الحسكة.. امتحانات تبدأ بالرصاص ومخاوف من تكرار (الماضي القريب)!
أنهت مديرية التربية في محافظة الحسكة استعداداتها لامتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية، وسط مخاوف من تكرار تجربة الدورة الماضية وما رافقها من تسيب وفوضى، بينما لقي طالب جاء لتسلم بطاقته الامتحانية مصرعه برصاصة تستهدف تنظيم الازدحام والتدافع على استلام البطاقات.
شاب امتحانات العام الماضي، فوضى وتسيب شمل غالبية المراكز الامتحانية في مدينتي الحسكة والقامشلي، ورصدت قاسيون حينها مكتبات تبيع أسئلة محلولة لذوي الطلاب، وإدخالها للطلاب داخل قاعات الامتحانات وانتهت بإقالة مدير التربية من منصبه.
إطلاق نار مجاني
ولقي طالب مصرعه يوم الأحد الماضي داخل دائرة امتحانات الحسكة التي شهدت ازدحاماً كبيراً في المركز، عندما حاول أحد عناصر «الدفاع الوطني» تنظيم الدور بإطلاق رصاصة في الهواء قبل أن تصطدم بسقف المبنى وتعود لتقتل الطالب.
وتمتلك دائرة الامتحانات مبنى مستقلاً وكبيراً وسط باحة واسعة، كما أنها مجاورة لمدرسة «أبي ذر الغفاري» كبرى مدارس المحافظة، لكن الازدحامات في التسجيل واستلام البطاقات منظر معتاد منذ سنوات، حيث يتدافع آلاف الطلاب داخل ممرات المبنى للوصول لغرفة تسليم البطاقات.
وشهد آخر أيام التسجيل في شباط الماضي، ازدحاماً مماثلاً وإطلاق رصاص لتنظيم الدور، رصدته قاسيون ونبهت من خطورته، وسط إصرار على عدم المبادرة بتقديم حلول بسيطة من مديرية التربية، تشمل توزيع البطاقات بعيداً عن مبنى دائرة الامتحانات.
خطوات متشابهة
الاجتماعات التي أجراها المسؤولون في مديرية التربية، استعداداً للامتحانات في المحافظة خلال الفترة الماضية، والخطوات التي اتخذوها تشبه إلى حد كبير ماجرى العام الماضي وماتم الحديث عنه. كما أن البيانات الإعلامية التي تنشرها الصحف المحلية عن آخر الاستعدادات تكاد تكون متطابقة مع بيانات العام الماضي، الذي شهد فشلاً ذريعاً جرى تجنب الحديث عنه إعلامياً والتركيز على انتهاء العملية الامتحانية بسلام.
وتقول مديرية التربية بأنها أنهت استعداداتها للعملية الامتحانية، ووجهت بضرورة ضبطها والاستفادة من الأخطاء وتنفيذ التعليمات الوزارية كاملة تحت طائلة العقوبة وتوفير الأجواء المناسبة ضمن الإمكانيات المتاحة، مع إقامة غرفتين للعمليات في مدينتي الحسكة والقامشلي لمتابعة العملية الامتحانية في المراكز و توفير المستلزمات وحل أي طارئ يحدث خلال سير الامتحانات.
وقد يكون اختيار رؤساء المراكز الامتحانية من خارج المدينة التي تجري فيها الامتحانات، أحد العوامل المفيدة التي اتخذتها المديرية لضبط العملية، لكنها غير كافية، وتحتاج التركيز على اختيار مدرسين ومعلمين لهم سمعة عطرة في النزاهة، واستبعاد كل من تدور حوله الشبهات. إضافة لمعاقبة المراقبين المتساهلين والمتعاطفين مع الطالب بشدة، وملاحقة المكتبات التي تبيع المصغرات بشكل علني.
المكتبات تستعد
الاستعدادات المكثفة والعمل الدؤوب الذي يستمر حتى ساعات متأخرة من الليل في عدد من المكتبات لتجهيز مصغرات للكتب المقررة، يكشف عن توقع مماثل لما جرى العام الماضي الذي خصصت فيه أيضاً غرفتين للعمليات دون أن ينجحا في ضبط العملية الامتحانية.
ومن المرجح أن يزداد عدد هذه المكتبات التي ستبيع المصغرات والأسئلة المحلولة، مع انطلاق العملية الامتحانية التي لا يستعد كثير من الطلاب لها إلا قبيل الامتحان بساعات مع توقعهم بسهولة إدخال المصغرات والأسئلة المحلولة.
وضع أمني مناسب
تعد مخاوف المراقبين الامتحانيين وتحاشيهم الاصطدام مع الطلاب المخالفين في قاعة الامتحان أبرز أسباب الفوضى التي جرت العام الماضي، ويخشى أن تتكرر التجربة ما لم تضبط دوريات يتمتع عناصرها بالنزاهة المراكز الامتحانية في محافظة تصنف غالبية مدنها وبلداتها كمناطق آمنة تسيطر عليها أجهزة الدولة.
حلول جذرية
كان وما زال القطاع التعليمي من القطاعات المنهكة مثله مثل غيره من أوجه القطاع الخدمي الرسمي في العقدين الأخيرين، حيث تناقصت الميزانيات المرصودة، وتفشى اكثر فأكثر التعليم الخاص، واتبعت سياسات استيعاب في الجامعات والمعاهد ادت إلى دفع عشرات الالاف من الطلبة إلى سوق البطالة..وجاءت الأزمة الراهنة لتزيد الوضع تعقيداً وتمنع وضع حلول حقيقية جدية مع كل ما يعني ذلك من تأثير ليس على حاضر البلاد والاجيال وبل وتصديرالأزمات إلى الأجيال اللاحقة، على عكس الدور المطلوب من المؤسسات التربوية والتعليمية.. الأمر الذي يؤكد مرة أخرى ضرورة الذهاب نحو الحل السياسي، وعملية التغيير الجذري الشامل، بما فيه القطاع التعليمي.