نزار عادلة نزار عادلة

رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء: السرطان يفتك بسكان مدينة عدرا العمالية

في يوم البيئة العالمي اتخذت الجهات الوصائية في سورية قراراً بنقل «الدباغات» إلى المدينة الصناعية بجانب مدينة عدرا العمالية، تخفيفاً للتلوث عن مدينة دمشق، ورصاصة رحمة لسكان المدينة العمالية التي يحدها من الجنوب معمل الاسمنت الذي ينفث سمومهليل نهار في سماء المدينة، ومن الغرب تهب نسمات مسائية محملة بروائح الصرف الصحي لمدينة دمشق ومطاحن ومشاغل ميكانيك وأكوام من النفايات والكيمياويات.

الأخطر من ذلك أنه في مدينة عدرا العمالية تنفث مداخن شركة الاسمنت الثلاث غباراً يغطي المدينة العمالية بسحابة تمنع سكان الضاحية من نشر الغسيل خارج البيت بالإضافة إلى أمراض رئوية خطيرة بدأت بالظهوروقد سألنا مدير عام الشركة قبل عامين عنأسباب هذا التلوث الخطير وعدم معالجته فقالإن الفلاتر قديمة ومعطلة ولم توجد اعتمادات عام 2008 لشراء فلاتر، ولكن في عام 2009 سوف تُركَّب فلاتر جديدة، ونحن الآن في العام 2011 ولم تُركب لأن الجهات الوصائية استوردت فلاتر بأكثر من 100 مليوندولار ضمن صفقة فساد، وهي في المستودعات، ومازالت المداخن تنفث سمومها وتفتك بالسكان.

في شركة اسمنت طرطوس تم تركيب مجموعة فلاتر موزعة على 40 محطة، ويقول رئيس النقابةأصبحت نسبة انبعاث الغبار في الجو أقل بكثير من المقاييس العالمية وقد تم إجراء تحاليل لانبعاث الغبار من المعهد العالي للعلوم التطبيقية العالمية وكانت النتائجممتازة، حيث أثبتت أن نسبة انبعاث الغبار في الجو لا تتجاوز نسبة 9 ملغ بالمتر المكعب والمسوح به من 20 ـ 200 ملغ بالمتر المكعب حسب المعايير السورية، وهذه الفلاتر توفر ما يقارب 100 مليون لس ثمن المواد التي تمت إعادتها إلى الدارة بعد أن كانتمنتشرة في الجوهنا نقف ونقولإذ كانت النسبة المسموح بها 20 ـ 200 ملغ بالمتر المكعب، فكم هي النسب الموجودة في عدرا العمالية؟ طبعاً لا توجد معايير أو مقاييس لأن الإنسان لا قيمة له هنا، ولكن حسب ما نرى وحسب تقديرات الخبراء، فإن نسبة التلوثتصل إلى الدرجة العظمى.

رئيس الوزراء ووزير الصناعة وكل الجهات الحكومية تتحدث عن الهدر، هنا علينا أن نؤكد أنه في اسمنت طرطوس الوفر 100 مليون ل.س سنوياً.

كان مخططاً في بداية السبعينيات مع إنشاء الضاحية أن تكون حياً سكنياً لعمال الاسمنت والمؤسسات الأخرى المتواجدة في المنطقة، بدأت هكذا ولا ندري بأمر أي عبقري توسعت لتصبح مدينة يقطنها 40 ألف إنسان، تحت خطر السموم طبعاً، ومازالت تتوسع وتكبر،ومع كبرها تكبر أحلام الذين يعيشون في أعشاش وفي مدن صفيح تستهلك أجرتها أكثر من نصف رواتبهم، يحلمون بالسكن في هذه المدينة الملوثة والتي على ما يبدو أرادتها الجهات الوصائية ملوثة لكي ينتهي عمال القطاع العام بالموت الرحيم مع نهاية القطاعالعام بالموت الزؤام.

أطفال عدرا يتساءلونألا يوجد من يرحمنا من روائح الصرف الصحي لمدينة دمشق والذي يتسبب بجيوش الذباب والقوارض؟ ألا يوجد من يرحمنا من روائح المواد الكيمياوية التي تطوق الضاحية من معمل الاسمنت وأبخرته ومواده التي تغطي المدينة؟ ألا يوجدمن يرحمنا من طريق بغداد الدولي الذي يبعد عن مساكن الضاحية متراً واحداً مسبباً الكوارث اليومية والقلق وأمراض عصبية عديدة؟ ألا يوجد من يرحمنا من خزانات النفط والغاز؟!

يتساءل سكان الضاحيةهل الحكومة غائبة عن واقع هذه المدينة؟ يتساءلون لأنهم سمعوا أن هناك وزارة للبيئة ومديريات ومجالس مدن وبلدات وهيئات من اختصاصها معرفة التلوث وتأثيراته على الإنسانوأن هناك احتفالاً بيوم البيئة العالمي.

عمال بسطاء حصلوا على هذه البيوت وسكنوها رغم واقعها المرير، ولكن هناك متنفذون من مدراء ووزراء وقيادات نقابية استطاعوا الحصول على بيوت في عدرا العمالية وباعوها، وبعضهم طرحها للإيجار، وكنا نتمنى لو كان هؤلاء معنا يسكنون لأنهم كانواوبنفوذهم سيوقفون التلوث رحمة بأطفالهم، ولكن نقول لهمإذا كانت مدينتنا مطوقة بالتلوث فإن عقولنا وقلوبنا ليست ملوثة.

السيد رئيس مجلس الوزراءيرجى أخذ العلم بأن في المدينة أمراضاً غامضة انتشرت بين الأطفال وهذه مسؤوليتكم أولاً وأخيراً