محصول الزيتون ينخفض وأسعار الزيت ترتفع..؟
كميات قليلة من الهطولات المطرية تساقطت على الأراضي السورية كانت كفيلة بإنعاش أحلام الفلاح السوري الذي عانى من التبعات الاقتصادية للأزمة الحالية وبدأ يتجهز لقطاف الزيتون على أمل أن يكون موسم مبشر بالخير.
جفاف وعوامل أخرى..؟
بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة السورية مازلنا نشهد استنزافاً للأراضي الزراعية، ومنها الأراضي المشجرة بشجرة الزيتون. التي كانت وبحسب وزارة الزراعة السورية تزرع على مساحة مقدارها 647 ألف هكتار ويقدر عددها بحوالي 100 مليون شجرة منها 77 مليون شجرة مثمرة تشكل حوالي 12% من إجمالي المساحة المزروعة في سورية و65% من إجمالي مساحة الأشجار المثمرة.
حيث خرج وبحسب خبراء زراعيين عدد كبير من الأراضي التي كانت تزرع بشجرة الزيتون من حسابات الإنتاج. وذلك بسبب الأوضاع الأمنية السائدة والتي أدت إلى سيطرة المجموعات المسلحة على مساحات واسعة من أراضي محافظة إدلب وحلب وغيرهما من الأراضي السورية، مما أدى إلى صعوبة الوصول إلى هذه الأراضي وجني ثمارها، إضافة إلى العوامل الجوية حيث عانت سورية من موسم جفاف انعكس بشكل سلبي على المحاصيل (البعل) التي تعتمد على مياه الأمطار.
خلدون.ع فلاح من ريف القنيطرة يقول: هذه هي السنة الثانية على التوالي التي لم أتمكن خلالها من قطف ثمار الزيتون من أشجاري،وذلك بسبب سيطرة المجموعات المسلحة على أراضي قريتي، ويتابع خلدون هناك عدد كبير من الفلاحين في قريتي تحولوا في العشر سنوات الأخيرة إلى زراعة أشجار الزيتون كونها لا تحتاج إلى عناية كبيرة وتعطي محصول جيد جدا. حيث بدأت أحصل على نتائج جيدة بعد ثلاث سنوات من زراعتي لأشجار الزيتون وفي السنوات الخمس الأخيرة كنت أحصل على أكثر من عشر تنكات زيت زيتون إضافة إلى تأمين احتياجات منزلي من مادة الزيتون مما وفر دخلاً جيداً لنا حيث يعتمد الفلاح في منطقتنا بشكل أساسي على نتاج أرضه من أجل تمضية موسم شتاء دافئ.
ارتفاع تكاليف الانتاج
يتنقل أبو عقل بين أشجار الزيتون خاصته في منطقة جبل الشيخ، ويقول: العام الماضي اضطررنا لترك ما يقارب ثلث إنتاجنا من ثمار زيت الزيتون على الأشجار بسبب عدم وجود ما يكفي من عمال لقطف الثمار حيث ترك عدد كبير من العاملين في مجال الزراعة عملهم وانتقلوا إلى أماكن أخرى ولم نعد نجد من يساعدنا في عملية القطف والجمع. ويتابع أبو عقل لا أظن أن هذا العام سيكون أفضل من العام الماضي، حيث لم تتحسن الظروف الأمنية والمعيشية للمواطن بل أن عدداً كبيراً من الشباب الذي كان يساعدنا في أعمال الأرض قد هجر القرى وترك عمل الفلاحة إما بداعي الدراسة أو العمل أو مغادرة سورية نهائياً.
