بداية العام الدراسي.. فوضى في أوضاع العاملين!
أيام قليلة تفصلنا عن بداية العام الدراسي ووضع المدرسين المعينين في المناطق الشرقية مازال قيد الدراسة والبحث، وذلك على الرغم من الضغط الممارس منهم على مديريات التربية في المحافظات احتجاجاً على القرارات الصادرة من وزارة التربية.
وقد أصدر وزير التربية السوري هزوان الوز في أيار الماضي قراراً يقضي بالسماح بتقديم طلبات النقل لكافة المدرسات إلى المحافظات الأصلية، ولاحقاً تم إصدار قرار بنقل المدرسات المتزوجات فقط ومن أتم فترة الخدمة في المناطق النائية (الخمس سنوات)، مع العلم أن عدم النقل أو تأجيله في الحالات السابقة يعد مخالفا للدستور من حيث لم الشمل للمتزوجات، ومخالفاً للقانون الذي يحدد فترة العمل في المناطق النائية بمدة لا تتجاوز الخمس سنوات. وبالرغم من ذلك فإن قرار النقل الأخير لم يشمل كل المعلمات المستوفيات للشروط. نتيجة ذلك اجتمع المدرسون في طرطوس في مبنى المحافظة لمقابلة المحافظ والاحتجاج على القرارات الأخيرة الصادرة غير المنصفة، حيث أن المدرسين المنقولين كان يتوجب نقلهم بغض النظر عن الأزمة والأوضاع الأمنية السيئة.
وقد جاء الرد على هذه الاحتجاجات بصدور قرار بندب المدرسين في محافظة دير الزور ونقل مراكز عملهم إلى محافظاتهم لمدة ستة أشهر وذلك بتاريخ 4 أيلول الجاري، ثم تبعه قرار بندب المدرسين في حلب وريفها ومنطقة جسر الشغور فقط في إدلب باعتبارها مناطق ساخنة، مستثنين محافظات الرقة الحسكة وريف دمشق وباقي محافظة إدلب بتصنيفها مناطق غير ساخنة ونقل المدرسين فيها من الريف إلى المدينة ، ويجدر بالذكر أن المحافظ نزار موسى ومدير تربية طرطوس عبد الكريم حربا قد أعطوا الوعود بتسوية أوضاع المدرسين في المناطق الأخيرة على الرغم من القرارات الوزارية التي لم تأخذ بعين الاعتبار تفاصيل الوضع في المناطق الشرقية، حيث يعاني المدرسون من عقبات سابقة ولاحقة، سابقة تصب بالوضع المعيشي، فيقدم لكل مدرس بدل للمناطق النائية محدد بمتوسط 3000 ليرة سورية، يحدد بحسب البعد عن مركز المدينة، بالرغم من أن مجرد مغادرة المحافظات الأصلية يفرض على عاتقهم تكاليف السكن والمواصلات لعدم توفر المسكن المخصص الآمن للمدرسين، أما لاحقا فقد فرضت الأزمة تعقيدات جديدة؛
أولاً: صعوبة المواصلات والوصول للمناطق الشرقية نتيجة قطع الطرق واضطرار البعض لاستخدام النقل الجوي الداخلي العالي التكلفة و غير متوفر في جميع المحافظات أصلاً،
ثانياً: ارتفاع الإيجارات بشكل كبير في بعض المناطق التي شهدت عمليات نزوح واسعة كمحافظة الرقة مثلاً،
ثالثاً: الوضع الأمني المتدهور في بعض المحافظات الشرقية (دير الزور، حلب، إدلب) الذي لا يسمح بالاستقرار والسكن، هذا و يجدر بالذكر مشكلة المدارس الممتلئة بالنازحين من المناطق الساخنة مما يعيق البدء بالعملية الدراسية ما لم يتم بحث أوضاعهم جدياً وإيجاد الحلول.
وتعاني المناطق الشرقية من نقص كبير بالمدرسين يقابله عدم توافر الشواغر في المناطق الساحلية نتيجة الأعداد الكبيرة للخريجين الجامعيين المؤهلين فيها، وكانت تلك الحجة الأولى لعرقلة عملية النقل، مع العلم بوجود الحلول المسرعة كقانون التقاعد المبكر الذي لم يقر، فعلى الرغم من تضاربات هذا القانون، وضرورة إقراره في قطاعات مقابل تقييده والتدقيق به في قطاعات أخرى، مثل مؤسسات الدولة الإنتاجية. يبقى هذا القانون في قطاع التعليم هو الموضع الأفضل لإيجاد الشواغر، وتحديداً في قطاع تتجدد فيه المناهج، ويمتلك الكثير من القوى الشابة المؤهلة. على أن يرافقه توسيع للمدارس من خلال زيادة عدد الصفوف لتخفيف الضغط الذي تعاني منه، وبالتالي تقليل نصاب المدرسين إضافة للتوزيع على أرياف المحافظات نفسها. وإيجاد البديل للمدرسين المنقولين المعينين في المرحلة التأسيسة بحل مشكلة الوكلاء من حملة شهادات فئة ثانية بتثبيتهم بعد إعدادهم بدورات تؤهلهم للبدء بممارسة مهامهم التدريسية نظراً لكون هذه المهام لا تتطلب بالضرورة خبرات المجازين من حاملي شهادات الفئة الاولى، وأخيراً نذكر عقود وزارة التربية في تلك المناطق التي تتيح الفرصة للخريجين الجدد بالاشتراك في العملية التدريسية.
وبالنهاية فإن نجاح العملية التربوية مرهون بتنظيم أوضاع العاملين فيها والحرص على سلامتهم واستقرارهم ليتمكنوا من أداء مهامهم على أكمل وجه.