مدينة الطبقة صمود وعزيمة لم تنل منها جرائم الإرهاب
حالها كحال المدن والمناطق كلها التي تقع تحت سيطرة التنظيم الإرهابي داعش، الذي يفرض أحكامه وجوره على المدنيين فيها، اعتباراً من الدورات «الشرعية» وليس انتهاءً بالاعتقال والجلد والإعدام.
ومع اقتراب البدء بمعركة الرقة، باتت حياة ونشاط الأهالي في المدينة مقتصرة على خروجهم من منازلهم للضرورة القصوى، المترتبة على تأمين مستلزمات وأساسيات المعيشة، مع الكثير من التخوف والحذر، بالإضافة إلى القلق الدائم من التعرض للاعتقال من قبل عناصر التنظيم، بحجة اللباس والقوانين الأخرى التي فرضها عليهم.
لم تقف معاناة الأهالي عند الممارسات الإرهابية للتنظيم الداعشي، حيث تنعدم في المدينة الخدمات الأساسية كافة، فالكهرباء دائمة الانقطاع، حيث لا تأتي سوى لأربعة ساعات باليوم على أبعد تقدير، والمياه كذلك الأمر كونها مرتبطة بالكهرباء، أما الاتصالات والإنترنت فهي مقطوعة بشكل نهائي.
غلاء فاحش مع ندرة بالمواد الأساسية والغذائية التي يتحكم بتوريدها وبيعها التنظيم عبر عناصره والمقربين منه، في استغلال دائم لحاجات الأهالي ومتطلباتهم المعيشية، ناهيك عن تدنِ فرص العمل المتاحة، مما جعل غالبية الأهالي بحالة من الفقر والعوز.
وبظل القيود والمحرمات الكثيرة التي فرضها التنظيم على الأهالي، أصبحت الحياة أقرب إلى الجحيم، فهي كئيبة ومحدودة، بسبب انعدام الوسائل الأساسية للتواصل الحياتي والمجتمعي، بالإضافة إلى طغيان مشاهد الدمار والموت على المدينة.
حتى النساء لم تسلم من عناصر الحسبة النسائية التابعة للتنظيم الإرهابي، التي تقوم أيضاً بممارسة عمليات الاعتقال للنساء بحجج كثيرة وتافهة، كأن تظهر عينيها من تحت النقاب مثلاً، أو أن يسمع صوتها في الأسواق، وغيرها من المبررات التي جعلت من حركة النساء وحياتهم مقيدة بشكل كبير، حيث يتم اقتياد النساء إلى مركز اعتقال خاص بهن، فيجلدن به، كما يؤتى بولي أمرهن من أجل التعهد بعدم تكرار المخالفة أو أن يقوم هو بالجلد، ناهيك عن الخضوع لدورات «شرعية» لمدة قد تصل إلى أسبوعين، يتعرضن خلالها إلى محاولات الترهيب والإغواء، من قبل المنتميات للتنظيم، للزواج من عناصر التنظيم.
بهذه الظروف الصعبة والقاسية يعيش أهالي الطبقة، بانتظار تحررهم واستعادة حياتهم مع بقية السوريين، في صمود غير مستغرب منهم، وعزيمة لم تنل منها جرائم الإرهاب.