انفلونزا الخنازير عشرات الوفيات واللقاح الشائع «غير ناجع»

في الخامس من الشهر الجاري، وبعد انتشار الشائعات غير الموثقة عن انتشار مرض انفلونزا الخنازير، ووفاة بعض الحالات، أعلنت مديرية صحة محافظة السويداء أنها سجلت في آذار الماضي حالتي وفاة بالمرض، وست حالات مشتبه بها، أربع منها تماثلت للشفاء.

حالتا الوفاة في السويداء

الوفاة الأولى حصلت لمريض من قرية نمرة شهبا، وبعد الاشتباه بإصابته بإنفلونزا الخنازير، وتفاقم حالته بسرعة، جرى إدخاله إلى قسم العناية المشددة وأخذت مسحة بلعومية وأنفية وتم إرسالها إلى دمشق، وجاءت النتيجة مؤكدة للتشخيص إلا أنه توفي في اليوم نفسه.
أما حالة الوفاة الثانية، فحصلت لمريض من بلدة الكفر وهو مريض يتناول أدوية مثبطة للمناعة، ومصاب بسرطان دم، وبعد الاشتباه بحالته تم أخد مسحة بلعومية وإرسالها أيضاً لدمشق، لكنه توفي في العناية المشددة وجاءت نتيجة الاختبار كذلك مؤكدة لإصابته بإنفلونزا الخنازير.

احتمالات وفاة دون تسجيل!

يشير حديث مديرية الصحة في السويداء، الى افتقار المرافق الصحية، والمشافي في المحافظة، للآلية اللازمة للتأكد من الإصابة، ما قد يؤدي إلى تأخير ظهور نتيجة التحاليل بالإجراءات الروتينية، وهذا مايثير المخاوف في المناطق النائية، التي تفتقر أصلاً للمستوصفات والمراكز الصحية، وهو ما يعني احتمال وفاة بعض الحالات دون تسجيلها كحالات مصابة بالفيروس.

أول الحالات في جرمانا
وزارة الصحة أكدت أن أول ابلاغ عن الإصابة بالمرض، جاء من منطقة جرمانا، ومن ثم من قدسيا، وأخذ عدد من المشافي يحدّد أقساماً خاصةً لاستقبال المشكوك بإصابتهم بالفيروس.
مصدر طبي في مشفى جرمانا الجراحي قال أن «الفيروس ينتشر بكثرة، في الأماكن التي تشهد ازدحاماً بالسكان ومنها جرمانا، إضافةً إلى مراكز الإيواء»، مضيفاً: أنه «لا صحة للمعلومات التي تقول بأن مصدر الفيروس هو أكل اللحوم».

تضارب في أرقام دمشق وريفها

في السادس من نيسان، قال رئيس دائرة الأمراض السارية والمُعدية في مديرية صحة دمشق سعد قصيري أن عدد الإصابات بإنفلونزا الخنازير شهد ازدياداً خلال شباط الماضي، وتم أخذ 105 مسحات من مرضى مشكوك بإصابتهم، في حين تمّ التثبّت من 41 إصابة، وسجلت 15 وفاة بالفيروس.
المفارقة أنه وفق إحصائيات أخرى في التوقيت ذاته لمعاون مدير الأمراض السارية في وزارة الصحة هاني اللحام نشرت في السادس من نيسان أيضاً، خلال حديثه في ندوة أقامتها نقابة أطباء دمشق: أشار إلى أن عدد الوفيات بهذا الفيروس خلال العام الحالي وصل إلى 34 حالة وفاة، من أصل 171 إصابة، وكان الحجم الأكبر للإصابات في دمشق، حيث بلغ عدد الإصابات 66 إصابة توفي منها 13 تلتها ريف دمشق بـ 42 إصابة، و12 حالة وفاة، ومن ضمن هذه الحالات أشخاص أتوا من عدة محافظات للعلاج في مشافي دمشق.

9 وفيات في طرطوس واللاذقية وحماة

مدير صحة طرطوس أحمد عمار، أعلن عن تسجيل حالتي وفاة بإنفلونزا الخنازير من 15 حالة مشتبهة، بينما نقلت وسائل إعلامية عن مديرية صحة اللاذقية إعلانها عن 23 إصابة توفي ثلاثة منها، وعن مديرية صحة حماة إعلانها عن أكثر من 40 إصابة توفي منها أربعة مصابين.

التحليل بـ4000 ليرة

واحدة من الإشكالات أن الطبيب غير قادر على تشخيص المرض، في المخابر العادية، وعليه يتم إرسال الحالات المشبوهة إلى المشافي، وهناك يتم تلقي العلاج
بينما تكلفة التحاليل اليوم في أي مخبر تبلغ 4000 ليرة سورية، وهذا المبلغ يشكل عبئاً على أجور السوريين اليوم، ويشكل حاجزاً أمام إجراء التحاليل الضرورية.

