في قرار إغلاق المخابر اللغوية والعدول عنه

في قرار إغلاق المخابر اللغوية والعدول عنه

فاجأ وزير التربية في الحكومة السابقة أصحاب المخابر اللغوية في آذار عام 2010، وتحديداً في عيد المعلم العربي، بإصداره تعليمات تنفيذية جديدة تقضي بحصر عمل المخابر اللغوية بتدريس المواد الأجنبية غير المحلية فقط ومن دون أي سبب واضح، وعزز قراره في ذلك الوقت بأن  المعاهد قد أساءت للمدرس، وأن نتائج المعاهد متدنية، وأنه لا مشكلة بين وزارة التربية والمعاهد لو كانت نتائج المعاهد توازي المدارس العامة والمدارس الخاصة، كما رأى الوزير السابق برَّر بأن هذا الإجراء يأتي للحد من تسرب أساتذة المدارس الرسمية لمصلحة التدريس في هذه المعاهد، نظراً لارتفاع الرواتب التي يتقاضونها قياساً على رواتبهم في التعليم الحكومي.

وكان قرار وزير التربية السابق علي سعدة قد خلق بلبلة واضحة لدى أصحاب المخابر اللغوية، وكذلك بعض الطلاب وأوليائهم، حيث تأكد الجميع ان الوزارة غير جادة في وعودها وتطميناتها للطلبة بان الأمور ستكون بخير، وأن الوزارة ستتكفل بتغطية النقص الذي سيحصل جراء إغلاق هذه المعاهد، والتي وصل تعداد المرخصة منها أصولاً إلى ـ 2700، هذا عدا عن تلك التي كانت تقوم بعملية تدريس المناهج المدرسية كافة دون رخصة من وزارة التربية.

وحاول أصحاب المخابر المتضررين من ذلك القرار طرق كل الأبواب بما فيها مجلس الشعب الذي طلب أعضاؤه توضيحاً من رئاسة مجلس الوزراء حول أسباب إصداره، في الوقت الذي اعتبر فيه أصحاب المعاهد أنها كانت البديل لأصحاب الدخل المحدود من المدارس الخاصة الخمس نجوم على حد تعبيرهم أو بعض المدارس العامة التي لا تقوم بأداء دورها التدريسي كما يجب.

ورأى أصحاب هذه المعاهد أن التداعيات كثيرة من ضمنها زيادة نسبة العاطلين عن العمل من مدرسين وإداريين ومستخدمين، وبالتالي تحول أكثر من /30000/ مواطن إلى عاطل عن العمل ليشكلوا ضغطاً جديداً على الاقتصاد والمجتمع.

من جهته رئيس وزراء الحكومة الراحلة كان داعماً قوياً لقرار وزير التربية، ورأى أن بلاغ وزارة التربية، لا رجعة فيه، وأشار إلى أن سحب تراخيص المعاهد جاء منسجماً مع تعليمات رئاسة مجلس الوزراء، بهدف إعادة الطالب إلى مدّرسه، ومدرسته، ولفت إلى أن هناك عملية تدمير للعملية التربوية، جراء غلاء ساعات التدريس الخصوصية، وعدم إعطاء المعلومات من المدّرس في المدرسة كما يجب أن تعطى، حيث تعطى في المعاهد الخاصة، والهدف من اغلاق المعاهد هو نجاح العملية التربوية .

ووصف بعض المختصين هذا الإجراء بالحكيم، وبالمقابل، تخوف البعض أن يفسح هذا الإجراء المجال أمام الدروس الخصوصية في المنازل لتنشط دون ضوابط.

 

قرار على الرف

ولكن الذي حصل أن ذلك القرار بقي كالكثير من قرارات وزارة التربية حبراً على ورق، فالعديد من أصحاب المعاهد الواصلين والمدعومين استمرت أنشطتهم في استقطاب الطلاب، وكأن شيئاً لم يحصل، في حين أن بعض المعاهد «غير المدعومة» اضطرت إلى إغلاق أبوابها خوفاً من المخالفة، وكان هؤلاء المساكين يتخوفون من مداهمات موظفي التربية الذين رفدوا لهذا الأمر، وكالعادة استشرى الفساد في هذه القضية أيضاً، وتحالف بعض الموظفين مع بعض أصحاب المعاهد مقابل المعلوم، وتناهت إلى مسامعنا العديد من المخالفات التي كان يرتكبها هؤلاء الموظفون الفاسدون، حيث كانوا يهاتفون أصحاب المعاهد قبل مجيئهم ليقوموا بأخذ احتياطاتهم من تفريغ المعهد من الطلاب، أو إغلاق الأبواب الرئيسية للمعهد ريثما تنتهي الزيارة بسلام.

 

استغلال ظروف البلد

ومع تفجر الأحداث في البلد أعاد أصحاب المخابر اللغوية المرخصة طرح قضيتهم من جديد، الذين شرحوا فيها التداعيات التي أدت إلى عدم السماح لهم بتدريس المواد التعليمية لطلاب الشهادتين واقتصر فقط على تدريس اللغات الأجنبية. وتحت ضغط الظروف المستجدة، أعادت وزارة التربية النظر بالقرار المذكور كنوع من مغازلة تلك الشريحة الكبيرة، ومحاولة امتصاص نقمتها، وخاصة لم تكن الأحداث الجارية ملتهبة بهذا الشكل الحالي

والسؤال الذي يطرح: ألن تتخلص وزارة التربية من قراراتها الارتجالية التي تضرب بين الحين والآخر صميم العملية التربوية في البلد؟؟

ماذا كانت دوافعها عندما قررت إغلاق تلك المعاهد؟ وكتب عن ذلك الموضوع عشرات المقالات التي نادت بالعدول عن القرار كون وزارة التربية غير قادرة على حل المشكلة وحدها؟

وماذا «عدا ما بدا» حتى تراجعت عن قرارها؟ ولماذا لم يقدم الوزير الجديد رؤيته حول سلبية القرار السابق وإيجابية العدول عن ذلك القرار؟؟

إنها التخبطات التي تتكرر كل سنة، والضحية الوحيدة فيها هو الطالب السوري بالدرجة الأولى.