عادت حمص القديمة والمعاناة مستمرة بأشكال أخرى..!
غادر المسلحون بمختلف انتماءاتهم حمص القديمة وحملوا معهم مما نهبوه منها ويسمونه الغنائم ما خفّ وزنه وغلا ثمنه، وتركوا الخراب والدمار في غالبيتها، وما بقي منها سليماً سوى النزر اليسير..
وعاد الأهالي إلى ما تبقّى من منازلهم، لعلهم يجدون شيئاً من حاجاتهم التي نالها الخراب والتهمتها نيران الحرب المجنونة، وشيئاً من ذكرياتهم التي تراكم عليها غبار الأزمة ورماد الحريق..عادوا وما زالت مخلفات هذه الحرب تهدد حياتهم من متفجرات، ويحاولون أن يسابقوا اللصوص من بعض عناصر«التعفيش المعروفة»، وسط فوضى لا حدود لها، ومن حصل منهم على شيء من أثاثه لا يستطيع أحياناً أن يعبر الحواجز حتى يشتريه مجدداً أي يدفع إتاوة، عشرة آلاف ليرة دفعها مواطن ليخرج ثلاجة منزله القديمة التي نجت من الخراب.. أمّا الذكريات التي جمعوها فقد أغرقوها بالدموع على الراحلين وعلى الشجر والحجر..
الموظفون الذين عادوا والتهديد يرافقهم بأنه عليكم العودة للعمل في بداية الشهر وإلاّ... بدل أن يسألهم أحد عمّا يحتاجونه ممّا يمكن أن يبقيهم أحياء على الأقل أو يلملم جراحهم ويواسيهم.
من جهةٍ أخرى تجوب المدارس الثانوية في حمص الأخرى مجموعات تدعو الطلاب للتطوع في كتائب للقتال بين الترغيب بالراتب، والترهيب والتخويف بإمكانية عودة المسلحين أو إغارتهم مجدداً..
نعم، عادت حمص القديمة بقايا حطام وركام..وعاد أهلها بقايا مواطنين طحنتهم الأزمة بين البعض من هنا وهناك، لكنهم ما زالوا متمسكين بمدينتهم ووطنهم على أمل الخلاص وأن تشرق الشمس يوماً بحلً سياسيٍ يخرجهم من هذا الكابوس.