ذريعة جديدة تبتكرها محافظة ريف دمشق لرفع الأسعار..

ذريعة جديدة تبتكرها محافظة ريف دمشق لرفع الأسعار..

تزامن رفع تعرفة النقل على مدار السنوات السابقة خلال الأزمة وقبلها، مع ارتفاع أسعار المحروقات، وخلال الأزمة الحالية، شهدت التعرفة عدة ارتفاعات كان سببها الرئيسي رفع سعر المحروقات رسمياً بحجة (عدم توفر المادة، والحد من تهريبها إلى السوق السوداء)، ما لم يتم تحقيقه حتى اليوم.

وبقرار متوقع المضمون، وغير متوقع من ناحية السبب، رفعت محافظة ريف دمشق تعرفة الركوب في وسائل النقل العاملة على البنزين والمازوت، وهذه المرة كانت الحجة مرتبطة بشكل أو بآخر بسعر صرف الدولار، وهنا أكدت المحافظة أن الرفع جاء نتيجة ارتفاع أسعار قطع الغيار انصافاً للسائقين، الذين رفعوا التسعيرة وفقاً لأهوائهم، وبات المواطن يرى السبب عندهم وليس عند الحكومة. 

الدولار حجة جديدة

المحافظة، ضربت بعرض الحائط شكاوى المواطنين السابقة، حول عدم ملائمة تعرفة النقل الرسمية قبل الرفع الأخير، مع الخدمات التي تقدمها وسائل النقل، وأهمها عدم تخديم الخط كاملاً، وقلة عدد هذه الوسائل، عدا عن عدم التزام السائقين منذ بداية الأزمة بالتسعيرة التي تعلن رسمياً ولا تطبق على أرض الواقع، إضافة إلى مطالبهم بمزيد من الرقابة وعدم انتظار الشكاوى الشخصية التي تكون شرطاً أساسياً لضبط أي مخالفة، والتي قد تؤدي إلى "مشاكل شخصية" بين الطرفين وخاصة في الأوضاع الأمنية الحالية.

شكاوى المواطنين أكدت، بأن الرفع المتكرر للتسعيرة الرسمية، بات باباً واسعاً، يفتح مجال الاستغلال أمام سائقي السرافيس، مؤكدين أيضاً بأن التسعير الجديدة غير مطبقة وبعيدة كل البعد عن الواقع، حيث قالت هديل وهي موظفة تقطن في ريف دمشق وتعمل في العاصمة إن: (سرافيس جديدة رفعت التسعيرة إلى 60 و75 ليرة من جديدة على البرامكة، وبعد الثامنة مساءاً تصبح التعرفة حوالي 100 ليرة).

هديل اعترضت بأن (ماينفقه المواطن السوري على المواصلات لم يعد يتناسب نهائياً مع المستوى المعيشي له، بينما لا تزال الحكومة تخلق الذرائع لرفع الأسعار مراراً ودون أية دراسة، فبعد أزمة المازوت في الشتاء والتي خفت مع دخول فصل الربيع والصيف، وعدم اللجوء لاستخدام المادة في التدفئة، لم تعد هناك حجة، وهنا كان لا بدّ من خلق حجة جديدة وهي سعر الصرف، رغم أن سعر الدولار وصل سابقاً إلى أكثر مما هو عليه اليوم ولم يتم رفع التعرفة).

وزارة التجارة تناقض ذاتها!

وزارة التجارة الداخلية، كانت تؤكد دائماً ومع كل عملية رفعٍ لتسعيرة المواصلات، أن متبدلات الصيانة والغسيل وغيرها من الأمور البعيدة عن سعر المحروقات، مدروسة بدقة ضمن أي تعرفة تصدر، (لكن ما الذي حصل اليوم؟) تتساءل هديل، وتضيف: (أين الرقابة وأين حقوق المواطن.. السرافيس تشترط على الركاب ذكر التسعيرة الرسمية أمام شرطة المرور، رغم أنهم يتقاضون ضعفها، مستغلين حاجة المواطن لاستقلال وسيلة نقل في ظل الاكتظاظ السكاني الحاصل والذي لا يتناسب وعدد وسائل النقل).

