دير الزور.. معلمون يبحثون عن مدرسة و«مباشرة»!؟
تعرض قطاع التعليم كغيره من القطاعات في البلاد، الى أضرار كثيرة، طالت جميع أركان العملية التربوية– التعليمية والبنى التحتية المخدمة له، وصولاً إلى تأثيره على حياة الكادر التدريس والإداري في هذا القطاع.
يقول المثل الشعبي الفراتي: «فوق الحمل اعلاوة». وهذا ينطبق حالياً على المئات من المعلمين والمعلمات الذين تشردوا من مناطق سكنهم ومن مدارسهم، إلى مناطق أخرى ومحافظاتٍ أخرى.
معلمون مشردون!
طحنتهم الأزمة بتفاعلاتها الاقتصادية والاجتماعية، من غلاء أجور السكن وارتفاع أسعار المواد الغذائية المستمر وغيرها.. واضطرارهم إلى السفر كل شهر من الريف إلى المدينة، أو من المحافظة التي تهجر إليها إلى دير الزور، لقبض رواتبهم التي يضيع ربعها على الأقل كأجور نقل، ناهيك عن معاناة السفر وأخطاره، مما يراكم عليهم أعباء أخرى فوق معاناتهم السابقة..!
وفي بداية كلّ عام دراسي يبدؤون في البحث عن مدرسة ليباشروا فيها، دون أن يكون هناك تحديد لمكان عملهم، لتسهيل الأمور عليهم، كما أنه عليهم إحضار وثيقة «قائم على رأس العمل» ليتمكنوا من قبض رواتبهم، التي لم تعد كافية في أحسن الأحوال سوى لأيامٍ لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة..
نصف الراتب لتحصيله
لكن في بداية هذا العام، المئات منهم لم يستطيعوا الذهاب إلى دير الزور، بسبب التوتر وتقطع الطرق المستمر، وفوجئوا عندما راجعوا المحاسبين لقبض رواتبهم، ووجدوا أنها أوقفت وحُولت إلى مديرية المالية، وعليهم إحضار مباشرات من مدارسهم السابقة، لكن مدراء المدارس رفضوا ذلك بحجة أنهم غير محملين على مدارسهم، وأنّ هناك تعليمات من مديرية التربية، وعليهم تحديد مكان عملٍ جديد لهم، وبالتالي البحث عن مدرسة للحصول على مباشرة لاستعادة رواتبهم، علماً أنه لا توجد مدارس ولا طلاب أو دوام، بعد أن تدمر منها ما تدمر، وأغلق الباقي من قبل المجموعات التكفيرية التي تمنع التعليم وحولتها إلى مقراتٍ لها، كما أنّ هذا أخضعهم لابتزاز بعض المدراء ببيع المباشرة لهم.. لتزداد معاناتهم أياماً أخرى وتحمل تكاليف التنقل والإقامة لعدة أيامٍ، وهذا يعني فقدان نصف ما تبقى من الراتب..!؟
إجراءات وتعقيدات
لا شكّ أن هذه الإجراءات والتعقيدات، تزيد معاناة المعلمات والمعلمين وأسرهم ، وخاصة أنه لا مصدر معيشي آخر لهم، وهذا ما يزيد التوتر، ويدفعهم إمّا للخضوع للقوى التكفيرية التي سمحت لمن ينخرط فيها تدريس القرآن واللغة العربية بعد خضوعهم لدورةٍ مدتها أربعون يوماً، وتقديم رواتب لهم، أو خضوعهم للفاسدين وشراء مباشراتٍ منهم.
ويتساءل المعلمون والمعلمات: مَنْ المستفيد من هذه الإجراءات والتعقيدات..؟ ويطالبون بتسهيل أمورهم ليتمكنوا من البقاء أحياء على الأقل وهو حقّ يكفله الدستور..!؟