هكذا يقرأ الناس قرارات الحكومة: خيبة ومرارة... وتهكم يصلح كدستور عمل

نشر أحد المواقع الالكترونية المحلية خبر رفع الحكومة لسعر لتر البنزين إلى 140ليرة سورية بعد أن كانت قد خفضته خمس ليرات سورية قبل أشهر، وهذا ما استدعى تعليقات من مواطنين في مواقع مختلفة.

كل يرى الأمر من زاويته، ولكنهم جميعاً اتفقوا على كون الحكومة تتصرف بدوافع خارج قدرتها، وأنها فقدت القدرة على التحكم بالأسعار وضبطها وأنها محكومة بتبدل سعر الصرف مقابل الدولار، وأنها تركت المواطن لعبث التجار رغم تأكيدها على عدم ارتباط الأسعار بتقلب سعر الصرف.


يقول الخبر

(بسبب ارتفاع أسعار صرف الدولار.. أصدر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك القرار رقم  751 تاريخ 15 - 4 - 2015  والقاضي  برفع سعر ليتر البنزين  بمقدار عشر ليرات ليصبح 140 ليرة سورية بدلاً من 130 ليرة. كما تم رفع سعر طن الفيول إلى 105000 بدلا من 90000، يذكر أنّ السعر الجديد سيطبق اعتبارا من الساعة صفر 16 - 4 - 2015  دون عمليات جرد على اعتبار أنّ سعر البنزين محرر، مع الإشارة إلى أنّ الوزارة كانت قبل فترة، قد قامت بتخفيض سعر ليتر البنزين خمس ليرات).
هذا الخبر القصير، قاد المواطنين إلى كتابة آراء تختزل معاناتهم مع حكومتهم، التي بالكاد تجد مبررات مقنعة للزيادات المتسارعة والكثيرة على السلع الأساسية، ويبدو هم المواطن العادي أكبر من غلاء البنزين، ولكنه سيتأثر حكماً بانعكاساته، وهمه الأكبر هو الحفاظ على قدرته في إطعام أبنائه، وأن تهتم الحكومة بلقمة عيشه.


دعوة للهجرة بهمس

تعليق صغير لمواطنة كتبت تقول: (يلي بحب النبي يخلي)، ومثل هذه الدعوات بدأت تظهر علانية مبنيةٍ أن الوضع في البلد لم يعد يحتمل، وأن البحث عن مكان جديد للحياة بتكلفة أقل هو من الأشياء المطروحة، ففي نهاية المطاف وهذه السنوات العاصفة من الصبر والتحمل، يريد المواطن أن يعيش مع أطفاله في مكان يؤمن غذاء حقيقياً لهم بتكاليف يقدر عليها.


المواطن... يذّكر

أحد المواطنين يعتقد أن الحكومة ترتجل قراراتها، وأن ألأمر (تخبيص بتخبيص)، وأن أسعار الوقود عندنا باتت أغلى من دول الجوار، والولايات المتحدة واليابان، وأن الوزير سيخرج ليقول أن هذا لمصلحة المواطن، وأنه سيلمس الفرق لصالحه خلال الفترة القادمة، والمواطن يذّكر الوزير وأن أسعار الخضار باتت كجهنم وليس لها من ضابط، وهذا يعني أن لا فرق لدى المواطن في ظل هكذا أوضاع.


المواطن... يخطط

التعليق التالي أنقله بالحرف: (بدل ما تفكر الحكومة بتأمين الموارد المالية من جيوب الفقراء حري بها ضبط النفقات والسرقات والهدر.. في قطاع النقل مثلاً، والمطلوب منها إنشاء استثمارات ومشاريع لتأمين الموارد المالية... لأن القائمين عليها حالياً قليلي الحس بالمسؤولية وسيارتهم مجانيه).
المواطن يذهب أبعد من التذكير فهو يخطط للحكومة، ويعيد على أسماعها ما قالته وما يجب ان تقوم به، وهو يدري موطن الوجع والعلاج، وأنها هي من يجب أن تنفذ ما تقول بدلاً من تسترها عن الفساد والمفسدين، وأن تبدأ بعلاج المسألة من نفسها أولاً.


