أزمة تسويق التفاح في السويداء.. النهب العلني
لا جديد هذا العام عن الأعوام الثلاثة السابقة، أي منذ بدء الأزمة الوطنية، فالأسعار التي يعرضها (الضمّانة)- وسطاء الشراء بين الفلاح والسوق- هي إعلان صريح بنيّة النهب والاستغلال، ومع غياب أي آثر للسلطة الرقابية، وغياب قنوات التسويق الحكومية، يقع الفلاح مجدداً في شباك الاستغلال والفساد.
مع ارتفاع الأسعار الجنوني في تكاليف الإنتاج الزراعي، بدءاً من أسعار عبوات الرشوش وكيلو السماد عموماً التي ارتفعت أكثر من 4 أضعاف لأنها مرتبطة بالدولار.
حسبة بسيطة
والدولار لا حاكم له في هذا البلد على ما يبدو إلا جيوب حيتان المال، ثم هناك تكاليف الحراثة والتقليم وعملية الرش، والتي ارتفعت جميعها بسبب ارتفاع سعر ليتر المازوت الحر من 85 ل.س إلى 300 ل.س في الشهرين الأخيرين، وعدم إمكانية تأمين الكميات المطلوبة من الدولة، طبعاً يضاف إليها ارتفاع تكاليف اليد العاملة، مع ملاحظة أن أجرة اليد العاملة لم ترتفع أبداً بالنسبة نفسها لارتفاع باقي التكاليف ناهيك عن ارتفاع تكاليف المعيشة التي تبقى غائبة عن الحسبان، والفارق شاسع بين أجرة اليد العاملة عموماً والزراعية خصوصاً بسبب العرض الكبير من اليد العاملة في السوق الزراعية.
ووفق أكثر التقديرات عقلانية، والتي يمكن تدقيقها من التعاونيات الزراعية والإرشاديات الحكومية، نجد أن تكلفة إنتاج كيلو التفاح تبلغ بحدّها الأدنى 30 ل.س وبحدّها الأعلى 40 ل.س، مع التذكير بأن هذه التقديرات هي وسطية ولا تعبر عن التكاليف في المناطق صعبة الوصول والتي فيها ظروف خاصة للعمل مثل المدرجات الزراعية وغيرها من المناطق.
لا أكثر ولا أقل
في مقابل هذا الواقع، فإن الأسعار المعروضة في السوق هي 45 - 55 ل.س للـ(دوغما)- أي يباع الإنتاج دون تصنيف درجات النوعية-، وفي حالة التصنيف فإن الأسعار هي كالتالي:
20- 25 ل.س للصنف الثالث
30- 40 ل.س للصنف الثاني
50- 60 ل.س للصنف الأول
أمّا الصنف الممتاز الذي هو نادر جداً في هذا الموسم فإن تسعيره يتوقف حصراً على قدرة المساومة بين البائع والمشتري.
والجدير بالذكر أن أكثر من 60% من إنتاج السويداء هذا العام هو من الصنف الثالث بسبب العديد من العوامل الطبيعية، وبسبب الكميات الكبيرة من الرشوش الفاسدة والتي أضرت بالإنتاج وتحديداً الصنف الأول منه، وهذه النقطة تحديداً هي التي تفسح المجال واسعاً للتجار للتلاعب بالأسعار والضغط على حاجة الفلاحين لمبالغ مادية بغية تسديد الديون الناتجة عن عملية الإنتاج ذاتها، وبسبب التخوف الكبير لدى الفلاحين من كساد الإنتاج وفساد جزء كبير منه في حال تأخر القطف.
الكهرباء وتكاليف التخزين!
أمّا عن احتمال أن يقوم الفلاح بقطف إنتاجه وتخزينه، ثم تسويقه خلال أشهر الشتاء، فإن هذا الاحتمال غير ممكن لدى الأغلبية بسبب عدم توفر الإمكانيات المادية لتغطية تكاليف القطف والتخزين، آخذين بعين الاعتبار الارتفاع الكبير في تكاليف التخزين بسبب أزمة الكهرباء، وخصوصاً في السويداء، وأيضاً بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والنقل وكل التكاليف الباقية المتعلقة بعملية التخزين والتسويق.