بين الجائحة والتضخيم الإعلامي تزداد الوفيات
تداولت وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، مؤخراً العديد من الأحاديث والتصريحات، البعض منها متناقض، حول تفشي مرض انفلونزا الخنازيرH1N1 ، في بعض المدن والمناطق في سورية، كما تم تأكيد وجود حالات من الإصابة في كل من حلب واللاذقية وإدلب ودمشق، وبعض المناطق الأخرى، وتم تسجيل عدد من الوفيات نتيجة هذا المرض.
يشار إلى أن أعراض إنفلونزا الخنازير لا تختلف عن أعراض الإنفلونزا المعروفة، حيث تظهر أعراض الرشح العادية مع ارتفاع في درجة الحرارة، ورعشة تصحبها كحة وألم في الحلق مع آلام في جميع أنحاء الجسم وصداع وضعف أو وهن عام، وتعتبر هذه الأعراض عامة حيث يمكن أن تكون بسبب أي من الأمراض الأخرى، لذا لا يستطيع المصاب أو الطبيب تشخيص الإصابة بإنفلونزا الخنازير استناداً إلى شكوى المريض أو الحالة السريرية فقط، بل يجب إجراء الفحوصات والتحاليل المخبرية، التي يتم عن طريقها تأكيد الإصابة بالمرض أم أنها أعراض لأي من حالات أخرى.
زمر لا تستجيب للقاح
من جانبه الدكتور هاني اللحام معاون مدير الأمراض المزمنة في وزارة الصحة قال في حديث صحفي: إن مرض الانفلونزا المعروف شعبياً بمرض انفلونزا الخنازير هو مرض منتشر عالمياً، ومن الطبيعي أن يتواجد في سورية كون المسبب له هو أحد فيروسات الرشح العادي، وأنه ليس بالخطورة التي يتم الحديث عنها مؤخراً، وفي المحافظات السورية كلها تقريباً هناك حالات سلبية مصابة بفايروس H1N1)) قليلة تم رصدها ومتابعتها، لكنها ضمن النسب المقبولة إلى الآن، منوهاً إلى أن اللقاحات المتوفرة بشكل مجاني في مراكز وزارة الصحة، يمكن أن تقي بنسبة 70 الى 80% من الإصابة، لكن بعض الزمر الفيروسية المنتشرة حالياً في البلاد قد لا تستجيب للقاح.
بدوره مدير صحة حلب أكد رصد 3 حلات إصابة من أصل 51 بناءً على نتائج التحاليل، مشيراً إلى أن الإصابة بالانفلونزا تحدث بمعدل يتراوح ما بين 5-10 % من البالغين ومن 20 -30 % من الأطفال وقد تتسبب بدخول المشافي، وتتراوح أعداد الوفيات في العالم سنوياً بسبب الانفلونزا مابين250 ألف إلى 500 ألف، وبموجب إعلان رسمي بالعام 2014 فقد بلغ عدد الإصابات المسجلة 117 حالة، توفي منها 37 حالة في عموم سورية.
نفي حكومي
المسؤولون ، وعلى رأسهم رئيس الحكومة، نفوا ما يشاع عن وجود جائحة مرضية، وبأن الحالات الموجودة هي ضمن النسب العالمية وهي لا تتجاوز 1% كحالات خطرة في سورية، مؤكدين أن وزارة الصحة قامت بتوزيع جرعات من لقاح الانفلونزا على مديريات الصحة بالمحافظات، وهي مخصصة للحالات التي تقيمها المشافي، حسب التعليمات لديها والمتعلقة بهذا الشأن.
تجربة مسبقة واستهجان
المواطنون استهجنوا تلك التصريحات من المسؤولين النافية لوجود جائحة، حيث قال أحدهم: «ماعاد نعرف مين الصادق!؟ الحكومة أو وسائل الإعلام التي تحدثت عن أربح حالات انفلونزا الخنازير رغم التكتم الإعلامي، كما قال آخر: «أوقفوا جائحة ارتفاع الأسعار والسرقات، حينها نقدر أن نشتري دواءً وغذاءً جيداً، ومازوتً وغازاً للدفء، وقتها لو تأتي مئة جائحة ﻻ تؤثر، فإذا كان غذاؤنا جيداً، وبيتنا دافئاً، نفسيتنا مرتاحة، فلن نمرض ياحكومة»، مواطنة أخرى قالت: «كلمتين خفاف نضاف، البرد سبب كل علة, كيف نواجه البرد بلا تدفئة وكهرباء؟!»، وعن تجربة وخبرة قال مواطن: «طالما الحكومة (أكدت) معناها الله يستر؛ دائماً الحكومة بتنفي شائعات زيادة الأسعار أو الطاقة وتاني يوم بيطلع قرار الزيادة».
وقد وردت العديد من الأحاديث، على لسان المواطنين، عن واقع الاستهتار في بعض المشافي والمراكز الصحية، وعن التأخر أو الخطأ في التشخيص، كما عن التأخر في زرق اللقاح المطلوب، بانتظار النتيجة بعد التحاليل المطلوبة، مما أودى بحياة البعض.
بين الواقع والنفي
بين نفي بعض الجهات الحكومية لوجود جائحة، وبين تصريحات معاون مدير الأمراض المزمنة في وزارة الصحة، الذي أشار إلى وجود زمر من فيروس الانفلونزا المنتشر حالياً في البلاد لا تستجيب للقاحات المتوفرة، ومع واقع الحال الذي يستمر بتسجيل المزيد من حالات الإصابة والوفاة، فإن من حق المواطن أن يتساءل عن مدى جدية الحكومة في متابعة مسؤوليتها تجاه صحته ومستقبله، بعد أن فقد تلك الجدية والمسؤولية على مستوى خدماته ودخله وعيشه لسنوات خلت، كما يتساءل متى يمكن أن تعتمد الحكومة تسمية «الجائحة» لتتخذ الإجراءات اللازمة في مواجهتها، وكم عدد المواطنين الواجب إصابتهم بهذا النوع من الفيروسات، وكم من هؤلاء يجب أن يموتوا، قبل أن تعلن الحكومة العتيدة عن خطتها العملية لاحتواء هذا المرض، أم أن المزيد من الاستهتار بحياته وبمصيره قد بات أمراً مقضياً؟.