الارهاب الداعشي في البوكمال

الارهاب الداعشي في البوكمال

يستمر تنظيم داعش الإرهابي بممارساته التنكيلية تجاه من تبقى من أهالي البوكمال، بكافة الوسائل والأساليب «الشرعية» المتاحة، لتضييق الخناق عليهم مع التهديد بالمزيد من أعمال التنكيل إن لم تتم مبايعة التنظيم من قبلهم.

حيث عمد التنظيم ومنذ سيطرته على المدينة على ترهيب الأهالي بجملة من الممارسات القمعية، بغاية تطويع إرادتهم، اعتباراً من عمليات القتل وليس انتهاءً بالممارسات القهرية بحجة اللباس الشرعي.

ممارسات ترهيبية

فما زالت تلك العصابات تقوم بحملات المداهمة على المحلات التجارية بمدينة البوكمال، التي باتت شبه خالية، لسرقة المواد الغذائية والتموينية، بحجة أنها فاسدة مثلاً، كما وتقوم عناصر الحسبة بتعمد مضايقة الأهالي بحجة اللباس غير الشرعي، حيث تقوم تلك العصابات بجلد الشباب وصلبهم بتهمة حلق اللحية، أو عدم التقيد باللباس الشرعي، وذلك في الساحة العامة في المدينة، مع عمليات المداهمة للمنازل والقيام بسرقة الأشياء الثمينة التي يمكن بيعها، مع إجراءات التوقيف على الحواجز وسرقة ما يحمله الهاربون من المدينة من مال وأشياء أخرى بقوة السلاح، حيث ينعم عناصر التنظيم بوفرة الغذاء والدواء، وأبناء المدينة يشكون من شح المواد الغذائية وغيرها والدواء، وحالات المرض بتزايد مستمر، إضافة إلى قطع المازوت عن الأهالي لرفع سعره، حيث قام التنظيم بإبلاغ أصحاب محلات بيع المحروقات داخل المدينة بإغلاق محالهم وافتتاحها على أطراف المدينة.

كما يتعمد التنظيم الإرهابي التدخل بأدق تفاصيل الحياة اليومية للأهالي، فارضاً وجوده عنوةً مع التهديد الدائم، حيث بات الأهالي بعيدين كل البعد عن العيش بحرية وكرامة بوجود هؤلاء الإرهابيين، حيث يقوم بتفتيش المصلين قبل دخولهم المساجد، إضافة لعمليات الاعتقال بتهمة التدخين مع فرض الغرامة والجلد، ناهيك عن القتل رجماً بتهمة الزنى، وغيرها الكثير من الممارسات الإرهابية والترهيبية.

الاعتقالات بالجملة

كما وتشهد المدينة وبشكل دائم حملات اعتقال دونما أسباب مبررة، ولا تخلو من وسائل العنف، مع الضرب والألفاظ النابية والقذف بالأخلاق، حتى أن نساء المدينة لم تسلم من تلك الحملات عبر النساء الداعشيات، اللائي يقمن بتلك الاعتقالات بحجج سخيفة غالباً، لسوقهن إلى مراكز الحسبة، مع إجراءات حظر التجول التي يعلنها التنظيم في بعض المناطق، عندما يشعر عناصره بحالة من الهلع أو التخوف من التحركات الشعبية، نتيجة الاستياء، مع إطلاق للأعيرة النارية قرب المنازل لإخافة المدنيين والنساء والأطفال وترويعهم.

كما وتقوم تلك العصابات باعتقال الشباب من أجل حفر الخنادق على جبهات القتال، ومن يعترض أو يحاول الهرب يتم جلده وصلبه، إضافة إلى إرسال البعض منهم إلى العراق لزجهم في المعارك هناك والموت فيها، حتى باتت شوارع البوكمال شبه خالية جراء تلك الحملات الواسعة والمتكررة.

