تحذير
  • JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 177
الحسكة.. أغنى المحافظات السورية خارج «التغطية» والحكومة تنام على «وعودها المعسولة»؟!

الحسكة.. أغنى المحافظات السورية خارج «التغطية» والحكومة تنام على «وعودها المعسولة»؟!

ابتسامة صغيرة تغتصب شفاه «الحسكاويين» عندما تسألهم كيف هو حال الأهل، فهناك من لم يلتق أهله منذ قرابة السنتين حاولوا خلالها سماع أصواتهم عبر أثير اتصال لا يوصل سوى بعض الصراخ ليُفهم منه أنهم مازالوا أحياءً.

وعلى وقع استمرار الأزمة وتداعياتها الكارثية يطرح هنا جملة تساؤلات: إلى متى ستبقى المحافظة وأخبارها خارج التغطية؟ وإلى متى ستبقى الجزيرة السورية غير مرئية على الخريطة الإعلامية؟! وإلى متى سيبقى أهالي الحسكة يتنفسون معاناتهم بصمت، حيث يفوق حجم المعاناة في الجانب الخدمي تحديداً حتى عن تلك المحافظات التي شهدت توتراً أكثر نسبياً مثل ديرالزور والرقة.

الانقطاع والحلول البديلة

وعند السؤال عن واقع الاتصالات السلكية واللاسلكية، يقول «أيهم مرعي»- مراسل لعدة جهات إعلامية في محافظة الحسكة- «إن محافظة الحسكة تعاني من انقطاع الاتصالات وخدمة الانترنت. وهذا الانقطاع مستمر منذ أكثر من عام ونصف العام، وما زالت المحافظة بعيدة عن التواصل مع العالم الخارجي، ولم تفلح وعود الوزراء والمعنيين في إيجاد حل لهذه المشكلة، ولكننا وعدنا بعودة الاتصالات بعد شهر من الآن وذلك بعد تعاقد وزارة الاتصالات مع شركة صينية. في حين تم قبل أسبوع إعادة الاتصالات الخليوية داخلياً فقط في المحافظة وتفعيل خدمة الرسائل القصيرة بين الحسكة وباقي المحافظات».
وتابع حديثه قائلاً «وجد الأهالي الحل لمشاكل الاتصالات منذ انقطاعها، حيث يعتمدون مقاهي الانترنت الفضائي. في حين تعتمد البلدات الحدودية على الاتصالات التركية التي انتشرت كثيراً في عدة مناطق من المحافظة، لكن تكلفة الاتصال عبر الانترنت الفضائي تزيد بخمسة أضعاف عن مثيلتها على الشبكة السورية».

العنف يطال ورش الصيانة

وأضاف «تحاول ورش مديرية الاتصالات في الحسكة عبثاً إقناع مسلحي ما يسمى «داعش» لإصلاح الكابل الضوئي. وبرغم أن عمال مديرية الاتصالات يحصلون على الموافقة أحياناً، إلا أنه في اللحظات الأخيرة قد تتغيّر المعطيات، ويعتقل تنظيم «داعش» عمال الورشة ويعتدي عليهم أحياناً، كما حصل في أيار الماضي عندما أصيب عاملان بطلق ناري وهما يحاولان تشغيل محطة مركدة جنوب المحافظة حيث قطعت الجماعات المسلحة الكابل الضوئي المشغل للاتصالات في بلدة مركدة منذ نيسان الفائت. ولا إمكانية لإصلاحه في ظل سيطرة المسلحين على المنطقة، بينما ما زالت خدمة الإنترنت مقطوعة عن المحافظة منذ آذار 2013 حتى الآن.
ويصرّ المسلحون على عدم السماح لورش الصيانة بإصلاح الكابل الضوئي، فقطع الاتصالات أوقف الخدمة عن أكثر من 160 ألف مشترك محلي، وأكثر من نصف مليون مشترك في الهاتف الخلوي، وأصبحت الحسكة خارج التغطية السورية».
وتتساءل راما ج مششكة (طالبة جامعية): لماذا تنقطع الاتصالات في المحافظة كل هذه المدة ولم تنقطع في محافظات أكثر توتراً من محافظة الحسكة.

«خزان سورية» بلا وقود!

تعتبر محافظة الحسكة «خزان سورية النفطي» حيث تحوي أراضيها أكبر حقول النفط السورية. ورغم ذلك فأهالي الحسكة محرومون من مشتقات النفط السوري منذ تاريخ 1\8\2012.
وفي هذا السياق يقول أيهم «يحصل السكان على المشتقات النفطية من عدة مصادر، حيث يحصلون على البنزين السوري النظامي عن طريق التهريب عبر محافظة دير الزور؛ ويصل سعر الليتر الواحد من البنزين النظامي إلى 300 ليرة سورية، وهناك البنزين المكرر محلياً الذي يسبب أضراراً بيئية وأيضاً أضراراً للسيارات نتيجة عدم تعرضه للتكرير الجيد، وهذا البنزين يباع بـ100 ليرة سورية لليتر الواحد».
وتابع «إن المعاناة ذاتها تندرج على مادة المازوت الذي يعتمد عليه الأهالي في عملهم الزراعي، أما الغاز المنزلي فقد تصل شحنات بسيطة وبكميات قليلة من الغاز السوري وما تبقى يأتي إما من العراق عن طريق التهريب أو من تركيا».
وعن واقع الكهرباء يقول «اعتاد الحسكاويون الواقع المزري للتيار الكهربائي، حيث يأتي التيار الكهربائي بمعدل ساعة واحدة صباحاً وساعة مساءً. وغالباً ما تشهد هذه الساعة انقطاعات عديدة، لذلك بتنا نشهد انتشاراً واسعاً للمولدات الكهربائية التي تبيع الكهرباء للمنازل حيث يكلف الواحد أمبير 1000 ليرة في الشهر. علماً أن هذه التسعيرة لا تخضع لأي مراقبة من قبل الجهات المختصة»، ويضيف «واقع الكهرباء السيئ انعكس سلباً على صعوبة تأمين المياه».

