!يحدث في وزارة الاقتصاد.. النقابات والقضاء والشرائع تؤيدهم.. أما الجهات المسؤولة فتمنعهم من وظائفهم
هذه المعاناة التي نحن بصدد الكتابة عنها لا تخص من أجرينا معه اللقاء، أو بالأحرى الذي أعطانا المعلومات، وإنما تخص العمال الذين يعملون كجنود مجهولين في المخابز، سواء عمال لجنة المخابز الاحتياطية، دون تمييز، أو فئة الموظفين والعمال المؤقتين الذي يصلون الليل بالنهار بالعمل في سبيل تأمين الخبز الكافي للشعب كافة.
وحين نطلق صفة الجنود المجهولين على عمال المخابز، فمن الطبيعي الدفاع عنهم وعن حقهم الضائع، لا بل عن حقوقهم الضائعة، يقول رئيس الاتحاد المهني لعمال الصناعات الغذائية إبراهيم عبيدو لـ«قاسيون»: «بداية هناك عدد من العاملين الذين يعملون بالشركة العامة للمخابز بصفة مؤقتين قبل صدور القانون الأساسي للعاملين بالدولة رقم /50/ لعام 2004، وعند صدور قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم 16469 تاريخ 12/11/2011، الذي حدد بموجبه إجراءات وأصول التعيين والتعاقد ومنها إجراءات التعيين بموجب اختبار للفئات الثالثة والرابعة، ولكن الفرحة لم تكتمل بسبب المادة /162/ من القانون الأساسي رقم /50/ التي تنص على ما يلي:
يضاف إلى شروط التعيين في الفئة الرابعة بعد انقضاء مدة ست سنوات على نفاذ هذا القانون أن يكون المرشح حائزاً على شهادة التعليم الأساسي، وبالتالي ضاعت فرصة هؤلاء العمال وضاعت خبراتهم، لذلك نقترح صدور قرار من رئاسة مجلس الوزراء استثناء هذه الشريحة لمرة واحدة فقط».
إن زيادة الإنتاج في مخابز القطاع العام تجاوزت 210%، لكن ومع ذلك فإن العامل لا يستفيد من هذه الزيادة شيئاً، لأن سقف الحوافز الإنتاجية يضيّع عليه مبالغ زائدة، وبالتالي يفتح المجال للمخابز في القطاع الخاص لبيع المادة الأولية من دقيق ومازوت بطريقته وبالسعر الذي يريده، كون المادة متوفرة في القطاع العام، والضبوط التموينية تؤكد ذلك، علماً أن عمال المخابز لا يستفيدون من المادة /65/ من قانون الضمان الصحي، باستثناء المعاينة الطبية.
من هنا يقدم عبيدو مجموعة من المقترحات الهامة والضرورية لمصلحة هؤلاء العمال منها:
«المطالبة بفتح سقف العمل الإضافي، واعتبار عمل العاملين في الشركة العامة للمخابز من الأعمال التحضيرية والتكميلية من أجل تغطية عمل العاملين أيام العطل والأعياد الرسمية، كما بات من الضروري فتح سقف الحوافز الإنتاجية لأن نسبة التنفيذ وصلت في بعض المخابز إلى أكثر من 200%، وهذا موثق في مذكرات العمل الدورية للمخابز».
ويؤكد عبيدو في مقترحاته «على ضرورة تثبيت جميع العاملين من مؤقتين ووكلاء ومياومين، طالما أنهم يعملون على وظيفة تتطلب الاستمرارية في العمل وبالتالي نكون قد استفدنا من خبراتهم ونسبتهم حوالي 40%، وتأمين وسائط نقل للعمال من وإلى مركز عملهم كما باقي الشركات والمؤسسات، وعلى الرغم من أن العاملين في المخابز لا يعطلون حتى أيام الراحة الأسبوعية، ومع ذلك فإنه لم يتم صرف بدل إجازة سنوية لأي عامل، وحتى الوجبة الوقائية في المخابز تعطى لوظيفتين فقط في المخبز، علماً بأن جميع العاملين يتعرضون لذات طبيعة العمل، وبالتالي فالمفروض استفادة جميع العاملين منها».
ويعرب عبيدو عن استغرابه للطريقة المعالجة حين يقول: «والمفارقة إن المدير العام يشارك الرأي بكل ما تقدمنا به آنفاً، لكنه في كل مرة يرد علينا قائلاً: هذه هي القوانين والأنظمة وأنا مستعد لتقديم كل ما تسمح به هذه القوانين».
في ختام تصريحه لـ«قاسيون» يدعو عبيدو «الجهات المعنية كافة إلى دعم هذا القطاع، لأن عمال هذا القطاع هم بالفعل الجنود المجهولون الذين يصلون الليل بالنهار لتأمين مادة الخبز وهم بذلك يستحقون نيل حقوقهم دون نقصان، وضرورة إعادة كل من فصل أو سرح إلى عمله كنوع من التعويض عن الخسائر المادية والمعنوية التي لحقت به، ودون النظر إلى صفة (المؤقت) فالوزارة تنظم عقودا كثيرة تحت هذه الصفة واعتقد أن الأمر ليس صعبا على وزير الاقتصاد».
ونحن بدورنا في «قاسيون» نضم صوتنا لرئيس الاتحاد المهني للصناعات الغذائية في كل ما قاله، ونتساءل: متى سيقتنع مسؤولو وزارة الاقتصاد بضرورة معالجة وضع العاملين في لجنة المخابز الاحتياطية لجهة إحداث ملاك لها، وتثبيت العاملين لديها الذين ساهموا في إنجاح هذه التجربة المهمة، ومعالجة وضع اللجنة لا يعني الإسهام بقتل التجربة ودفنها في نعش «التخبيصات» الذي ينتقل من وزارة لأخرى؟؟!!.
وأخيراً ليعلم جميع مسؤولي الوزارة أنه وفي بعض المراحل كانت لجنة المخابز الاحتياطية هي وحدها الرابحة بين القطاعات المختلفة، ولعل طرح قضية هؤلاء المحقة ستفتح معاناة المؤقتين في القطاع العام، وأن حدوث أية إرباكات أو مشاكل مهنية سيكون هؤلاء أول الخاسرين، وطالما هم يعملون ويحملون صفة موظف فهذا يعني أن مؤسسات القطاع العام بحاجة لهم، وبالتالي فمعالجة أوضاعهم ضرورة اجتماعية واقتصادية، والمعالجة لا تعني تثبيت هؤلاء فقط، بل وضع المعايير والقواعد الاقتصادية الواضحة في استخدام مثل هذه العمالة من الآن وصاعداً، وعلى الجهات التي استخدمت هذه العمالة جعل قرارات المعالجة لأوضاعهم شغلها الشاغل من باب أنه قرار اقتصادي، ويجب إصدار القرارات اللازمة لأجله لا البحث فيه على أساس أنهم خلقوا مشكلة ليس لها حل، وبما أن هؤلاء عمال منتجون فإن الوطن بحاجة لهم ولإنتاجهم على حد سواء.
فهل وصلت الرسالة يا سيادة الوزير؟؟!!.