دير الزور .. بين فاشية داعش وسندان الفساد.!
منذ أكثر من أسبوعين، ومع اقتراب موعد عقد مؤتمر جنيف3 لحل الأزمة السورية حلاً سياسياً، ومن ثم انعقاده ومع الهزائم والضربات التي تلقاها تنظيم داعش الفاشي، نتيجة التدخل الروسي الجوي، كثّف هذا التنظيم هجماته وممارساته، سواء على أحياء دير الزور التي ما زالت تحت سيطرة الدولة، أوفي المناطق التي يسيطر عليها في الريف والمدينة.
فقد شدد تنظيم داعش الفاشي حصاره المفروض، منذ عام، على أحياء الجورة والقصور، اللذان بقيا تحت سيطرة الدولة، بعد أن اجتاح بلدة البغيلية، التي كانت البوابة في الريف الغربي لتزويد الأحياء المحاصرة بالمواد الغذائية المهربة، لتحقيق تقدم يغطي هزائمه خلال الفترة السابقة، كما ارتكب مجزرة وحشية ذهب ضحيتها العشرات من المدنيين واختطف المئات منهم، وقام خلال الأسبوع المنصرم بإعدام المواطن محمد الحمش من أهالي البغيلية بتهمة التعاون مع النظام، وما زال التنظيم الفاشي يمطر هذه الأحياء بعشرات القذائف، والتي ذهب ضحيتها العديد من المواطنين المدنيين الأبرياء، حيث استشهد في الأسبوع الماضي خمسة وأصيب العشرات وأغلبهم من النساء والأطفال، وصباح الجمعة 29/1 استشهد أربعة أطفال نتيجة سقوط قذيفة أمام جامع الموظفين، فيما يتخفى الإرهابيون بين المدنيين في المناطق التي يسيطرون عليها.
برد وظلام وعطش.!
مع الحصار المستمر منذ أكثر من عام، ومع سيطرة التنظيم الفاشي على بلدة البغيلية، تضاعفت معاناة أهالي دير الزور المحاصرين، فقد غرقوا في الظلام تماماً، والعطش بات شبه دائم لفقدان المحروقات نهائياً، حتى من كان لديهم مولدات صغيرة خاصة باتوا عاجزين عن تأمين المحروقات لها، وخاصة مع ظروف البرد القارس نتيجة انخفاض درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر، وبات الحطب وأبواب المنازل هي المصدر الوحيد للتدفئة والطبخ وتسخين المياه، مما أدى إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار الحطب، حيث تجاوز سعر الكيلو 250 ليرة سورية.!
جوعٌ ومرضٌ..!
ومع تضييق الخناق والحصار فُقدت المحروقات وفُقدت أغلب المواد الغذائية، وما بقي منها نادراً، وتباع بأسعار خيالية، حيث باتت تباع بالغرامات، فقد وصل سعر ظرف الحليب وزن 20 غراماً إلى 700 ليرة، ووزن 50 غراماً من الشاي 1700 ليرة، وعلبة الساردين 1200 ليرة، أما كغ اللحم فقد وصل إلى 9000 ليرة، ويباع رأس الثوم بـ 700 ليرة، بل صار يباع بالفصوص، حيث تباع أربعة فصوص بـ 250 ليرة، بينما دخل المواطن، إن وجد له دخل، لا يكفي يوماً أو يومين مع هذه الأسعار، حيث أنفقت عائلة مؤلفة من أربعة أفراد 142 ألفاً خلال عشرة أيام فقط، وتنام جائعة، مما أدى إلى ارتفاع أعداد من يموتون جوعاً، وخاصةً من النساء والأطفال وكبار السن، حيث توفي المدرس غازي خليوي من الجوع، وأمثاله كُثُر، كما ارتفعت نسب الأمراض في الأجساد المنهكة، والبعض منهم أكلها الدود وهم أحياء، نتيجة الجوع والمرض وفقدان المناعة، وغياب الأدوية وعجز الدوائر الصحية عن تقديم أبسط الخدمات، كالمواد المعقمة، ناهيك عن الأدوية.!
الفاسدون يتوحشون أكثر.!
مع ازدياد المعاناة ازدادت نسب الفساد، من أعلى المستويات إلى أدناها لدى بعض المتنفذين في المحافظة، فرغم إسقاط أطنان من المساعدات الروسية، عن طريق الجو ونقل البعض منها بالحوامات، إلاّ أن هذه المساعدات لم توزع على المواطنين إلاّ بنسبٍ ضئيلة، وعلى بعض المسؤولين، ولمن لهم الحظوة والوساطة، وبيعت لهم بيعاً رغم أنها مساعدات إغاثية. فالسلة الأخيرة المؤلفة من حوالي (1 كغ رز، وأربع علب ساردين وظرف صغير من السكر) بيعت لهم أحياناً بـ2500 ليرة، أما المواطنين العاديين فقد حرموا منها، وعلى سبيل المثال مواطن كان دوره رقم 7 في التوزيع، ومنذ الساعة السادسة صباحاً وحتى الثالثة ظهراً، مع انتهاء الدوام الرسمي، لم يحصل على حصته، ناهيك عن الضرب والإهانات والمذلة التي يتعرضون لها. وقد أغلقت المحافظة أبوابها ولم تعد توزع شيئاً، رغم وجود كميات كبيرة من الغذاء والمساعدات، و من الجدير بالذكر بان مدير الخزن والتسويق الحالي، الذي يبيع الحصص الإغاثية، كان مديراً للخضار سابقاً وأحيل إلى القضاء نتيجة اتهامه بسرقة 26 مليون ليرة، وخرج بعد سجنه مدة 6 أشهر فقط.!
أما من يريد الخروج عن طريق الجو بالحوامة، فعليه دفع حوالي 250 ألف ليرة للسماسرة وبعض المسؤولين الفاسدين، حسب ما ذكره الأهالي وما زال البعض في الحكومة يدّعون تقديم المساعدات الإغاثية، و يزعمون بأنها متوفرة بكمياتٍ كافية.!