الزراعة في ريف حلب.. تهميش وترهيب وتلاعب بالأسعار

الزراعة في ريف حلب.. تهميش وترهيب وتلاعب بالأسعار

تعتبر الزراعة بشقيها النباتي والحيواني، من أهم الأنشطة الإنتاجية في سورية، فهي تسهم ما بين 25- 30% من إجمالي الناتج الوطني، حيث أمنت في السابق، الرصيد الاستراتيجي والسيادي لسورية، ما شكل مصدر قوة لها، عندما تعرضت لأزمات اقتصادية، وخاصة في ثمانينيات القرن الماضي.

وثلاث سنوات من الحرب والتهميش للريف الحلبي، كانت كفيلة في دفعه للانهيار، أضف إلى ذلك ما سبقها من مقدمات كثيرة، ساهمت في إضعافه، حيث كان الفلاح يعمل هو وعائلته ويصارع، ليصل إلى نهاية الموسم، ويحصل على ما يسد حاجاته المعيشية في حدودها الدنيا.
تهميش وترهيب
والفلاح اليوم عالق في دوامة كبيرة.. وضع أمني خطير، بسبب وجوده في مناطق التوتر، وتركز مقرات المجموعات المسلحة، وما يتعرض له من إرهاب فكري واجتماعي من جهة، إضافة إلى صعوبة حصوله على عناصر الإنتاج، إما لضعف القدرة الشرائية أو لافتقاده للمال، حيث يضطر لشراء المحروقات من السوق السوداء، ولا يتوفر سوى المازوت المسروق، الذي تتم معالجته بطرق بدائية، مما يسبب الكثير من المشكلات والأعطال لمضخات الري ناهيك عن أسعاره المرتفعة. والأمر ينطبق على البذار والأسمدة والأدوية الزراعية.
حساب الحقل وحساب البيدر
في محاولة منا لتوصيف الواقع ومقاربته بجردة حساب بسيطة وسبر هذه المعاناة، نجد:
إذا أخذنا محصول القطن من الموسم الصيفي، فإن تكلفة الهكتار الواحد تحتاج إلى: 45000 ل.س مازوت في الوسم الواحد و 25000  ل.س سماد و5000 ل.س سماد و20000 ل.س يد عاملة و25000 ل.س أجور نقل، لتكون التكلفة بالمحصلة = 120000 ل.س.
علماً أن محصوله من الهكتار لا يتجاوز 5 أطنان.
أما بالنسبة لمحصول القمح/الشعير.. فتكلفة هكتار الأرض البعلية:
6000 ل.س حراثة300 ك (بذار) # 40 ل.س (سعر الكيلو الواحد) = 12000ل.س
5000 ل.س سماد و5000 ل.س حصاد = 26000 ل.س. لتكون التكلفة بالمحصلة =28000ل.س.
أما إذا تحدثنا عن أرض مروية:
20000 ل.س حراثة 400ك (بذار) # 40ل.س = 16000 ل.س
12000 سماد (ترابي فوسفات 50 \يوريا 36) وتكلفة المازوت 300 ليتر # 70 سعر اللتر الواحد أي  21000 ل.س، لتكون التكلفة بالمحصلة =69000 ل.س.
تركهم لمصير مجهول!
بهذه الحسبة البسيطة، حاولنا معرفه ما يدفعه الفلاح من تكاليف، دون الحديث عن بيع وتسويق المحصول الذي ينتظره، مصير مجهول، بسبب تلاعب التجار وشرائه بأسعار زهيدة، لبيعه بأسعار مرتفعة في الأراضي التركية.
بالنتيجة: نحن أمام فلاح متروك لمصيره المجهول، دون أدنى دعم، وفي وضع أمني واقتصادي، يهدد وجوده ويعرضه للفقر المدقع، مما يدفعه لترك أرضه، واللجوء إلى الدول المجاورة، لتأمين لقمة عيشه كعامل.
وهذا ما يفاقم الأمور على الشعب والوطن وكرامتهما التي يجب أن تكون فوق كلّ اعتبار..!؟