«خبز الحسكة» في أتون الحرب

«خبز الحسكة» في أتون الحرب

شهد الأسبوع الماضي تطورات لافتة في محافظة الحسكة، كان الخاسر الأكبر فيها المواطن الذي استهدفت العمليات العسكرية بين الطرفين المتنازعين خبزه ولقمة عيشه بشكل أساسي، مع تدمير فرن احتياطي يغذي ناحية رئيسية في المحافظة، وسرقة كميات كبيرة من القمح من أحد مراكز تجميع الحبوب وتخزينها.

وتعيش المحافظة تصعيداً عسكرياً قد يكون الأعنف منذ بدء الأزمة السورية، إذا ما استمر على الوتيرة ذاتها، وقد يغيّر من واقع المحافظة التي ظلت قبلة للنازحين السوريين من باقي المحافظات، ولاسيما دير الزور والرقة، على الرغم من الهدوء النسبي خلال الأيام القليلة الماضية.

تحرير «الخبز»

سقط عدد من الضحايا بين قتيل وجريح في سقوط قذائف عشوائية على الأحياء السكنية للمدينة، في محاولة من المجموعات المسلحة التابعة لما يسمى بـ«داعش» للسيطرة على مركز المحافظة الذي ظل خاضعاً لسيطرة الدولة، باستثناء حي «غويران»، ووصلت هذه المجموعات التكفيرية إلى مشارف المدينة، وسيطرت على فوج عسكري بالقرب منه مخازن كبيرة للحبوب في منطقة «الميلبية» ونهبته.

وقال أحمد الحسن مدير فرع الحبوب في القامشلي، إن كميات كبيرة من القمح المخزن في منطقة «الميلبية» تعرضت للسرقة، وقدرها مدير الفرع بنحو 1100 طن، مبيناً أنه سيتم تشكيل لجنة لتقدير الأضرار التي طالت المركز وكمية القمح التي سرقت بشكل دقيق.

وفي السياق ذاته، سقطت قذيفة صاروخية على مخبز ناحية «اليعربية» الاحتياطي في ريف الحسكة، ما أدى إلى احتراقه بالكامل وخروجه من الخدمة، بعد أن كان ينتج نحو 13 طن من الخبز يومياً ويغطي جزءاً كبيراً من حاجة «اليعربية».

خارج الخدمة حتى إشعار آخر

في ظل ظروف غير عادية تمر فيها البلاد بشكل عام، وغياب شبه كامل لمؤسسات الدولة عن القيام بواجبها بشكل خاص في الحسكة، فإن تعويض الأضرار التي لحقت بمخبز «اليعربية» ومخازن الحبوب في «الميلبية»، أمر مشكوك فيه، بالاستناد إلى تجارب سابقة طوال أكثر من ثلاث سنوات من عمر الأزمة السورية.

ورغم الإعلان الرسمي عن حلول عاجلة لسد حاجة المواطنين في منطقة «اليعربية» من الخبز بعد خروج المخبز من الخدمة، تتمثل في توزيع الكميات المخصصة له من الطحين على الأفران القريبة، إلا أن عدم الوفاء بوعود كثيرة سابقة ترتبط بحياة الناس ومتطلباتهم الأساسية قد يضع الخبز على قائمة الحاجات الأساسية التي غابت دون عودة.

الحرب على مخزون سورية

إن تمدد (داعش) والنتائج الكارثية التي تسببت بها، ولاسيما الخسائر الفادحة في قمح وخبز المحافظة، يبين مدى الخطر الذي يتهدد مخزون سورية الرئيسي من القمح، والذي ظلت محافظة الحسكة مصدره الرئيسي رغم سنوات الجفاف الطويلة والإهمال الحكومي في دعم الزراعة والفلاحين.

ويزيد وجود كميات كبيرة من القمح مخزنة في المحافظة بسبب صعوبة نقلها إلى محافظات أخرى أو تصديرها عبر طرقات غير آمنة، من هذه المخاطر التي تحتاج تدخلاً حكيماً لتجنيب خبز السوريين مسارات الصراع العسكري العبثي الذي تشهده سورية بشكل عام.

وسبق أن خرجت عدة مخابز من الخدمة في مدن وبلدات وقرى المحافظة الواسعة، كما تعرضت كميات كبيرة من الحبوب للسرقة في عدة مخازن وصوامع، ما يستدعي دق ناقوس الخطر للدفاع عن خبز السوريين، قبل أن نضطر إلى البحث عن طرق استيراد القمح لتأمين الخبز في بلد كان ينتج أكثر من حاجته ويملك مخزوناً استراتيجياً من القمح.