التعليم نحو الخصخصة.. نسب غير دقيقة وطلاب خارج «التعليم المجاني»..

التعليم نحو الخصخصة.. نسب غير دقيقة وطلاب خارج «التعليم المجاني»..

قضت نتائج المفاضلة العامة للعام الدراسي 2014 – 2015 على مستقبل العديد من الطلاب وخاصة في الفرع العلمي نتيجة رفع المعدلات ما بين 4 إلى 16 علامة لاختصاصات الطب والصيدلة والهندسات، بينما انخفضت نسبة قبول الطلاب من الفرع الأدبي في الجامعات السورية بشكل ملحوظ.

ومن أصل 123613 مقبولاً في المفاضلة العامة للعام الدراسي الحالي، تم قبول 50.19% من حاملي شهادة الثانوية الفرع الأدبي، أي أن حوالي نصف متقدمي هذا الفرع بقوا خارج إطار التعليم العام المجاني مضطرين للتقدم إلى مفاضلة التعليم الموازي المأجور أو التعليم المفتوح، أو الجامعات الخاصة في نهاية المطاف.
النصف خارج التعليم المجاني!
وانخفاض نسبة قبول الفرع الأدبي للشهادة الثانوية لم تكن بالجديدة على وزارة التعليم العالي، حيث انخفضت نسبة القبول العام الدراسي الماضي إلى أقل من النصف لتسجل 48.15% فقط، حيث بلغ عدد المقبولين 53179 من أصل 69286 متقدماً، وبقي أكثر من نصف المتقدمين خارج إطار التعليم الحكومي.
ورغم أن عدد المقبولين في الفرع العلمي في مفاضلة الجامعات الحكومية بلغ نسبة مرتفعة هذا العام مسجلاً 94.09% من مجموع متقدمي هذا الفرع الذين لم يتم الإفصاح عن عددهم الدقيق بشكل صريح، إلا أن نسبة القبول انخفضت عن العام الماضي أكثر من 1%، حيث كانت نسبة المقبولين في مفاضلة التعليم العام من الفرع العلمي العام الدراسي الماضي 95.85%، حيث بلغ عدد المقبولين حينها 66411 ألف طالب من أصل 69286 طالباً.
الاستيعاب ونار المعدلات
ووفقاً لأرقام وزارة التعليم العالي المصرح عنها للعام الدراسي الحالي، فقد ارتفع عدد الطلاب المقبولين في المفاضلة العامة حوالي 4023 طالباً فقط مقارنة بالعام الماضي، مع العلم أن الوزارة أعلنت أنها رفعت نسبة استيعاب القبول الجامعي للتعليم العام لهذا العام بنسبة 10%، أي أنه من المفترض أن يتم قبول حوالي 12 ألف طالب جديد، استناداً إلى الأرقام المصرح عنها في العام الماضي والتي بلغ وفقها عدد المقبولين في المفاضلة العامة 119590 طالباً من أصل 179741 متقدماً، بينما تقدم لمفاضلة العام الحالي 179518 وقبل منهم 123613.
واعتادت وزارة التعليم العالي الإعلان عن رفعها نسبة استيعاب القبول الجامعي للتعليم العام سنوياً بنسبة 10%، وهنا يتبيّن أن هذه الزيادة غير مفيدة طالما أن معدلات القبول في الاختصاصات مرتفعة ونسبة المقبولين في المفاضلة العامة مازالت تراوح في مكانها أو تنخفض.
وبلغ عدد الطلاب الناجحين هذا العام من الفرع العلمي 84495 ومن الفرع الأدبي 105833 مقارنة بـ 77236 للفرع العلمي و126109 للفرع الأدبي في العام الماضي.
الرفع «عُرف» وزاري
وفي خطوة زادت من صعوبة التحاق الطلاب بالفروع العلمية في الجامعات للعام الدراسي الحالي، رفعت وزارة التعليم العالي الحدود الدنيا للقبول في الاختصاصات الأكثر طلباً بين شريحة واسعة من الطلاب، وهي الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة والهندسة المعمارية.
ووفقاً للجدول أدناه، يتبيّن أن نسبة رفع معدلات القبول لهذه الاختصاصات زادت ما بين 4 إلى 16 علامة:


وفي العام الدراسي الماضي 2013 – 2014، لوحظ أيضاً أن هناك ارتفاعاً في علامات الطب علامة أو علامتين ولاسيما في الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة، في حين شهدت الأفرع الأدبية ارتفاعاً ملحوظاً في بعض أقسام كلية الآداب مثل اللغة العربية واللغة الإنكليزية وكلية الحقوق في جامعة دمشق، ما انعكس سلباً على دخول الطلاب الاختصاصات التي يرغبونها في الجامعات الحكومية بنظام التعليم المجاني، وأجبر العديد منهم للجوء إلى التعليم الموازي أو المفتوح أو الخاص.
النسبة غير المجدية
وشهد العام الدراسي الحالي ارتفاعاً في نسبة المقبولين بالمفاضلة العامة للفرع الأدبي عن العام الماضي حوالي 2%، وذلك نتيجة خفض معدلات القبول عكس السنوات السابقة، وتراوح الفرق انخفاضاً ما بين 66 درجة إلى 499 درجة للاختصاصات الأكثر طلباً، وفقاً للجدول التالي:

