من الذاكرة: «شو إل تي؟!»
ينعش صدرك ويبهج فؤادك سماعك شدواً عذباً، تصدح به أصوات مطربات ومطربين أجادوا وأبدعوا، فتحلق بلا أجنحة في عالم من الحبور والمتعة والراحة، لتسترجع انتظام نبضك وانسياب أنفاسك بعد ما كابدته من عمل وجهد وتعب وقلق في سعيك الدائب في ميادين الحياة. ومثل هذه السويعات المختطفة والعابرة على عجل هي محطات لابد منها لشحن الطاقة وتجديد العزم وإحياء التفاؤل والأمل.
وها هي ذكريات ماض عبر، ترتسم على صفحات خيالي – صورة وصوتاً – عشتها كما الناس جميعاً، بحلاوتها ومرارتها، بفرحها وترحها، تحضرني الآن منها أصداء أغنيات حميمة لفيروز وصباح وعبد الحليم حافظ ووديع الصافي و... (سمرا يم عيون وساع والتنورة النيلية – إلهوا أليل الذوء... بيطيرلي فستاني – الموج الأزرق في عينيك يناديني نحو الأعمق – ويا مسكين يابو مرعي شو سمعك تئيل) والأغنية الأخيرة بما تعنيه وتوحي به هي بيت القصيد – وطبعاً مع الاحترام الكبير لذكرى الصافي، والتقدير والإعجاب بصوته الرائع – فضعف سمع «بو مرعي» أحوجه إلى أن يردد عبارة «شو إل تي»، وهذا السؤال تكرره اليوم ألسنة العديد من «المحللين السياسيين المسبقي الصنع» والذين تصفعك برؤيتهم شاشات محطات كثيرة وبخاصة شاشاتنا المحلية، ولا حاجة لذكر أسمائها وأسمائهم، فأغلب المشاهدين والمستمعين يعرفونهم واحداً واحداً، كونهم ببغاوات تردد ما لقنته من مالكيها، وبالتحديد لتضليل الناس بشكل مقزز، فهم يتساءلون باستغراب متصنع: مع من نتحاور؟ مع الإرهابيين؟ ناسين أو متناسين الملايين من أبناء شعبنا المأزوم حتى النخاع، الملايين الذين يجهرون بمعاناتهم غير المحتملة.. بل الدامية والفاجعة، ويطمحون إلى حل سياسي يضع حداً قاطعاً لمصائب الوطن ومواطنيه هذا الحل السياسي الذي نادت به، ومنذ بداية الأزمة المعارضة الوطنية الرافضة للعنف وللإرهاب وللتدخل الخارجي. الحل السياسي المنشود أساسه طاولة الحوار الوطني التي تضم ممثلين عن كل من يعز عليهم وطنهم وشعبهم، الراغبين حقاً وصدقاً في حوار يوصلهم إلى اتفاق على برنامج التغيير الجذري الوطني الديمقراطي الشامل، وليس الحل الذي يعني إعادة الأمور إلى ما كانت عليه والقفز فوق الضحايا وأوجاع المعذبين على أرض الوطن وخارجه.
وأختم بهذا السؤال: هل ستنتهي أسطوانة «شو إلتو؟» وتصمت جوقة «آباء مرعي!» وأضرابهم من المتنطعين لتصدر (بازار) المزاودة بالوطنية... والوطنية منهم ومن بازارهم براء.