في الرقة الوطنية تسمو.. رغم شبح الموت
مع تواتر الأنباء عن مواجهة عسكرية محتملة، مع «داعش» في محافظة الرقة، بما فيها مركز المحافظة، ازداد تخوف الأهالي وقلقهم من نتائج هذه المواجهة، وخاصة على مستوى القصف الجوي المتوقع، وما يستتبعه من دمار وتخريب في ممتلكاتهم، وتهديد أكبر على حياتهم.
كما عكف التنظيم الإرهابي على تشديد إجراءاته في منع خروج الماطنين من المدينة، حيث يفرض على من يريد المغادرة إلى خارج مناطق سيطرته حجة تبرير لهذا الخروج تقدم إلى «الحسبة»، التي بدورها تمنحه ورقة للخروج المؤقت، بعد أن تفرض عليه وضع ممتلكاته كاملةً رهناً لديها خلال فترة تغيبه، وإلا فإن مصيرها المصادرة في حال عدم العودة.
خطبة الرحيل الفاشية.!
في الأسبوع المنصرم ألقى الفاشي المجرم أمير الرقة الداعشي أبو ليلى التونسي خطبةً في مسجد الرضوان في المدينة مخاطباً الأهالي: إنّ التنظيم قد يضطر إلى الخروج قريباً من المحافظة، وعليهم التمسك بتعاليمهم الدينية التي روجوها خلال الفترة السابقة من هيمنتهم. وهذه الخطبة تبين مدى انهزام التنظيم وأتباعه. كما قام العناصر غير السوريين من التنظيم بنقل عائلاتهم وممتلكاتهم إلى مناطق هيمنتهم في محافظة دير الزور وانخفضت نسبة تواجدهم وظهورهم العلني في شوارع الرقة 70% وهذا يؤكد مرةً أخرى رحيلهم القريب.
نزوح الأهالي.!
بدأ بعض الأهالي المدنيون بالنزوح من المدينة إلى الأرياف والمزارع المجاورة خوفاً من تعرضهم للقصف، فيما يمنعهم التنظيم من مغادرة حدود المحافظة، ويمنعهم من نقل أغراضهم وممتلكاتهم التي بقيت بحوزتهم وباتوا بين مطرقة وسندان الموت من الجهتين، ناهيك عن معاناتهم الصحية والنفسية والغذائية.! فيما رفض آخرون المغادرة، رغم المخاطر كلها.
وجهات المغادرة
أولاً: المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة: والتي تحتاج إلى وقت طويل للوصول إليها، بالإضافة إلى التكلفة التي تتجاوز الـ 100 ألف ليرة، مع ما يرافقها من مخاطر الطريق وطول مسافته، التي تحتاج أحياناً أكثر من أسبوع.
هذا الطريق يصل إلى محافظة السويداء، عن طريق ملتف من الرقة إلى العراق والعودة إلى الداخل السوري عبر التنف ثم أخيراً إلى السويداء، حيث يتم احتجاز المواطنين هناك في معسكر الطلائع، من أجل الدراسة الأمنية، التي تطول وتطول، أو أن يكون هناك كفيل من محافظة السويداء ليستطيع المغادر استكمال وجهته إلى دمشق.
ثانياً: مناطق سيطرة المجموعات المسلحة في ريف حلب: حيث يمكن أن يتوجه إليها المغادرون، بالرغم من صعوبة الطريق بسبب الاشتباكات الدائرة بشكل دائم فيه، بالإضافة إلى وجود بعض حقول الألغام التي قد تتسبب بمقتل العشرات من الأهالي، بالإضافة إلى المعاملة السيئة التي يتلقونها من قبل المجموعات المسلحة بتهم مسبقة حول الانتماء لداعش الإرهابي، مع العلم أن هذه المناطق أصلاً من المناطق التي فيها عدد كبيرا من النازحين، وتعاني سلفاً من سوء بالوضع الإنساني فيها.
ثالثاً: ريف الرقة الشمالي: تعتبر هذه الوجهة أسهل من الناحية النظرية، حيث لا تبعد سوى مسافة 50 كم تقريباً، ولكن التنظيم الإرهابي يمنع الأهالي من الخروج إلى المناطق الشمالية، بسبب معاركه الدائرة مع قوات سورية الديمقراطية التي تسيطر هناك، بالإضافة أيضاً إلى وجود حقول ألغام كان قد زرعها الطرفان في وقت سابق، ما أدى إلى نشاط بعمل المهربين الذين يستغلون ظروف الأهالي وحاجتهم للهرب من التنظيم والحرب القادمة.
ومع ذلك يتم هناك منع دخول لهؤلاء دون وجود كفيل من أهالي المنطقة، ناهيك عن أن المنطقة أيضاً غير مجهزة لاستقبال النازحين الذين يعانون من سوء بالأوضاع الإنسانية هناك.
جحيم الأسعار.!
فوق جحيم النيران، ارتفعت الأسعار أضعافاً مضاعفة للمواد الغذائية خاصةً وصارت جحيماً آخر، وباتت قليلة جداً، فقد أصبح سعر كغ الخبز 220 ليرة بتسعيرة الدواعش، كما أطلق التنظيم يد التجار والمرابين المرتبطين به وباتوا يتلاعبون بها كما يشاؤون سواء في الأسعار أم في العرض، كما يقوم أصحاب الأفران بشراء القمح وطحنه وبيعه دون تسعيرةٍ معينة مما يعرض المواطنين للموت جوعاً أيضاً.!
الانتماء الوطني قائم رغم شبح الموت
أهالي الرقة بات شبح الموت يلاحقهم، فالقوى المتصارعة جميعها تهددهم وتتوعدهم، كما وتستغلهم عبر التجار والفاسدين وأمراء الحرب، وهم لا حول لهم ولا قوة، باستثناء تمسكهم بأرضهم ووطنهم، بوحدته وتوحدهم مع بقية السوريين على طول الجغرافيا السورية، بعد أن عجز التنظيم الإرهابي رغم محاولاته كلها وإجرامه أن ينتزعهم منها، أو أن يشوه انتمائهم الوطني الذي يتمسكون به بانتظار خلاصهم من قوى الشر والتطرف كلها.