امتحانات الشهادتين.. تغيير نظام التقييم هو الحل
في مشهد يتكرر مع بداية كل يومي امتحاني تجدهم يجتمعون أمام أبواب المراكز الامتحانية ريثما يبدأ الامتحان. يتفقدون الأصدقاء وتجري بين بعضهم أحاديث علنية عن طرق الغش الامتحاني.
فرصة الفتيات في إدخال المصغرات والاستفادة منها أعلى من فرصة الشباب نظراً لحرج المراقبين من تفتيش الفتيات على عكس الشباب. بحسب وزارة التربية تقدم أكثر من 230 ألف طالب وطالبة لامتحانات الشهادة الثانوية العامة لدورة 2015 بفروعها المختلفة في سورية .
محافظات محرومة
حرمت الأحداث الأمنية الجارية عدداً كبيراً من الطلاب السوريين من التقدم لنيل الشهادة الثانوية. حيث يعاني طلاب محافظة الرقة مثلاً، من منع داعش للعملية التعلميمة، وكذلك منعهم من السفر لخارج المحافظة للتقدم للامتحانات. وكذلك الأمر في كل من ريف حلب وريف دير الزور.
يقول الصحفي مالك الجاسم من مدينة دير الزور. لقاسيون: تفرض المجموعات المسلحة، وما يسمى «تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد الشام والعراق» حصاراً على مدينة دير الزور منذ خمسة أشهر. ومنع الطلاب من التوافد إلى مدينة دير الزور. التي يتقدم فيها هذا العام 6357 طالباً منهم 2729 طالباً للفرع العلمي و2886 طالباً للفرع الأدبي و45 طالباً للثانوية التجارية و15 طالبة لفرع الثانوية النسوية و7 طلاب فقط للثانوية الشرعية. يتوزعون على 45 مركز ضمن مدينة دير الزور وأحيائها.
ويتابع مالك: كان عدد الطلاب المتقدمين للامتحان سيكون أضعاف هذا الرقم لو أن الأوضاع الأمنية تسمح بذلك. مضيفاً أن الطلاب في مدينة دير الزور يعانون من الانقطاع الكامل للتيار الكهربائي عن المدينة «دير الزور» والمستمر منذ ثلاثة أشهر متواصلة حيث يعتمدون على وسائط بدائية للإنارة، وهذا يؤثر على دراستهم إضافة إلى الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة. مما جعل عدداً كبيراً من العائلات تحجم عن وضع مدرسين خصوصيين لأبنائهم.
وأوضحت وزارة التربية أنه تم افتتاح مركزاً لتسجيل طلاب محافظة الرقة «نظاميين وأحرار» في محافظة حماة منذ بداية التسجيل لدورة 2015. وبالنسبة للطلاب المهجرين من محافظة إدلب يمكنهم التقدم في أية محافظة يقيمون فيها.
الترشيحي لم ينجح
قامت وزارة التربية بإحداث نظام للترشح للامتحان النهائي للثانوية العامة، وذلك للطلاب الأحرار، على أمل أن يحد هذا الإجراء من التجاوزات التي حصلت العام الماضي.
جاهدة نوح مدرسة ومراقبة للعملية الامتحانية. تقول: لم يتغير علينا تصرف الطلاب الأحرار بعد إجراء اختبار الترشح للامتحان النهائي. حيث لازال عدد قليل من الطلاب الأحرار يضعون بطاقة عسكرية أو أمنية إلى جانب بطاقاتهم الامتحانية، رغم التنبيهات الكثيرة التي يصدرها المراقبون ومدير المركز. وتضيف: معظم المتقدمين للامتحان يقومون بهذه التصرفات وهم لا يريدون التعلم بل لديهم هدف واحد وهو نيل الشهادة من أجل التوظيف أو تعديل الوضع الوظيفي لكن بتصرفاتهم غير اللائقة مع المراقبين وزملائهم، من طلب بالصوت العالي والشغب، للسماح لهم بالغش يضرون بقية الطلاب. وتتابع جاهدة مع الأسف يقوم البعض من هؤلاء الطلاب بالتوعد للمراقبين بضربهم خارج المركز الامتحاني، في حال قمنا بمخالفتهم. وهذا أمر معيب بحق المدرسين. ونحن بالفعل نخشاهم بسبب سطوتهم ضمن الظروف الحالية في البلاد.
درس خصوصي
باتت الدروس الخصوصية طقس من الطقوس التي تسير جنب إلى جنب مع العملية الامتحانية. لكن هذا التقليد بات أمراً ضرورياً بعد ارتفاع عدد الطلاب داخل الصفوف المدرسية خلال العام الدراسي. إضافة إلى أن عدداً كبيراً من الطلاب النظامين انقطع فترة ما عن الدراسة، وذلك بسبب الظروف الأمنية التي تمر يها سورية منذ أربع سنوات.
تكتظ قاعة المعهد الخاص بالطلاب، حيث تم تقسيم الطلاب إلى أكثر من دفعة. يقول مدير أحد المعاهد الخاصة: نحن نحاول أن نقدم المعلومات المفيدة للطلاب بأسعار تكون مقبولة. بعد أن وصل سعر الساعة الواحدة لجلسة المراجعة الى 1500 ليرة.
