من الذاكرة: نشاطات أدبية وثقافية

حريٌّ بنا ونحن في رحاب الاحتفاء بالذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري في الثامن والعشرين من تشرين الأول عام 1924، أن نحيي بكل العرفان والتقدير والاحترام جميع الذين ساهموا في بناء الحرب وشاركوا في نضاله المجيد خلال تاريخه الطويل بالبذل والعطاء والتضحيات، وأن نستلهم منهم تجاربهم الناجحة وأن نعمل على إغنائها لمتابعة طريقهم النضالي الوطني والطبقي من أجل وطن حر وشعب سعيد.

لقد مر حزبنا بمراحل عديدة من النضال بمختلف أشكاله، وكانت مرحلة تكوين الحزب من أشق المراحل، فالرواد الأوائل عانوا الكثير، ليس فقط من الاضطهاد والإرهاب والحرمان، بل كذلك من النبذ والافتراء والتجني وهو الأقسى، ومن صعوبة تعريف الناس بحقيقة أفكارهم وأهدافهم.

وكما جاء في أدبيات الحزب بعد الإعلان رسمياً عن وجوده، فقد عمل الرفاق على أن يكون حزبهم حزب نضال لا هوادة فيه ضد الاستعمار والإقطاع والرجعية، ومن أجل الاستقلال الوطني والتقدم الاجتماعي، وأن يكون حزب العمال والفلاحين والجماهير الشعبية الكادحة، في سبيل تحقيق مطالبهم، وأن يكون حزب الاشتراكية العلمية. وعلى هذا الأساس خاض نضاله الباسل فكان بحق حزب الجلاء والخبز والحرية ومقارعة الرجعية والديكتاتورية العسكرية، ولا شك في أن إضاءة هذا التراث الحافل «بحلوة ومره، بنجاحاته وصعوباته» سيشحذ عزائم الرفاق الشباب، ويقوي سواعدهم لمواصلة النضال لخير الشعب والوطن.

وبكوني ممن انتسبوا إلى الحزب بعد ثلاثين عاماً من تأسيسه لأصير واحداً بين آلاف، بل عشرات آلاف الشيوعيين السوريين، وقد عشت في أواسط خمسينيات القرن الماضي مرحلة انزياح كابوس الديكتاتورية العسكرية عن صدر سورية الغالية، لتسطر فواتح الآمال والأماني وقائع ملموسة في كل المجالات، وسأركز اليوم على ميدان الثقافة والوعي، فقد انبثق إلى الوجود نشاط عارم تجسد في تطوير تجربة الروابط الطلابية التي نشأت إبان الحكم الديكتاتوري، في كل المدارس الإعدادية والثانوية والجامعية لحشد الطلاب في النضال ضد الحكم العسكري، ومن ثم تم تشكيل روابط أدبية وفنية وعلمية، استقطبت الشباب، ومنها رابطة الثقافة الوطنية وكنت أحد أعضائها وأذكر منهم عبد الرؤوف حاج حسين وعبد الرزاق عرفات وعبد الحميد وعبد الوهاب رشواني وعربي عبدو ومحمد خير ظاظا ووليد وصلاح كيكي، ورابطة وحي القلم ومن أعضائها رأفت الكردي وتحسين ميرخان وجورج جبور الذي يحتفظ إلى اليوم بوثيقة الموافقة على انتسابه إليها وعليها توقيع الرفيق رأفت. ورابطة الفكر والقلم ومن أعضائها مروان مراد وعبد الهادي البكار ومحمد المصري وخديجة أرناؤوط وسلمى الجلاد، ورابطة ندوة الفكر ومن أعضائها ماجد شبل وغازي الخالدي وأحمد الجفان، ثم تشكلت رابطة الكتاب والأدباء السوريين ومن أعضائها مواهب الكيالي وشوقي بغدادي وإليان ديراني.. وكانت أشبه بخلايا نحل.. تسعى نحو الأفضل.. وحق للجميع أن يسعدوا.

 وقد أحسن الشاعر إذ قال:

فحق الناس أن تسعد 

بما تعطي من الجهد

وأن تبني الغد الأمجد

بلا خوف ولا حقد