عن أزمة الغاز والمازوت في محافظة الحسكة..‏  اللجان والفروع والمسؤولون الفاسدون يتحملون حجم الأزمة

عن أزمة الغاز والمازوت في محافظة الحسكة..‏ اللجان والفروع والمسؤولون الفاسدون يتحملون حجم الأزمة

شهدت محافظة الحسكة بكامل مدنها كما باقي المحافظات السورية أزمة خانقة في مادتي الغاز والمازوت نتيجة العقوبات والحصار الاقتصادي الذي فرض على الدولة من الدول التي حاولت حل الأزمة السورية ظناً منها تعاقب الدولة في حين جاءت العقوبات بتأثيراتها الكلية والجزئية على المواطن السوري أولاً، الأمر الذي أدى بالحكومة وبعض تجار الأزمات إلى حرمان الشعب السوري من مادة المازوت صيفاً وشتاء على عكس المنطق تماماً عندما كانت الأزمة محصورة بفصل الشتاء فقط، ونتيجة لتراخي الحكومة المقصود حصلت زيادة في سعرها وبيعت في بعض المناطق بالمحافظة بـ65 ليرة سورية للتر الواحد.

عشرات الاتصالات والشكاوى وصلت إلى مقر الجريدة من مواطنين يشتكون فيها  على أصحاب المحطات وطريقة اتفاقاتهم مع أصحاب الشاحنات التي تنقل المادة وذلك بتفريغ كمية قليلة جداً أمام أنظار المواطنين، ونقل الكميات الأخرى المضاعفة إلى أماكن وصهاريج خاصة، مما حدثت مشكلة ومهاترات وصلت أحيانا لحد الضرب بين أصحاب الشاحنات التي تعمل على المازوت، وبين أصحاب المحطات بسبب وقوفهم ساعات طويلة وبشكل يومي على الطابور الواقف على محطات الوقود للحصول على عدد من اللترات، جميع المواطنين دون استثناء يؤكدون على الصعوبة في الحصول على المازوت، ولسان حالهم يقول: «نعم يحصل ذلك لأن المحطات تمنع إعطاءنا المادة في أغلب الأحيان بحجة نقص مخصصاتهم لهذا العام والتي تمنحها وتحددها لهم مديرية فرع محروقات الحسكة».

التعاميم تكذّب المحطات

الجهات المختصة في الحكومة تؤكد عبر تعاميمها الصادرة من رئاسة مجلس الوزراء أنها تقوم بمنح محطات الوقود في المحافظة  الكميات نفسها التي كانت تستجر في العام الماضي من مادة المازوت ودون أية زيادة في الكمية أو نقصان، والملفت في المشكلة وكما هو معروف فإن محافظة الحسكة صاحبة الإنتاج الرئيسي من النفط في سورية، ومن المعيب أن تعاني من الأزمة بهذا الشكل الكبير، ولو وجدت الأسباب بسبب الحصار المفروض الذي كان من مسبباته توقف ثلث الآبار في المحافظة عن العمل واستخراج وضخ النفط .

وهذا يدل أن الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن حدوث الأزمة حين تركتها دون حل وتحت سيطرة السماسرة والتجار الذين تعاملوا مع المواطنين بطريقة غير إنسانية، لأنها أي الحكومة بهذه الطريقة وفرت المناخ المناسب لعمليات تهريب هذه المواد وترك المجال مفتوحاً أمام التجار الجشعين لاحتكارها والتحكم في أسعارها وبيعها في السوق السوداء، وأمام مرأى ومسمع الجهات المعنية في المحافظة، الذين يمرون أمام طوابير السيارات والموتورات والشاحنات وهم يضحكون على العالم بسخرية الفاسد الحرامي.

مدينة تل تمر نموذجاً

وكنموذج عن حالة الأزمة الحادة في مادة المازوت اخترنا مدينة تل تمر التي فيها خمس محطات وقود أحد المواطنين أكد لـ«قاسيون»: أن من يتحكم بمادة المازوت في المدينة مافيا عن جدارة، وهم أنفسهم من يعملون في الليل والنهار دون أي حساب لأحد، حيث يتم توزيع ما يقارب 6000 لتر على المواطنين لتأخذ الكميات الأخرى المقدرة بنحو 25000 الف لتر إلى جهات مجهولة ليتم توزيعها فيما بعد على التجار المتعاونين مع أصحاب المحطات وتلك المافيات.

وأضاف المواطن أن الكل يعاني فأصحاب المشاريع الزراعية وقعوا في ورطة بعد ان وضعوا بزارهم في ارض يابسة لا مياه ولا أمطار ولا مازوت لتشغيل المضخات المائية، مشيراً أن بعض تلك المشاريع شهرية لما يقل عن 3500 لتر في الشهر، في الوقت الذي لم يحصل فيه سوى على 500 لتر فقط، مما يعني اضطراره لشراء الباقي من السوق السوداء ومن هؤلاء المافيات حصراً، خاصة وأن المشروع الواحد ومهما كان مساحته قليلة فهو بحاجة لبرميل في اليوم الواحد على اقل تقدير، علما ان بعض المناطق يتحكم بها اللجان الشعبية مثل عامودا والمالكية.