لقاح الانفلونزا العام غير ناجع

رئيس دائرة الأمراض السارية في صحة دمشق طالب بالتركيز على (ثقافة اللَّقاح)، بعد أن أكد أن الوزارة أمّنت الدواء العلاجي ووزّعته على مديريات الصحة، كما أكد على ذلك أيضاً، معاون مدير الأمراض السارية في وزارة الصحة هاني اللحام، الذي قال: إنه هنالك 55 ألف لقاح للكريب، تم توزيعها، وهي تفيد في الوقاية من المرض، لأنها تشمل الفيروس.
 إلا أن صيادلة أكدوا لـ«قاسيون» بأن اللقاح المعني في حديث الحكوميين غير موجود في الصيدليات، ولم يوزع عليهم شيء من هذا القبيل، مشيرين إلى أنه «إن كان المقصود لقاح الأنفلونزا العادي، فهو لا يعالج إنفلونزا الخنازير» بعكس التصريحات الرسمية.
أوضح الصيدلي أنه من الصعب جداً أن يشمل اللقاح الشائع كل أنواع الأنفلونزا، حيث أن الفيروس يقوم بتغيير شكله ويطور سلسلته بين الحين والآخر، ما يتطلب إدراج الأنواع الجديدة في اللقاح.
وقال صيدلي آخر «لا يتوفر لقاح مخصص لفيروس إنفلونزا الخنازير في الصيدليات كما تقول المصادر الحكومية، وما يتم الحديث عنه من لقاحات أو علاج يقتصر على المراكز الطبية التابعة للدولة فقط».

«تامي فلو» علاج غير متوفر

عادت وزارة الصحة السورية لتؤكد خلال الشهر الجاري، أنها أمنت  العلاج الخاص بانفلونزا الخنازير «تامي فلو»، وأنها قامت بتوزيعه  على المراكز الصحية كافة، إضافة إلى أنها تقوم باستلام تقارير أسبوعية من المشافي حول الإصابات المشتبه بها، والتي تتم معالجتها، ويتم دراسة هذه التقارير وتحليلها وهذا ما يساعد على تحديد نوع اللقاح المطلوب إعطاؤه خلال الموسم المقبل ليشمل كافة أنواع الفيروسات التي وجدت.
وأكدت الوزارة، أن معالجة الحالات «المشتبه بها» تتم عبر إعطائها  دواء «تامي فلو» والذي هو علاج للمرض، حتى قبل إجراء التحاليل وظهور النتائج من أجل زيادة نسبة الشفاء في حال وجود الفيروس .
لكن وفق رأي لصيادلة دمشق، أكد لـ«قاسيون» بأن دواء «تامي فلو» هو ليس مخصصاً لانفلونزا الخنازير، وهو عبارة عن مضاد فيروسي فقط، ويستخدم لجميع أنواع الفيروسات، مشيراً إلى أن هذا النوع من الدواء شبه منقطع من الأسواق منذ مدة.
وسط كل هذا فإن دواء «تامي فلو» المخصص لعلاج الانفلونزا غير متوفر في الصيدليات ويقتصر على المراكز الصحية الحكومية، أما بالنسبة للقاحات فتتوفر لقاحات الانفلونزا العامة، وهي لا تنفع كلقاح لانفلونزا الخنازير، المرض الذي ينتشر في سورية في موجة انتشار ثانية خلال الأزمة السورية.

أعراض المرض والموجة السابقة

تظهر أعراض الرشح العادية مع ارتفاع في درجة الحرارة، ورعشة يصحبها سعال وألم في الحلق مع آلام في جميع أنحاء الجسم وصداع وضعف أو وهن عام.
كما يصاب بعض الأشخاص بإسهال وإقياء.
تعتبر هذه الأعراض عامة حيث  يمكن أن تكون بسبب أي من الأمراض الأخرى، لذا لا يستطيع المصاب أو الطبيب تشخيص الإصابة بأنفلونزا الخنازير استناداً إلى شكوى المريض فقط، بل يجب إجراء الفحوصات والتحاليل المخبرية، التي يتم عن طريقها تأكيد الإصابة بالمرض، أم أنها أعراض لأيّ من حالات أخرى.
وينتقل هذا الفيروس المعدي جداً، بواسطة الرذاذ المنتشر في الهواء عند التنفس أو السعال أو العطس.
 وكانت موجة سابقة من انفلونزا الخنازير قد اجتاحت سورية العام الماضي، حصدت حينها 39 حالة وفاة أغلبها ضمن محافظة حماة، إضافة إلى وفيات في اللاذقية وطرطوس ودمشق ودرعا ودير الزور، كما بلغت نسبة الوفيات من عدد المصابين بالمرض 33 %!.
وظهرت إنفلونزا الخنازير خلال عامي 2009 و2010 في وسط المكسيك، ثم انتشرت في مختلف أنحاء العالم.