاية من ذلك التنبيه أن نكون جاهزين للأزمات التي قد نتعرض لها من خلال النقص في أعداد الأمهات في القطر وخاصة البياض وهذا ما يحصل الآن للأسف.

وأكدنا أيضاً من خلال منابر رسمية عديدة ضرورة تدخل الدولة أو تشجيع القطاع الخاص أو المشترك باستيراد جدات الدجاج البياض وتربيتها لأنها الضامن الوحيد أيام الأزمات وتعتبر مخزوناً استراتيجياً هاماً لبيض المائدة تستمر لحوالي خمس سنوات وذلك من خلال الحصول على أمهات الدجاج البياض منها والتي تعطي بدورها دجاج بيض المائدة.

وحسب الإحصائيات الأخيرة لوزارة الزراعة يوجد في سورية حوالي /10.000/ مدجنة مرخصة مستثمرة وغير مستثمرة وهي موزعة بين «فروج، بياض، أمهات فروج، أمهات بياض، جدات» وفي ظروف هذه الأزمة التي تعصف بالبلاد وانعكاساتها السلبية على مختلف جوانب الحياة وخاصة في قطاع الثروة الحيوانية وبالذات الدواجن، فقد انسحب معظم مربو الدواجن من العملية الإنتاجية وذلك لأسباب عديدة أهمها:

الأوضاع الأمنية المتوترة وصعوبة إيصال مستلزمات العملية الإنتاجية (علف، صيصان، أدوية، وقود تدفئة) بين المحافظات وضمنها إلى مزارع الدواجن.

ارتفاع أسعار تلك المدخلات بشكل كبير ما أدى لانسحاب المربين الصغار من العملية الإنتاجية. كل ذلك أدى إلى انخفاض في الناتج النهائي من البيض واللحم مما أثر على عملية العرض والطلب وارتفاع أسعارها بشكل جنوني.

وفي اجتماع نوعي لوزير الراعة مع المعنيين في مديريات إدارة الثروة الحيوانية تم التطرق إلى صعوبة استيراد أمهات البياض وتخوف المهربين من استيرادها وكذلك تربيتها الأمر الذي يؤكد الأهمية الاستراتيجية في حالة وجود جدات الدجاج البياض ودورها في استدامة تأمين الجزء الهام من البروتين الحيواني للمواطن السوري وهو بيض المائدة.

مع العلم أنه توجد في سورية مزرعة واحدة فقط لجدات الدجاج البيّاض وهي تقع في محافظة إدلب ولا يُعرف مصيرها.

وللأسباب السابقة الذكر والتي أدت بدورها إلى انسحاب معظم مربي القطاع الخاص من العملية الإنتاجي وتوقفهم عن التربية، وكذلك عندما نجد أن المؤسسة العامة للدواجن تعمل جاهدة لإستيراد أمهات الدجاج البياض رغم ظروف هذه الأزمة، هنا يأتي دور الدولة الضامن أيام الأزمات.

وتأتي أهمية إيجاد حلول مركبة آنية واستراتيجية بآن واحد وأن تتدخل الدولة من أجل استيراد جدات الدجاج البياض وأمهات الدجاج البياض بالتعاون مع المؤسسة العامة للدواجن أو مع القطاع الخاص أو المشترك.

وبعملية حسابية بسيطة، إذا علمنا أن حاجة الفرد السوري من البروتين الحيواني الخاص في البيض هي حوالي /7.2/غ يومياً واستناداً إلى كمية البروتين الموجودة في البيضة الواحدة وهي /8/غ فنجد أن المواطن السوري يحتاج إلى /324/ بيضة سنوياً تقريباً.

وإذا علمنا أن جدة الدجاج البياض تعطي حوالي /75/ صوص أمهات بياض والأخيرة تعطي حوالي /125/ صوص دجاج بيض المائدة وعلى اعتبار أن سكان سورية حوالي /23/ مليون نسمة فهذا يعني أننا نحتاج إلى حوالي /5000/ فقط من جدات الدجاج البياض لسد حاجة البلد كله مع تحقيق فائض تصديري من بيض المائدة، مع العلم أن استيراد وتربية الكمية المبينة أعلاه لا تحتاج إلى رساميل تعجز عنها الدولة والإمكانيات الفنية والإدارية موجودة في بلدنا.

جدات: هي طيور دجاج ناتجة عن عمليات تحسين وراثي من شركات عالمية تنتج بيضاً مخصّباً نحصل منها بعد الفقس على صيصان: أمهات الدجاج البياض والتي تعطي بدورها صيصان دجاج بيض المائدة.