يجهز أبو سعيد عبوات قديمة لتعبئة الزيت ويقول: في الثلاث سنوات الأخيرة ارتفعت أسعار المواد بشكل جنوني حيث تضاعفت أجرة حراثة الأراضي عشرات المرات وخاصة بعد ارتفاع أسعار المازوت. كما ارتفعت أسعار المواد التي كنا نستخدمها في عملية قطف الزيتون وجمعه مثل أسعار العبوات البلاستيكية التي كانت تباع قبل سنتين بـ125 ليرة سورية إلى 400 ليرة سورية والعبوة الحديدية التنكة كانت تباع بـ100 صارت تباه بـ280 ليرة وممكن أن يرتفع السعر حسب جودة العبوة. وأجار القطاف كان العامل يتقاضى فيما مضى كيلو زيتون مقابل قطف خمسة كيلو زيتون، واليوم صار العامل يتقاضى أكثر من خمس وعشرين ليرة لقاء كل كيلو زيتون يقطفه. كما كنا ندفع ليرتين مقابل عصر كل كيلو من الزيت واليوم تطلب المعاصر عشر ليرات أجار عن كيلو زيتون.
شم ولا تذوق..!
بيعت تنكة (العبوة ذات سعة الستة عشر كيلو) زيت زيتون في الأسواق السورية بسعر تراوح بين عشرة آلاف إلى أربعة عشر ألف ليرة سورية. وهذا يفوق القدرة الشرائية للمواطن السوري العادي مما أدى إلى إحجام السوريين عن شراء زيت الزيتون الذي يعد ركناً أساسياً من أركان المائدة السورية.
أبو ماجد يقول: كنت فيما مضى أشتري ثلاث عبوات من سعة الستة عشر كيلو كمؤونه للسنة كلها ولكنني اليوم وبسبب ارتفاع سعر الزيت فقد اشتريت عبوة واحدة على أن تقوم زوجتي بخلط الزيت بزيت عباد الشمس كي تكفينا العبوة إلى أكبر وقت ممكن. ويتابع أبو ماجد فيما سبق كنا نشتري بالتقسيط وكنا نثق بجودة الزيت ومصدره ولكن اليوم يتوجب علينا دفع سعر العبوة كاملاً كما أننا لم نعد نعلم ما هو مصدر الزيت الذي كنا نتناوله وإذا مغشوش أم لا.
لا زيت ولا زيتون..!
تشتري أم عمار أوقيتين من الزيتون الأخضر الجاهز للأكل وتقول: ارتفعت أسعار الزيتون كثيراً ولم يعد بإمكاننا شراء حاجتنا كما كنا نفعل من قبل حيث كنا نشتري أفضل أنواع الزيتون بمائة ليرة واليوم يتراوح سعر الكيلو الواحد بين ثلاثمائة إلى الأربعمائة ليرة سورية وهذا يفوق قدرتي لذلك صرنا نشتري الزيتون لفطور يوم الجمعة فقط. وعن زيت الزيتون تقول أم عمار لم نعد نستطيع استخدام زيت الزيتون في طعامنا كما كنا نفعل قبلاً وصرت أخلط زيت الزيتون الأصلي بزيت عباد الشمس بحيث أزيد الكمية ولا تتغير الطعمة كثيراً لأننا لا نستطيع أن نتخلى عن زيت الزيتون الذي يدخل في معظم أطعمتنا.
تراجع الإنتاج إلى أقل من النصف
قال رئيس مجلس الزيت والزيتون السوري سامي تحسين الخطيب لإحدى وسائل الإعلام المحلية بأن المحصول المتوقع هذا العام من زيت الزيتون سيتراجع إلى 80 ألف طن بعد أن كان العام الماضي 160 ألف طن.
ويعيد الخطيب أسباب تراجع محصول الزيت إلى الظروف المناخية السيئة التي لعبت دوراً في تراجع إنتاج شجرة الزيتون بسبب الأمراض التي تفشت بشجرة الزيتون (عين الطاووس – سل الزيتون) وذلك بسبب عدم التدقيق والخلط بالأصناف أثناء جمع العقل وإدخالها في مراكز إنتاج الغراس سابقاً (منذ 15 عام) وعدم دراسة أصناف الزيتون التي تم توزيعها من مشاتل وزارة الزراعة من ناحية النوعية وكمية الإنتاج ومدى مقاومتها للأمراض ومدى تأقلمها مع مناخ المناطق التي ستزرع بها وبالتالي انخفض المردود الاقتصادي مما أبعد الفلاح بسبب الخسائر المادية عن الشجرة وبالتالي إهمالها وعدم الاهتمام بشجرة الزيتون.