«الهلال الأحمر» اسمٌ كبير وفعلٌ..!؟
منظمة الهلال الأحمر هي منظمة عالمية، ولها استقلالية نسبية، وتعتمد على العمل التطوعي بالدرجة الأولى.. ورغم دورها الإنساني والجهود التي تبذلها، إلاّ أن الفساد قد طال إداراتها في سورية، سواء بعملية اختيارها أو في عملها، وقد كثرت الشكاوى حولها قبل الأزمة، وزادت كثيراً خلالها رغم أن العديد من منتسبيها ضحوا بحياتهم أثناء القيام بواجبهم الإنساني!
وسبق أن تناولنا في «قاسيون» أوضاع فرع الهلال الأحمر في الرقة قبل الأزمة، وكذلك فرع دير الزور، وعملية الانتخابات أو التعيين فيهما، واحتكار الإدارة «عائلياً»، وما جرى فيهما من ممارسات مخالفة لقوانين المنظمة، وفي عملية توزيع المواد وبيعها حتى في الأسواق.
إدارة ضعيفة
لقد تعاقب على فرع دير الزور عدة إدارات لم تنتخب، وإنما جرى تكليفها لاعتبارات أخرى. والإدارة الحالية رغم وجود بعض الكفاءات إلاّ أنها مخالفة للقانون الذي يحدد مواصفات معينة، فليس من المعقول أن يكون رئيس الفرع لا يحمل شهادة جامعية، وعضو الإدارة دكتور وعميد جامعة الفرات رغم وجود كفاءات كثيرة لديها القدرة والاستعداد للعمل، وقد تم نقل ذلك للإدارة العامة للهلال، ولوزير الشؤون الاجتماعية، ولم يتخذ أي إجراء بل جرى تبرير ذلك والتنصل من المسؤولية وتحميلها للمحافظة.. ومع ذلك يجري تضخيم أداء الإدارة.
لا توجد سلل غذائية!
لا شكّ أن مستوى العنف الذي تفجر مع الأزمة وحجم الضحايا والمهجرين والخراب والتدمير قد زادت حجم العمل والعبء الملقى على عاتق العاملين في الهلال الأحمر، وقد برزت خلال الأزمة هشاشة بعض الإدارات التي تمّ اختيارها، وتقصيرها في عملها، وهي تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، والجزء الآخر يقع على الجهات المسؤولة، والمجموعات المسلحة التي تعيق وتمنع وصول فرق عمل الهلال إلى العديد من المناطق، أو تمنع وصول المساعدات الإغاثية للمتضررين وسرقتها، وعلى سبيل المثال منذ حوالي عشرة أشهر لم توزع أية سلة غذائية في حيي «الجورة والقصور» الآمنين في مدينة دير الزور، وقد استولت المجموعات المسلحة التكفيرية على العديد من الشاحنات المحملة بالسلل الغذائية على طريق دمشق- دير الزور، بالإضافة للحصار المتكرر الذي تفرضه هذه المجموعات.
في المقابل لم تسع الجهات المسؤولة في إيجاد حل وطريقة لتأمينها كأن تنقل جواً.. أو تلقى من الطائرات على أماكن محددة تقع تحت سيطرة الدولة. وهذا ما سمح لبعض الجمعيات المرتبطة بالخارج للبروز رغم أنها أيضاً تمارس النهب، وتقوم بتوزيع المواد فقط في المناطق المتوترة لمن يرتبط بالمجموعات المسلحة أو يؤيدها.
نقل رفات الضحايا..!
نتيجة العدد الكبير للشهداء والضحايا بسبب العنف والقصف والاشتباكات، وخطورة الوصول إلى المقابر التي تقع خارج المدينة بل ومنع الوصول إليها، اضطر المواطنون لدفنهم في الحدائق العامة التي امتلأت عن آخرها، وكذلك في الحدائق المنزلية وحتى في الأرصفة، وأصبح تأمين قبر مشكلةً كبيرة، رغم أنه لا يشترى في دير الزور كما في مراكز المحافظات الأخرى التي يصل فيها سعر القبر إلى مئات الآلاف.
وقد أوعزت المحافظة إلى العديد من الجهات في المساهمة بنقل رفات الشهداء والضحايا إلى المقابر ومنها مجلس المدينة. وقد نقل عن مجلس المدينة أنه تم نقل حوالي 125 رفاتاً خلال تسعة أيام، وأن متطوعي الهلال شاركوا فقط في اليوم الأول، وقاموا بنقل ثلاث رفات فقط.. بينما نشر على صفحات نشطاه أن العدد وصل إلى 1000 وهذه المبالغة تكشف ضعف العمل وشكليته وتتحمل الإدارة المختارة مسؤولية ذلك.
الإمكانات موجودة ولكن..
لا شكّ أنّ ظروف الأزمة وتعقدها يزيد من الأعباء لكن من المفترض أن تضاعف الجهود، وأن يجري البحث عن حلول إدارية وحلول عملية وإمكانات ذلك موجودة لكن لا يجري توظيفها.. بل الانطلاق في العمل من الضرورة وليس من الإمكانات المتوفرة فقط لتخفيف معاناة المواطنين الذين طحنتهم الأزمة، والمحافظة على حياتهم وما تبقى من كرامتهم وكرامة الوطن التي هي فوق كل اعتبار.