واقع الطفولة

ليس ذلك فقط، بل إن التنظيم الإرهابي يقوم بين الحين والآخر بعمليات اعتقال للأطفال والمراهقين، وسوقهم إلى أماكن مجهولة عبر شرطته العسكرية، دون معرفة السبب ودون رغبة أهاليهم، كما ويقوم باستغلال الأطفال عبر إغرائهم بالمال والهدايا والجوائز، من أجل تدريبهم وإرسالهم إلى الموت عبر القيام بعمليات انتحارية. 

طرد ومصادرات

وبغية المزيد من فرض الوجود بقوة السلاح تقوم عصابات داعش الإرهابية بمصادرة السيارات والدراجات النارية بتهم تافهة وتعتقل أصحابها، كما وتقوم بمصادرة بعض المنازل وطرد الأهالي منها مع الإذلال وعدم فسح المجال أمام المطرودين إلا بأخذ الثياب، من أجل أن تكون تلك المنازل جاهزة للسكن من قبل عناصر التنظيم، كما يقوم بمصادرة أي منزل يكون صاحبه خارج سورية، ولو كان أهله وذووه يقطنون فيه، مما زاد من معاناة جزء هام من الأهالي، وكأن التنظيم يسعى إلى تفريغ المدينة من سكانها المتبقين.

حتى الانترنت لم يسلم

كما مارس التنظيم عمليات التضييق على محلات الانترنت في المدينة، وقام باعتقال الشباب في المدينة بتهمة التآمر على التنظيم، كما قام بقطع الشبكة وإغلاق الصالات بتهمة «نشر الفساد في الأرض»، مع فرض غرامات مالية عالية تصل إلى 1000 دولار.

الكادر الطبي 

ومع تردي الواقع الصحي، قام التنظيم بالتشدد تجاه الكادر الطبي في المدينة، وخاصة الأطباء والممرضين، حيث منعهم من مغادرة المدينة إلا بتصريح من واليها، كما ويقوم بممارسة الضغوط على هؤلاء من أجل العمل معه لمعالجة مقاتليه وأتباعه فقط، بما في ذلك وسائل الاعتقال من أجل تلك الغاية.

جمع الأموال هدف وغاية

التنظيم وبمجمل سياسته المنهجية التي يتبعها بذريعة «الشريعة وأحكامها»، يسعى كي يكون هو الجهة الوحيدة التي تملك الإمكانية الاقتصادية في المدينة، إضافة إلى احتكاره السلاح، فهو يفرض الضرائب على المواد التي تدخل المدينة أو التي تخرج منها، إضافة الى جمع التبرعات الإلزامية، مع التعرض للاعتقال بحال التمنع، كما ويقوم باحتكار توزيع بعض المواد عبر عناصره فقط وبالسعر الذي يرونه مناسباً، وخاصة مادة الخبز، مع عمليات السلب التي تتم على حواجزه ،حيث يمنع هروب الأهالي من المدينة إلا بعد سلبهم المال وأشيائهم الثمينة، كما يقوم بنهب محتويات المنازل التي تركها أصحابها، وذلك كي يبقى التنظيم بمقاتليه وأتباعه محتكراً لجملة النشاط الاقتصادي في المدينة على حساب الأهالي، ومحتكراً لسلطة المال وتوزيع الثروة.

خلافات وخلخلة صفوف

كل تلك الإجراءات التعسفية والإرهابية التي يمارسها التنظيم لم تمنع الأهالي من الخروج بمظاهرات ضد هذا السلوك القمعي والقهري الذي باتوا يعيشونه، كما باتت تظهر الخلافات بين صفوفه أيضاً، مع تبادل لإطلاق النار أحياناً، وقد ظهرت بالآونة الأخيرة مجموعة مسلحة مقاومة للتنظيم، وتخط الشعارات ضده في الأماكن العامة، كما وتقوم بوضع الكمائن وأسر بعض عناصره بعد سلبهم لأسلحتهم، ما وضع التنظيم بحالة من التخبط، الأمر الذي قام على إثره بتصفية بعض أمرائه وقادته، بحجج «شرعية» مختلفة، وجوهر واحد هو الصراع على المال والسلطة في التنظيم الذي بات مهلهلاً بالواقع العملي.