المهجرون في طرطوس نحن في وطننا.. والممارسات السلبية تصرفات فردية

المهجرون في طرطوس نحن في وطننا.. والممارسات السلبية تصرفات فردية

تكتظ محافظة طرطوس بعشرات الآلاف من المهجرين السوريين، من مناطق مختلفة في البلاد، وتحديداً من تلك المحافظات التي شهدت أوضاعاً أمنية متوترة، وما حدث من نزوح إثر ذلك، وبغية الوقوف على أوضاع هؤلاء المهجرين، استطلعت «قاسيون» أوضاع بعض الأسر السورية المقيمة في طرطوس، للوقوف على أوضاعهم، لاسيما بعدما استغلت بعض وسائل الإعلام هذا الواقع، لإثارة نزعات طائفية، مستثمرة حوادث ثانوية وتفصيلية.
خلال استطلاعنا، لاحظنا أن العدد الأكبر من المهجرين هم من أبناء محافظة حلب، حيث يوجدون في أغلب بلدات المحافظة، وفي مصانعها وورشها وأسواقها، لا سيما بعد انتقال عدد كبير من الصناعيين والحرفيين من حلب إلى طرطوس.

التقت «قاسيون» في إحدى مزارع منطقة يحمور بالمواطن، أحمد العلي، من حلب تحدث قائلاً: «أنا أعيش هنا في هذه المزرعة منذ سنتين، وكان حظي طيباً لأنني أعمل عند إنسان كريم ومحترم، فأنا أوفر أجرة المنزل، وهنا في هذه المنطقة تنتشر مئات العائلات الحلبية التي تعمل هنا، وأركز على أجرة السكن لأنها المشكلة الأكبر للوافدين».


التكاتف الشعبي يتجاوز التضييقات

يسهب أحمد في التأكيد على «إننا لم نتعرض هنا لأية مشكلة أو مضايقة من السكان، على العكس فنحن لم نشعر هنا إلا أننا كلنا سوريون، بغض النظر عما أفرزته الأزمة من خلافات»، أحمد الذي قصد طرطوس من محافظته إدلب، روى لـ«قاسيون»: «لقد جئنا إلى طرطوس منذ ثلاث سنوات، عندما سيطر مسلحون على منطقة معرة النعمان، وطلبوا مني انشقاق أولادي الثلاثة الذين يخدمون في صفوف الجيش السوري، فرفضت ذلك وتركت قريتي لأنهم سينتقمون منا، وأنا أعيش هنا في إحدى المزارع عند أحد الناس الطيبين مع أولادي السبعة، حيث نعمل بالزراعة لكي نعيش، وكلنا أمل بقدوم الفرج والحل السياسي». وتابع أبو إبراهيم: «إننا نعيش هنا منذ ثلاث سنوات، ولم نتعرض لأية مضايقة، فأهالي طرطوس مضيافون وطيبون وأناس حضاريون ولم نشعر بالغربة بينهم أبداً».
من جهته، يقول أبو وليد، من محافظة دير الزور: «أنا هنا في قرية النورس منذ أربع سنوات، وأعمل طياناً، علماً بأنني درست الهندسة الميكانيكية، ولكن بدنا نعيش.. أنا متزوج ولدي خمسة أولاد.. إنني محظوظ بأنني أعيش في منزل أحد فاعلي الخير مجاناً، فنحن لا ندفع إلا الكهرباء والماء، وهذا المواطن الشريف الوطني يستحق كل التحية والاحترام، لأنه يستضيف 25 عائلة غيري مجاناً، وهذا دليل على طيبة وكرم أهالي طرطوس ونحن هنا نعيش بسلام ولا توجد أية مضايقات علينا من أحد».


ما يجري على النازحين يجري على أهل المنطقة

بدورها، تروي أم عامر من حلب: «لدي خمسة أولاد، اثنان منهم يخدمان في صفوف الجيش منذ ثلاث سنوات، أما ولدي الثالث فقد توفي منذ سنتين تقريباً بعد أن صعقه سلك كهربائي. لهذا، قمنا برفع دعوى تأمين على مؤسسة الكهرباء، ولكن حتى الآن لم نأخذ التأمين بسبب الروتين والمماطلة، ولا نعرف إن كان السبب عدم دفع رشوة، كما قال الكثيرون ونحن لا نملك المال».
وتابعت أم عامر: «سمعت في الفترة الأخيرة أنه جرت حادثتا قتل طالت شابة من حلب، وأنا هنا أوكد أن هذه الحوادث هي فردية وشخصية، وليست لها أية خلفية طائفية، فأنا أعرف عشرات حوادث القتل والتشليح التي طالت أهالٍ من طرطوس بسبب الطمع أو فوضى السلاح أو التشليح، وأناشد كل المهجرين، خاصة من حلب، عدم الاستماع لهذه الشائعات لأنها كاذبة، ولم نر من أهالي طرطوس إلا كل خير». أما المواطنة سميرة، من مدينة حمص، فقد قالت: «نحن هنا منذ أربع سنوات، ورغم الاتفاق وتوقف القتال وخروج المسلحين من حمص القديمة، التي كنا نسكن فيها، إلا أنه حتى الآن لم تتوفر المياه والكهرباء لكي نعود إليها فنحن اشتقنا لبيتنا، ولو بغرفة واحدة..!».
عبد القادر كيالي، من حلب، روى لـ«قاسيون»: «أنا أسكن في بلدة الحميدية منذ ثلاث سنوات نتيجة الحرب»، وتساءل عن «تأخر المعونة والإغاثة أكثر من ثلاثة أشهر، علماً أننا كنا بالعام الماضي نأخذها كل شهر، ويتحدث الكثيرون عن الفساد المتفشي في الجمعيات الخيرية والبلديات، وطريقة التوزيع، ونطالب بوجود مكتب للشكاوي لمشاكل المهجرين في كل بلدية لمعالجة أوضاعهم».

ارتفاع الآجارات والغرامات

في المقابل، تؤكد أم حمدو، المواطنة الحلبية المتزوجة ولديها ثمانية أولاد: «تهجرنا منذ سنتين بسبب دخول جماعات مسلحة أغلبهم أجانب وشكلهم غريب، وأصبحت معيشتنا لا تطاق هناك، لأنهم يتدخلون بكل شيء.. إنني أوجه التحية لأهالي طرطوس الطيبين الذين نعيش معهم بمحبة ووئام، ونحن نعيش هنا، رغم كل الاختلافات البسيطة، ولا أحد يسأل الأخر عن دينه فالذي نعرفه إننا كلنا سوريون».
بدوره، يقول محمد أبو راس من حلب: «أنا أعيش هنا في شاليهات الخليج بالمنطار، واستأجر منزلاً، وتم تغريمي من قبل مؤسسة الكهرباء بمبلغ 25 ألف ل.س لاتهامي بسرقة خط كهرباء، علماً بأنني أدفع لصاحب البيت الأجار مع الكهرباء، ولا علاقة لي بالموضوع.. أتمنى على مؤسسة الكهرباء إلغاء هذه الغرامة الظالمة بحقي».
أما المواطن الرقاوي، غسان خليف، فيؤكد «لقد تهجرنا من الرقة بعد دخول داعش علينا، ووضعوا قوائم لأسماء بعض المواطنين لتصفيتهم انتقاماً، فهربت من هناك، وأعيش حالياً بمنطقة المنطار، ولا يوجد هنا أية مشاكل أو مضايقات أبداً. عدا عن.. أتمنى من أصحاب المنازل الرأفة بنا وتخفيض الآجار».