بنزين السويداء الفساد يجهض مبادرات شعبية.!

بنزين السويداء الفساد يجهض مبادرات شعبية.!

تعود طوابير السيارات على محطات البنزين للظهور في السويداء، بعد أن ارتاح المواطنون مدة شهرين تقريباً من هذه المأساة.

 

فبعد أن عانى أهالي المحافظة من أزمة في تأمين مادة البنزين لأكثر من عام ونصف، وصلت حداً أن يصبح من الطبيعي جداً وجود طوابير من السيارات، تمتد مئات الأمتار، وتبقى على حالها هذه لأيام عدة، وتعطيل أعمال وحياة المواطنين بشكل جذري، رغم توافر المادة بأسعار السوق السوداء بشكل يومي وبسيط، وعلى مرأى من أجهزة الدولة كافة. وبعد كل المحاولات والمشاورات بين الفعاليات الاجتماعية وأجهزة الدولة لوقف هذه الحالة السوريالية، تم ابتكار نظام كوبونات (بطاقات) هو خاص بمحافظة السويداء فقط، دون جميع المحافظات السورية الأخرى.
نظام البطاقات هذه (أو القسائم) يقوم على أساس تسجيل السيارات الموجودة في المحافظة كلها في مراكز خاصة، بشرط أن تكون المركبة مستكملة شروطها القانونية كلها من ترسيم وملكية وغيرها، وعلى أساس التسجيل الصحيح، يتم منح دفتر فيه قسائم عن كل شهر من أشهر السنة الحالية، وكل قسيمة مقسمة لأربعة أسابيع، تحصل المركبة الخاصة وفقها على (25) لتر من مادة البنزين مرة واحدة في الأسبوع، وتمنح المركبة العامة (60) لتراً مرة واحدة في الأسبوع.
نظام القسائم، الفريد من نوعه، والذي نتج عن عجز جهاز الدولة عن ضبط السرقة والتلاعب، نال رغم إرباكاته رضا الناس، لأنه بالحد الأدنى ألغى المعاناة غير المقبولة للحصول على حاجة المركبات من البنزين، وانتهت حقبة طوابير الأيام والصدامات على محطات البنزين، التي وصلت أحياناً كثيرة للتهديد بالسلاح الناري والأبيض.
لم تدم فرحة المواطنين أكثر من شهرين، حتى عادت أزمة فقدان المادة، وظهرت الطوابير مجدداً وبقوة، وعجز المسؤولين كلهم عن تفسير هذه المعضلة..
قاسيون استقصت آراء العديد من أصحاب السيارات أثناء وقوفهم أمام محطات البنزين، وقد جزم معظم من التقيناهم أن المعضلة هي في الفساد بين جاهز الدولة، وأصحا بمحطات الوقود، إذ يتم اللعب على نظام القسائم بالطريقة البسيطة التالية:
كل سيارة تحمل رقم من محافظة أخرى، توجب على صاحبها تأمين سند إقامة لإثبات معيشته ضمن المحافظة، واليوم يتم التلاعب عبر هذه الثغرة بإحضار أوراق لسيارات من محافظة  دمشق وريفها، وغيرها من المحافظات، وبالتنسيق مع الفساد في المؤسسات المعنية، تعطى هذه السيارات قسائم نظامية رغم عدم وجودها في المحافظة أصلاً، وهنا تبدأ اللعبة، إذ تحصل هذه القسائم المزيفة على حصصها من البنزين، الأمر الذي يقلل عرض المادة، وبالتالي يرفع الطلب على البنزين الموجود في السوق السوداء، والذي ظل متوافراً دون انقطاع .
طبعاً ناهيك عن تجاوزات أصحاب السيارات المفيّمة، والتي بلا «نمر» أو لوحات نظامية، والمحسوبيات وغيرها.
أزمة البنزين تعود اليوم للظهور تدريجياً، وتعود مخاوف المواطنين بتكرار الأزمة الخانقة بما فيها من آثار سلبية كبيرة على حياة وعمل الناس.