بداية العام الحالي (قبل شهرين تقريباً)، وبالتزامن مع قرار رفع سعر المازوت إلى 125 ليرة سورية كالسعر العالمي للمادة، رفعت وزارة التجارة الداخلية تعرفة الركوب بالحافلات العاملة بالمازوت في المحافظة الواحدة بنسبة 16.87%، لكن إن تمت مقاطعة تصريحات وزارة التجارة ذاتها، يتبين وجود خلل واضح عند دراسة أية تسعيرة جديدة، فمن المفترض أن يكون متغير صيانة السرافيس وقطع الغيار، قد تم احتسابه في تعرفة بداية العام.

بعض سكان جرمانا، أكدوا بأن التسعيرة الجديدة لم تطبق، وكأن الحكومة تسعى للوصول بقراراتها إلى السعر الذي يتم تداوله حالياً بشكل غير رسمي وهو ما بين 45 - 75 ليرة، في بعض مناطق ريف دمشق، كما فعلت وتفعل في عدة سلع وخدمات أخرى، عبر خلق أزمة في قطاع معين تمهيداً لرفع أسعار منتجاته إلى ما تفرضه تلك الأزمة.

ما علاقتنا بأزمة غيرنا؟ وهل أنصفتنا الحكومة؟

أحد الموظفين يشتكي لقاسيون (الراتب لا يكفينا، فكل ما أجنيه أضعه في المواصلات أنا وأولادي، أين هي الحكومة؟ من سينظر إلى حالي؟.. ليس لنا علاقة بقطع الغيار ولا بسعر الدولار، ولماذا فرض علي أن أعوض خسائر غيري ولم تفرض الحكومة على أحد وعلى نفسها بأن تنصفني؟.. إلى من أشكي أمري؟).

سائق أحد السرافيس أكد بأن مخصصات المازوت تأتيه كل 15 يوماً بمقدار 60 لتراً فقط، لكنه أكد أيضاً أنه قادر على الحصول على المادة بسهولة من السوق السوداء بسعر انخفض عما كان عليه في الشتاء، حيث يباع اليوم مابين 180 ليرة  و190، مشيراً إلى أن الضغط على الكازيات انخفض، ولم يعد الحصول على المادة أمراً السوء السابق ذاته، فالمادة متوفرة بنسبة (مرضية).

وتبقى هذه الأجور مرتفعة بالنسبة لدخل المواطن الذي بات يفقد راتبه الشهري الهزيل شيئاً فشيئاً، عبر إنفاقه على وسائل النقل، وغيرها من مستلزمات ساهمت الحكومة بقراراتها الرسمية، برفع أسعارها، وفتح باب الاستغلال أمام تجار الأزمة لخلق حالة فوضى أسعار غير منضبطة وخاصة بظل عجز الرقابة.

الرسميون يبررون!

عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل في ريف دمشق، بسام قاسم قال في حديث لإذاعة (ميلودي اف ام) إن: (رفع تعرفة أجور النقل في محافظة ريف دمشق كان بنسبة 21% ، بناءً على دراسة رفع أسعار قطع التبديل للسيارات من إطارات وغيرها لإنصاف السائق)، متفاخراً بأن (محافظة ريف دمشق هي السباقة في تعديل أجور النقل على أساس مشتملات التعرفة كقطع الصيانة باستثناء المحروقات)، مشيراً إلى أنه (بالنسبة لرفع تعرفة النقل على أساس أسعار المحروقات، فهي تتم بشكل أتوماتيكي)!

بدورها تنصلت وزارة التجارة الداخلية، من التعرفة الجديدة في ريف دمشق، وأكدت: إن هذه القضية ليست بيدها ولم تتدخل بها، حيث قالت مديرة حماية الأسعار في وزارة الداخلية وحماية المستهلك، وفاء الغزي للإذاعة ذاتها، إنه (هناك تسعير مكاني، وتسعير مركزي، وما شهدناه هو تسعير مكاني ويتم من قبل محافظة دمشق أو الريف، وتعود صلاحية ذلك للمحافظ).

محافظة دمشق، حتى الآن لم تصدر أية تعرفة جديدة تبعاً لذريعة محافظة الريف، وقبل أن تثار مخاوف سكان دمشق حول ما قد تكون عليه تعرفة السرافيس الجديدة في دمشق، بدأت بعض وسائل النقل برفع تعرفتها دون أي رقابة، أو ضبط.