تأخر صرف الرواتب

يضاف إلى أعباء أهالي الحسكة عبء جديد كل شهر يتمثّل في تأخر صرف رواتب العاملين في الدولة- حيث تصل كتلة رواتبهم إلى حوالي مليار و500 مليون ليرة سورية- إلى ما بعد العاشر من كل شهر.
وعن هذا الأمر يقول أيهم «يعيش الحسكاويون هواجس شهرية عبر شائعات يروجها البعض عن إفلاس الحكومة السورية وعدم قدرتها على تأمين رواتب العاملين لديها، وتبريرات حكومية «بأن مشكلة تأخر الرواتب مؤقتة ولأسباب محددة»، يعيش موظفو الحسكة حالاً من الترقب أمام معتمدي الرواتب والمحاسبين، منتظرين لحظة الفرج لتسلّم مستحقاتهم المادية من أجورهم الشهرية»، ويضيف «إن محافظ الحسكة أكد أنّ السبب يعود إلى عدم توافر النقل المناسب للطيران لنقل كتلة الرواتب التي تحتاج إلى طائرة بحجم كبير لنقلها إلى المحافظة»، متابعاً أنّ «لا مشكلة في مسألة تأمين الرواتب، لكونها تأتي من دمشق».

جواً بدل البر

تعتلي ابتسامة باهتة وجوه المسافرين على متن الخطوط الجوية السورية للطيران بعد رحلة استغرقت من البعض ساعات طويلة تجاوزت العشرين ساعة نتيجة التأجيلات المستمرة، والبعض منهم حط بهم الرحال بعد أيام من الانتظار على أرض مطار دمشق الدولي.
وتقول «إيمان» التي تجر حقائبها «لم يعد باستطاعتنا السفر براً وذلك نتيجة خطورة الطريق البري، ولكن سوء الخدمة وساعات الانتظار الطويلة لا تجعل من السفر جواً خياراً جيداً»، وتضيف «كما أن سعر تذكرة الطائرة المرتفع يجعل الإنسان يفكر أكثر من مرة في موضوع السفر لرؤية أهله في الحسكة فبعضنا لم ير أهله منذ عامين تقريباً».
وبدوره يعتبر «أحمد» دفع مبلغ 25000 ليرة ثمن تذكرة طائرة من القامشلي إلى دمشق خسارة وذلك نتيجة الانتظار الطويل وعدم الدقة في المواعيد. ويقول «أعمل في التجارة، وأضطر للسفر كثيراً بحكم عملي، ولم يعد طريق البر آمناً لذلك أسافر عبر الجو. ولكن هناك سماسرة يتلاعبون بالتذاكر المخصصة لأبناء الحسكة، حيث بات يوجد سوق سوداء لتذاكر الطيران التي يتراوح سعرها بين 20000 والـ25000 بينما السعر الرسمي للتذكرة هو6800 ليرة سورية».
يوجد طريقان للسفر براً من الحسكة إلى دمشق، ولكن معظم شركات النقل البري قامت بإيقاف رحلاتها البرية من وإلى الحسكة ليتبقى عدد قليل من البولمانات العاملة على الطريق، حيث يقوم سائقو هذه البولمانات بتغيير طريق السفر حسب الأوضاع الأمنية السائدة وذلك إما عن طريق «الرقة- السلمية- دمشق» أو عن طريق دير الزور.

طرق بدائية لكسر الحصار 

سيارات نقل رباعية حديثة وسيارات قديمة ودواب ستشاهدها تعبر طريقاً ترابية عبدتها أرجل المارة منذ عام ونصف العام، ينقل خلالها الحسكاويون الأدوية والأغذية والملابس والأثاث المنزلي والمازوت والبنزين وكل ما هو قابل للبيع.
وهذا الطريق الذي ابتدعه السوريون والعراقيون يصل بين مدينة «المالكية» السورية و«دهوك» العراقية في خطوة لكسر الحصار المفروض على الحسكة.

بيوتنا مفتوحة للنازحين

لم تغيّر الأوضاع الأمنية السيئة والأوضاع الاقتصادية الصعبة من عادات أهالي الحسكة الكرماء، الذين استقبلوا أكثر من 20 ألف نازح عراقي من قضاء «سنجار» في محافظة نينوى العراقية وصلوا إلى معبر «اليعربية» الحدودي الذي يقع شرق محافظة الحسكة، في ظل استنفار الفعاليات الأهلية لتقديم المساعدة لهم. وقد تمكّنت «وحدات حماية الشعب» الكردية و«وحدات مقاومة شنكال» من تأمين معبر للمدنيين المحاصرين في الجبال، وأخرجت قسماً كبيراً منهم الى مناطق آمنة في سورية.
وذكرت مصادر  إعلامية «إن أكثر من خمسة آلاف شخص اختاروا اللجوء إلى قرى ومدن قريبة، فيما تم تجهيز مخيم نيروز الذي يقطنه الآن أكثر من ألفي لاجئ، وتم تقديم كافة الاحتياجات الضرورية لهم». وشهد المخيم تدفق عدد كبير من الأهالي الذين أتوا من «المالكية» والمدن المحيطة لمساعدة اللاجئين العراقيين.