الحسكة.. تبييض أموال بممتلكات المهاجرين

الحسكة.. تبييض أموال بممتلكات المهاجرين

شهدت محافظة الحسكة، خلال سنوات الأزمة السورية الأربع، الكثير من التغييرات والظواهر الجديدة التي شملت أغلب مناحي الحياة، لتخلق واقعاً بائساً للسكان الذين يصارعون لأجل البقاء، على أمل لا يموت أبداً بحياة أفضل في مستقبل غير محدد التاريخ، رغم إقرارهم بأن القضاء على عدد من الظواهر الجديدة الناشئة ليس بالأمر السهل.

ويجري الحديث بشكل واسع في المحافظة الفقيرة، والتي عانت من التهميش الحكومي لسنوات طويلة، عن الأثرياء الجدد الذين ظهروا بين الناس فجأة، وخلال زمن قياسي لا يتعدى عمر الأزمة السورية، وعن مصدر أموالهم الذي يشبه النبع الذي لا ينضب، حيث يشكل هؤلاء واحدة من أكثر المظاهر السلبية الجديدة للحسكة.

ودفع التجاهل الرسمي لهذه الظاهرة، وتأثيراتها على مستقبل المحافظة، إلى ولادة كثير من الروايات والتحليلات التي يتداولها الناس في أحاديثهم، بينما يذهب البعض بعيداً في تحليل الظاهرة الجديدة، ليربطها بمراكز خارج الحدود، اتخذت من هؤلاء الأثرياء بوابةً لاختراق المحافظة القابعة على ثروة نفطية وزراعية لا تنضب.

الأثرياء الجدد

لا توجد دراسات محلية موثوقة، أو تقارير متخصصة تتحدث عن الأثرياء الجدد الذين أفرزتهم الأزمة السورية، لتبقى الكتابة عنهم معتمدة بشكل أساسي على الملاحظة الشخصية، التي تكشف كثيراً من تفاصيل نشوئهم، وآلية إدارة أموالهم المتزايدة بشكل لافت في بلد يعاني من حصار اقتصادي وسياسي شديد.

ومن بين تلك الملاحظات، أن أغلب الأثرياء الجدد، يعملون في مهن محددة، بينها قطاع النفط الذي خرج عن سيطرة الدولة، ودخل للعمل فيه مجموعة كبيرة من أبناء الحسكة والنازحين إليها، لاسيما أبناء الريف الفقير، الذين لمع نجم عدد منهم في زمن قياسي، لينضموا لقائمة الأثرياء الجدد، وسط تساؤلات عن طبيعة ارتباطهم بهذه المهنة الجديدة التي تؤمن للعاملين فيها مصدر رزق جيد لكنه لا يصل حد الثراء.

كما تشكل طبقة العاملين في بيع وشراء الدولار جزءاً من قائمة الأثرياء الجدد، إذا لا يقتصر العمل في هذه المهنة على محلات الصرافة المرخصة، بل يتعداها ليشمل صياغ الذهب، وكبار التجار، الذين لم يكتفوا بما تدر عليهم تجارتهم التي لا تخضع لأي رقابة رسمية.

تبييض أموال السوريين المسروقة بممتلكاتهم

يلجا كثير من الأثرياء الجدد، لتبييض أموالهم داخل البلاد بطرق متعددة، لتجنب إرسالها إلى خارج الحدود، وما يحمله ذلك من مخاطر تفرضها الرقابة المحلية والعالمية على تحويلات الأموال ومعرفة مصادرها.

ومن بين الأساليب المتبعة، شراء العقارات في المدن بمبالغ كبيرة جداً، في ظل هجرة مرعبة للسكان نحو الخارج، تتطلب مبالغ مالية كبيرة يحتاجها المهاجرون للوصول إلى بلدان آمنة، لتكون ممتلكات السوريين جزءاً من عملية تبييض أموال هي بالأصل ملك للسوريين.

تجاهل رسمي

لا يمكن حصر الحديث عن الأثرياء الجدد، في تقرير واحد، ويحتاج الأمر لدراسات دقيقة تحصر بداية ونهاية تلك الأموال الهائلة التي يملكها أشخاص كانوا حتى الأمس القريب بجانب خط الفقر، وتبين تأثير تلك الأموال على مستقبل المحافظة، وإمكانية عرقلتها لأي حل للأزمة السورية.
وفي محافظة آمنة كالحسكة، التي تخضع أغلب مناطقها لسيطرة الدولة، يبدو من غير المبرر تجاهل ظاهرة، يمكن معرفة المساهمين في نشوئها بسهولة، ووضع حد لتزايد أموالهم غير المشروع، لاسيما وأنها جزء من أموال السورين المسروقة، والتي تعيق في المستقبل حل الأزمة السورية التي لن تكون في مصلحة السارق، بينما تمثل الهدف الرئيسي لكل السوريين