طبعاً تتفاوت أسعار المعاهد الخاصة بين حي وأخر وكلما كان الحي راقياً كلما ارتفع سعر الدرس الخصوصي، حيث تجاهل الكثير من أصحاب المعاهد الخاصة التسعيرة التي وضعتها وزارة التربية.
تقول أم وجد: لم نتمكن من تحصيل ساعة واحدة من وقت مدرس الفيزياء، حيث حجز كامل وقته. رغم أن سعر ساعته تضاعف إلى ثلاث مرات ليلة الامتحان. وتتابع مع الأسف تحول موضوع الدروس الخصوصية لدى بعض المدرسين إلى عملية تجارية بحتة، بعد أن كانت عملية مساعدة إلى جانب الدروس العادية، لكن تراجع العملية الدراسية دفعنا إلى البحث عن مدرس قادر أن يعطي المادة بشكل جيد مهما ارتفع سعر الدرس الخصوصي.
من للمعلم ؟؟؟
يتوجب على المدرسين العاملين ضمن كوادر وزارة التربية القيام بعملية المراقبة للامتحانات الشهادة الإعدادية والشهادة الثانوية والدورة التكميلية. إلى جانب قيام المدرسين المختصين بعملية تصحيح للأوراق الامتحانية.
يغص المركز الامتحاني بجديدة عرطوز الفضل، بالمدرسين المكلفين بالمراقبة كاحتياط . حيث قارب عددهم 200مدرس ومدرسة. حيث عانى معلمو محافظة القنيطرة هذا العام من تشتت مراكزهم الامتحانية بين ثلاث محافظات هي: القنيطرة ومحافظة ريف دمشق ومحافظة دمشق.
سهير مدرسة تم تكليفها للمراقبة على امتحانات الشهادة الإعدادية ومن ثم تم تكليفها بالمراقبة كاحتياط لامتحانات الشهادة الثانوية. تقول: أنا لدي وضع صحي يمنعني من الوقوف لفترات دون الاستراحة، وعلى هذا الأساس حصلت على تكليف الاحتياط. لكن ما لم نستوعبه هو استدعاؤنا مرة ثانية للمراقبة في امتحانات الشهادة الثانوية. علما أن زملاؤنا المدرسين استلموا تكاليف بالمراقبة في مرحلة امتحانات الشهادة الثانوية. وتتابع نحن نأتي كل يوم امتحاني إلى مركز الاحتياط ونجلس في أماكن غير مخصصة للمدرسين كالمقاعد الضيقة، والبعض منا لم يجد ما يجلس عليه، فبقي في الباحات أو على المدرجات الخارجية. وذلك دون وجود عمل مخصص لنا. وتسأل: لماذا لم يتم ضبط عملية المراقبة منذ البداية، كي لا نتعرض للمشقة والبهدلة بين المراكز الامتحانية، خاصة وأنه يوجد مدرسون متقدمون بالعمر لم يستريحوا بعد من العام الدراسي، في حين تمكن عدد من المدرسين الصغار بالعمر نسبياً من إعفاء أنفسهم من عملية المراقبة.
ما الحل؟
تصدر وزارة التربية في كل موسم امتحاني العديد من القرارات، التي تؤكد على محاسبة الطلبة، وردع محاولات الغش، ولكن واقع الأمر أن الظاهرة تستفحل أكثر فأكثر.
يرى موجه تربوي فضل عدم ذكر اسمه أننا في سورية نحتاج إلى إعادة النظر بالطريقة التي ندرس بها الطلاب، وطريقة التقييم، حيث تعتمد الطريقة الحالية على الحفظ والتلقين بعيداً عن الفهم.
ويتابع: إن نظام تقييم أداء الطالب، لا يعكس مستوى الطالب بشكل حقيقي، حيث يقتصر على امتحان واحد، ويهمل عمل الطالب طيلة العام الدراسي، لتبق عملية التقييم مقتصرة على الامتحان النهائي، إن أي طارىء في فترة الامتحانات يمكن أن يؤثر على أداء الطلبة، ونتيجته النهائية التي تحدد مصيره ومستقبله، بعد اثنتي عشرة سنة من الدراسة، كما أن عملية الغش السائدة حاليا بين الطلاب، تجعل من الطالب غير الكفء موازياً للطالب المجتهد والمتميز. وهذا فيه إجحاف كبير بحق الطلاب. ويضيف إذا كنا نريد إعادة الاعتبار للتدريس الحكومي، فعلينا أن نقوم بتغيير طريقة التقييم من أساسها بحيث لا تقتصر على الامتحان النهائي أولاً، وتعكس حقاً جهد الطالب، ومستواه التعليمي وذلك في إطار عملية متكاملة، ضمن تغيير كل النظام التعليمي المتخلف في البلاد، من حيث المناهج، وطرائق التدريس، ومستوى الكادر التعليمي والإداري، وعدم مراعاة ميول الطلبة بشكل مبكر، الأمر الذي ينعكس في مخرجات العملية التعليمية التعلمية.