أهالي حلب.. بين القنص والخطف وسيف ارتفاع الأسعار
مع اقتراب دخول الأزمة السياسية في سورية عامها الثالث، وتداعياتها الخطرة على البنية الاجتماعية السورية، تعمّقت المآسي الإنسانية بأشكالها المتعددة من معيشية وأمنية ووطنية في ظل غياب الدولة عن أداء دورها الوظيفي المطلوب تجاه الشعب السوري والاهتمام بأمنه واستقراره وتأمين لقمة عيشه وصون كرامته.
في حلب أصبح المواطن، أكثر من ذي قبل، فريسة سهلة أمام تجار الأزمات وعرضة للاستغلال من كبار التجار وصغارهم، الذي يعاني الأمرّين من نقص حاد في المواد الأساسية الضرورية لحياته المعيشية اليومية وارتفاع أسعارها المسعورة في ظل غياب الرقابة.
تحولت حلب إلى مدينة منكوبة كغيرها من المناطق الأخرى في المحافظات السورية، تعيش الآن كارثة مأساوية بكل أبعادها الإنسانية من اشتداد واستمرار حالة العنف الدامي وحالات النزوح والتهجير وتدمير للبنى التحية، وصولاً لمعاناة تأمين لقمة العيش.
معاناة العيش «عصت قبر»...
للوقوف على حجم معاناة أهالي حلب سأذكر بعض الحالات الملموسة التي تتعلق بتفاصيل حياتهم اليومية القاسية:
ــ الانقطاعات المتكررة للماء والتيار الكهربائي في أغلب مناطق حلب، وهي تختلف من منطقة إلى أخرى من حيث أيام وساعات الانقطاع. مثلاً في الأسبوع الفائت قُطعت الكهرباء والماء عن أغلب مناطق حلب لمدة أربعة أيام بشكل متواصل.
ــ الغلاء الجنوني الذي لا يطاق في ظل الارتفاع المسعور للأسعار: فمثلاً إذا حسبنا تكلفة طبخة محددة مثل طبخة «المجدرة»، طبعاً بدون إضافة لحم أو شحم لها، وأيضاً دون أن يقدم مع الطبخة ( لبن وفجل وبصل )، فسيكون الحساب على الشكل التالي :
ـ واحد كيلو من البرغل = 80 ل.س
ـ نصف كيلو من العدس = 40 ل.س
ـ 400 غرام من مادة الزيت = 150 ل.س
تكلفة الطبخة = 270 ل.س ( طبخة مجدرة حاف )!!
ــ في ظل عدم توفر مادة المازوت والغاز في أغلب مناطق حلب لجأ الأهالي في حلب إلى شراء مادة الحطب واستخدامها في التدفئة وتحضير طعامهم، ولكن ذلك يكلفهم كثيراً نتيجة ارتفاع أسعار الحطب (5 كيلو حطب = 150 ل.س، سعر الكيلو = 30 ل.س).
ـــ في حين وصل سعر الكيلو ومائة غرام من الخبز إلى 100 ل.س، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن ( العائلة المؤلفة وسطياً من خمسة أشخاص تحتاج لربطتين من الخبز ).
ــ أما على صعيد النقل، فرغم انخفاض سعر ليتر من مادة المازوت في السوق السوداء من 230 ل.س إلى 130 ل.س، إلا أن أجرة السرفيس بقيت 35 ل.س، وهو ما يزيد من ثقل تكاليف المعيشة على أكتاف أهالي حلب.
قنص وخطف وغياب للرقيب والحسيب...
وفوق ذلك أصبح المواطن فريسة سهلة للخطف والقنص من العصابات والحواجز في ظل غياب الرقيب والحسيب، وأصبح يفتقد لأبسط وسائل الحماية والأمن والاستقرار التي تصون له حياته.
لا يمر يوم دون أن نسمع حدوث حالات للخطف والقنص هنا وهناك، وأكبر مثال على ذلك، ما يحصل بشكل يومي في منطقة الجميلية أمام مديرية صحة حلب من حالات قنص لإمرأة أو رجل أو طفل في الحي الممتد من شارع باب النصر إلى القوتلي وصولاً للجميلية.
أما فيما يتعلق بحالات الخطف لن أدخل في ذكر كل الحالات، بل سأذكر حالة ملموسة من حالات الخطف اليومية، وهي حالة المواطن «محمد عيد العقاب»، من مواليد 1987، من أهالي حي العويجة، نزح مع عائلته إلى حي الأشرفية واستقروا هناك بشكل مؤقت، الذي خرج من منزله الكائن في حي الأشرفية يوم الخميس في تمام الساعة 8.30 مساءً لشراء علبة دخان، عند الدوار الأول !!، علماً أن تلك المنطقة توجد فيها عدة حواجز وبشكل خاص عند الدوار الأول في الأشرفية. اختفى منذ ذلك الوقت ولم يعد إلى منزله، رغم تأكيد أهله أن هاتفه الخليوي شغال منذ ذلك الوقت، حيث قاموا بدفع فاتورة خطه بقيمة (10000) ل.س، وعند اتصالهم على رقمه يجيب شخص مجهول من هاتفه ويقول لأهله لا تتصلوا بهذا الرقم مرة أخرى وإلا...!؟، مما يدل على هوية الخاطف ورغم ذلك لا يتدخل أحد.
كل ما يطلبه أهالي حلب من الحكومة الحالية أن توجّه كل اهتمامها نحو حياة الناس المعيشية والأمنية، والضرب بيد من حديد على المتلاعبين بقوت الشعب وأمنهم، لأن الوقت لم يعد في مصلحة أحد، ولم نعد نطيق الانتظار بعد. فهل من مجيب ؟