هل هو قطعٌ للأرزاق.. أم للأعناق؟

هل هو قطعٌ للأرزاق.. أم للأعناق؟

يقول المثل: قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق.. ونحن لسنا مع قطع الاثنين تحت أي مبررات، فكيف إذا كانت المبررات واهية أو غير صحيحة؟!

مناسبة هذا الكلام أن الكثير من المسؤولين الكبار والصغار وأغلب المدراء بكافة مستوياتهم، مازالوا يتعاملون ويتصرفون في أماكن عملهم  وكأنها إقطاعات أو أملاك لهم، أو أنهم الحاكم المطلق فيها، ويتعاملون مع العاملين والمواطنين على السواء بأنهم مدانون حتى تثبت براءتهم، فيصولون ويجولون متجاوزين بذلك الأنظمة والقوانين والدستور، بل وحتى القضاء.. أو يعاملون الناس وكأنهم ضعفاء وليس بيدهم حيلة لما يأتيهم من الجهات المتنفذة ويستجيبون لها دون دراية وذلك أضعف الإيمان..!؟

 ومثالٌ على ذلك الكتاب الصادر عن مديرية التربية بدير الزور ذو الرقم 1555/3 ص تاريخ 27/4/2011 إلى إدارات المدارس كافة (الأساسي والثانوي والمهني والمعاهد والمدارس الخاصة في المدينة والريف) ع/ط المجمعات الإدارية والمتضمن:

«يطلب إليكم عدم مباشرة أي عامل موقوف لدى بعض الأجهزة الأمنية إلاّ بعد الحصول على موافقة السيد محافظ دير الزور على عودته إلى العمل.. للاطلاع والتقيد بمضمونه.. مدير التربية بدير الزور».

لا شكّ أنّ ذلك جاء على خلفية الحراك الشعبي الذي حدث خلال الفترة الحالية، ولا ندري هل هو على مستوى البلاد أم على صعيد المحافظة ومديرية التربية بدير الزور فقط؟.

وهنا نتساءل: من المسؤول عن مثل هذا الكتاب..؟ هل هو مدير التربية، أم المحافظ كما يبدو من الكتاب.. أم أنّ هناك جهة أو جهات أخرى..!؟

ومن يملك الصلاحية في ذلك طالما أن القضاء أو حتى الجهات الأمنية أخلت سبيل الموقوفين دون تحريك أي اتهام أو دعوى قضائية..!؟ وهل كلّ موقوف مدان حتى تثبت براءته وخاصةً أن جميع التوقيفات تمت دون مذكرات قضائية بالأصل ولم تصدر أية أحكام..!؟ ولعل الأهم ما هو الثمن المطلوب من الموقوف أن يدفعه: هل هو مادي.. أم التوقيع على تعهد أو صك براءة وغفران وتوبة وخنوع كمحاكم التفتيش لكي يعود إلى عمله ويحصل رزقه ورزق أسرته..!؟

وأخيراً هل ذلك سيزيل الأسباب أم سيزيد الاحتقان والتوتر.. وبالتالي ستكون له انعكاسات أكثر خطورة..؟

إنّ مثل هذه الحلول الأمنية والقمعية والمعالجات الخاطئة ستكون نتائجها أكثر سلبية.. لأنّ الحراك الشعبي هو نتيجة السياسات الاقتصادية الاجتماعية الليبرالية التي طُبقت في السنوات الأخيرة وما رافقها من فساد ونهب وتهميش وهضم للحقوق وتراجع عن المكتسبات وبطالة وإفقار للمواطنين..

والحلول الحقيقية هي التي تلاقي مطالب الجماهير بالإصلاح الحقيقي الفوري بالقطع النهائي مع السياسات الليبرالية وضرب الفساد كبيره قبل صغيره، وتفعيل دور القضاء النزيه والمستقل وسيادة القانون ليكون هو الضامن لحقوق المواطنين..