المواطن... يسخر

(امبارح كان عم يعيشها غير... شو صار معو)... هذا بالضبط أحد تعليقات المواطنين على عدم قدرة الحكومة على أن تتماهى مع ما تقول، والوعد الحكومي بأن يكون عام 2015 هو عام فرج على السوريين على الأقل في جانب الاقتصاد، وها هي مرت الأشهر الأربعة الأولى ولم يطرأ أي تغيير، بل على العكس زادت مشاكل المواطن، وأصبحت حياته جحيماً لا يطاق؟ وكذلك الحكومة التي  وقفت خلف حملتها الدعائية فقط من أجل التقاط الصور.


المواطن لا يثق

(حلى وزاره حماية جيوب تجار وتشحيد المستهلك كل قراراتها لتشحيد المواطن وجعله يموت جوعا، نشكر الوزارة على حرصها وعلى قراراتها التي تزيد أعباء المواطن وتزيد أرباح التجار وشكراً)... وليعذرني البعض في نقل التعليقات كما جاءت بلهجتنا المحلية فهي أبلغ وأدق، فالمواطن يدرك ما تريده المؤسسة الحكومية من حرص على التاجر، أما المواطن فسيتدبر أمره، وهذه من آفات التفكير الحكومي في كونه يرى المواطن أدنى من شريك فيما يُتخّذ من قرارات تتعلق بمصيره وحده، وما يعنيها هم المنتفخون التجار الذين تزداد أرباحهم، ولم يستشعروا من الأزمة سوى ما تردده الأخبار عنها.


المواطن يسمع... وينتقد

ربما، بعض الوزراء يعتقد أن لا رقيب على تصريحاتهم إلا هم، وبعض المهتمين بالشأن الاقتصادي، من باحثين وإعلاميين، وهؤلاء يمكن استرضاؤهم بتصريح جديد يلهيهم به عن التصريح السابق، ويمكن استرضاء البعض بخبر خاص، أو دعوة لمؤتمر أو اجتماع مصغر، تقدم به بعض المأكولات والفطائر والعصائر، ولكنه لا يعرف أن المواطن له أذنان وعقل، ويسمع كل ما يتلفظ به من وعود وخطط.

يقول أحد المعلقين على الخبر: (يبدو أن السيد صفيه الذي أثبت أنه غير جدير بلقب وزير حماية المستهلك، قد نسي تصريحه الأخير الذي أطلقه منذ يومين فقط، والذي دعا فيه التجار إلى عدم ربط أسعار السلع بسعر صرف الدولار

عجبي... ويا خجلتي).

هل هناك أبعد من هكذا صراحة ووضوح، في ضرورة إلزام الحكومة بما تقوله... لا أن تنسى ما تلفظت به قبل أيام قليلة، عبر قرار تعيده إلى الأسباب نفسها التي تريد حماية المواطن منها.


المواطن يراقب... ويريد

المواطن عيونه مفتوحة على سلوك الحكومة، وبعض التعليقات خرجت عن الموضوعية، وما هي إلاّ وسيلة للتعبير عن السخط من السلوك الحكومي الاقتصادي، الذي لا يعير بالاً لأوجاع المواطن، وهذا ما يستدعي أن تعيد الحكومةحساباتها، في نظرتها إلى المواطن، وإلى وعودها التي باتت عبئاً عليها، وأن المواطن يضع دستور عملها بما يريد، وأنها مسؤولة في النهاية عن أية لقمة غالية الثمن تدخل في جوف طفل، وأن مسؤوليتها في هذه الآونة مسؤولية اقتصادية... وأخلاقية ووطنية ايضاً.
ولك لو تخجل الحكومة كانت بتقدم استقالتها.