وبناء على توجه وزارة التعليم العالي العام الحالي، بخفض معدلات القبول في اختصاصات المفاضلة العامة للفرع الأدبي التي رغم خفض معدلاتها بقيت نسبة القبول فيها حوالي نصف المتقدمين فقط، فإنه لو سلكت الوزارة ذات المنحى بخصوص الفرع العلمي، لازدادت نسبة المقبولين في المفاضلة العامة، وخاصة أنها رفعت نسبة الاستيعاب 10%، والتي تتيح لحوالي 12 ألف طالب الحصول على رغباتهم في التعليم المجاني، بينما لم يستفد من هذه النسبة سوى 4023 طالباً وفقاً لإحصائية سبق ذكرها، أي أن الوزارة قادرة على استيعاب 7977 طالباً إضافياً ولم تستوعبهم هذا العام، وبقوا خارج معادلة التعليم الحكومي رغم تخصيص أماكن لهم.
وربما قد يبرر خفض معدلات القبول لاختصاصات الفرع الأدبي بالمفاضلة العامة هذا العام، هو عدم اهتمام الجامعات الخاصة بهذه الاختصاصات مقارنة بالاختصاصات العلمية، حيث يغلب على الجامعات الخاصة في سورية طابع الاختصاص العلمي، الذي تنتهج وزارة التعليم العالي رفع معدلات قبوله سنوياً.
التعليم المأجور
يبلغ مجموع أعداد الطلاب المسجلين في الجامعات الخاصة في سورية وفقاً لآخر الإحصائيات، حوالي 32000 طالب، موزعين على 20 جامعة خاصة موجودة حالياً.
ووصلت أقساط بعض الجامعات الخاصة حد المليون ليرة سورية وأكثر في العام الدراسي الواحد لبعض الاختصاصات مثل الطب البشري دون أن تدخل بها تكاليف المواصلات أو أي مستلزمات أخرى، في حين اختلف قسط العام الدراسي لذات الاختصاص من جامعة إلى أخرى وكأنها سوق تجارية.
وكان معاون وزير التعليم العالي لشؤون التعليم الخاص، بطرس ميالة، قد أكد في تصريحات صحفية سابقة، أن أسعار أقساط وساعات الدراسة في الجامعات الخاصة «محررة» وتعود إلى قرارات الجامعات ذاتها، مشيراً إلى «أن ذلك يخلق نوعاً من التنافس» على حد تعبيره.
والجدول التالي يبيّن أسعار الدراسة لبعض الاختصاصات في الجامعات الخاصة
المتاجرة بالتعليم المفتوح
وكانت وزارة التعليم العالي رفعت العام الماضي، الرسوم الجامعية لطلاب التعليم المفتوح المأجور، من 3 آلاف ليرة للمقرر لتصبح بـ 5 و6 آلاف ليرة وذلك حسب الاختصاصات.
وبموجب القرار فقد حددت الوزارة 300 ل.س رسماً سنوياً لجميع الطلاب، و200 ل.س رسم تسجيل لمرة واحدة للطلاب السوريين ومن في حكمهم، و700 دولار رسم تسجيل لمرة واحدة للطلاب العرب والأجانب، و6000 ل.س عن كل مقرر في اختصاص الهندسة المعلوماتية للطلاب السوريين ومن في حكمهم، و5000 ل.س عن كل مقرر لباقي الاختصاصات للطلاب السوريين ومن في حكمهم.
كما حدد القرار 300 دولار عن كل مقرر في اختصاص الهندسة المعلوماتية للطلاب العرب والأجانب، و150 دولار عن كل مقرر للطلاب العرب والأجانب، و5500 ل.س للتدريب العملي للطلاب السوريين ومن في حكمهم، و300 دولار للتدريب العملي للطلاب العرب والأجانب.
وحدد القرار الرسم المقرر للطلاب السوريين ومن في حكمهم من أعضاء نقابة المعلمين وأبنائهم والعاملين الدائمين في الوزارة المقبولين في نظام التعليم المفتوح 4800 ل.س عن كل مقرر نظري في اختصاص الهندسة المعلوماتية و4000 ل.س عن كل مقرر نظري لباقي الاختصاصات.
وهنا تشير الأرقام، إلى أن السياسة التي تنتهجها وزارة التعليم العالي، هي إجبار الطلاب للتوجه إلى التعليم المأجور من تعليم موازٍ ومفتوح وجامعات خاصة، في عملية ربحية وشبه تجارية، حيث توجد دراسة وقرار مبدئي لترخيص حوالي 10 جامعات جديدة إضافة إلى الموجودة حالياً ليصبح العدد الكلي لهذه الجامعات 30 جامعة.