الحسكة.. «مازوت التكرير البدائي» قنبلة موقوتة
حادثة وفاة أسرة كاملة في مدينة القامشلي الأسبوع الماضي نتيجة انفجار مدفأة منزلية، فتحت الباب واسعاً أمام مخاوف سكان محافظة الحسكة من المحروقات التي يستخدمونها، بعد أن تحولت لنقمة تهدد حياة الناس البؤساء أصلاً بفعل الأزمة السورية، والذين وجدوا في توفر مازوت التدفئة بأسعار معقولة الرفاهية الوحيدة التي يستطيعون الحصول عليها.
وتسبب انفجار مدفأة تعمل بمازوت مكرر بطرق بدائية، في وفاة 6 أشخاص من عائلة واحدة في حي المحمقية بمدينة القامشلي، نتيجة الحروق والاختناق بالدخان، في حادثة باتت أمراً معتاداً منذ بدء الاعتماد على تكرير النفط الخام في مصافي أهلية بدائية، تعطي بنزيناً ومازوتاً وكازاً رديء الجودة، إضافة للتلوث الرهيب الذي يرافق عملية التكرير التي تعتمد على غلي النفط.
وتعتمد محافظة الحسكة بشكل رئيسي على تكرير النفط في مصافي أهلية، منذ أكثر من عامين، بعد خروج بعض آبار النفط عن سيطرة الدولة، أو صعوبة نقل النفط من باقي الحقول إلى مصفاتي بانياس وحمص، إضافة لانقطاع الإمداد من مادتي البنزين والمازوت من قبل مؤسسة محروقات الحكومية.
المهنة بين النقمة والنعمة!
ورغم أن انتشار مهنة التكرير بين الأهالي بشكل واسع، لا سيما في الريف، قد ساهم في تحسين الأوضاع المادية لتلك العائلات الفقيرة، إلا أن الحوادث المأساوية التي ترافق عملية التكرير تجعل من هذه المهنة نقمة لا نعمة، ليس على العاملين بها فحسب، بل حتى من يستخدمونها في منازلهم بغرض التدفئة أو الطهي مع وجود أزمة غاز مستمرة.
ويقول عدد من سكان القامشلي خلال حديثهم لقاسيون، إن التدفئة التي ينعمون بها في منازلهم بفضل سعر المازوت المنخفض، والذي يتراوح بين 35 و45 ليرة، تترافق مع قلق مستمر من تحول المدفأة لقنبلة قد تنفجر في أي لحظة بسبب رداءة المازوت.
كما أن توفر البنزين بسعر 70 ليرة يخفي وراءه كثيراً من المشاكل التي يواجهها أصحاب السيارات الذين تتهالك محركات سياراتهم خلال زمن قياسي قد لا يتجاوز الشهرين، لكنهم مجبرون على هذا الخيار بدل شراء البنزين النظامي الذي يصل للمحافظة عن طريق التهريب من دمشق بسعر 350 ليرة.
الوقود الرخيص
ولم يستفد سكان المحافظة من انخفاض أسعار المحروقات، فيما يتعلق بأسعار السلع والمواد الغذائية وغيرها من الاحتياجات، إذ بقيت بورصة الأسعار في الحسكة من أعلى البورصات في سورية، حيث يجد التجار حججاً مستمرة لرفع أسعار بضائعهم في ظل غياب رقابة حكومية صارمة.
ومع عودة غالبية مدن وبلدات الحسكة لسيطرة الدولة ووحدات الحماية الشعبية وقوات الدفاع الوطني، يأمل السكان أن يعمل المسؤولون في المحافظة على إيجاد حل منطقي لهذه المشكلة بشكل عاجل، من خلال الاستعانة بتجارب دول أخرى، أو تأمين بنزين ومازوت مأمون الاستخدام.