وختم المواطن المتابع للوضع المأسوي للمحافظة قوله محذرا من الآثار السلبية على الوضع الأمني والعلاقات الاجتماعية التي تمتاز بها المحافظة من حيث الألفة والتعاون، بأن تتحول الأمور باتجاه ما لا يحمد عقباه نحو الانفجار كالقنبلة الموقوتة، أو ان يضطر البعض نتيجة الأزمة إلى الهجوم على تلك المحطات المتحكمة بمادة المازوت في يوم من الأيام وحرقها مع التنويه أن سعر مادة البنزين ساعة كتابة هذا التحقيق كانت تباع في المحافظة بـ150 ل س لليتر.

من المازوت للغاز

الأرقام التي تنتجها شركات الغاز مثلاً تفضح الملعوب ففي محطة السويديات التابعة لمنطقة المالكية (ديريك)– حقول الرميلان – كان إنتاج الغاز قبل الأزمة (5000- 6000 ) طن في السنة أما في هذه السنة وبدخول الأزمة عامها الثاني فكان الإنتاج (11000 – 12000 ) طن أي بنسبة زيادة 100% .، عن الإنتاج في السنوات السابقة، فالجرة الواحدة كانت تعبأ قبل الأزمة بكمية 12 كغ ومن ثم إلى 10 كغ أما الان فتعبأ بكمية 8 كغ .

مع التأكيد أن المحطة تنتج الآن يومياً 150 طن من الغاز، مع أن تسريبات ومعلومات من مصادر من باقي المحافظات تقول أنه يتم إرسال حصة الأسد 100 طن منه إلى محافظات حلب وحماة وادلب، ويوزع الباقي 50 طناً في محافظة الحسكة التي تعتبر إحدى منابع الاقتصاد السوري، حيث وصل سعر جرة الغاز الواحدة في محافظات دمشق وحلب وأدلب حتى (1700) ل.س وفي محافظة الحسكة التي تنتج الغاز وتوزعه إلى (900) ل.س للجرة، في حين سعر الجرة النظامي هو (425) ل س فقط .

بين الحكومة والأزمة

عملت الحكومات السابقة وبشكل مقصود لخلق اليأس والإحباط لدى المواطن المغلوب على أمره، وزجه في دوامة الركض وراء الاحتياجات اليومية الضرورية وتأمين لقمة العيش لأطفالهم، حتى ينسى حقوقه المتبقية، دون أن تخجل أو تحرك ضمير المسؤولين من وقوف النساء والشيوخ والأطفال في طوابير طويلة تدوم لساعات وربما النهار بأكمله للحصول على الغاز والمازوت، كل هذا والمسؤولون في المحافظة مازال مصرين أن «السلطات في المحافظة اتخذت عدة إجراءات عملية من شأنها إيصال مادة المازوت إلى مستحقيه الفعليين وخصوصاً الفلاحين الذين لديهم مشاريع زراعية تعمل على الديزل، وان المحافظة اتخذت قراراً بتشكيل لجنة مركزية على مستوى المحافظة إضافة إلى تكليف أعضاء المكتب التنفيذي للإشراف والمتابعة وتفقد أوضاع المحطات على مستوى المناطق وكيفية التوزيع وتقديم تقرير مفصل عن عملها وعرضه على اجتماعات  المكتب التنفيذي بالمحافظة» هذا الكلام وبشهادة العشرات من المواطنين لم يكن سوى حبر على ورق، ولم ينفذ منه شيء على الاطلاق، خاصة وأنهم شكلوا لجاناً فرعية أخرى على مستوى المناطق والنواحي مؤلفة من رؤساء مجالس البلديات وممثل عن الشعب الحزبية وممثل عن الفلاحين وممثل عن الزراعة كل حسب منطقته العائدة له وضرورة اقتناء هذه  اللجان الفرعية سجلات عن الكميات الموزعة يعني بالمشرحي «حاميها حراميها».

أخيرا لا بد من القول إن المحلات المنتشرة في المدن والبلدات وعلى الطرقات العامة التي تبيع مادة المازوت وبالأسعار جنونيــــــة في معظم مدن الحســــكة، بالإضافة لوجود العديد من المحلات في الشارع الواحد أحياناً التي تبيع المازوت يطرح سؤال هام وهو: من أين تأتي تلك المحلات بهذه الكميات الكبيرة من مادة المازوت والبنزين؟ ولعل في الإجابة على السؤال يمكن التوصل لاستنتاج هام وهو أن هؤلاء أنفسهم من يســــــرقون المازوت ويبيعونه لأصحابهم، لأن من سرق الإعانات التي كانت ترسل للفقراء والمحتاجين بإمكانه سرقة المازوت، وإن من لديه ملف فساد سابقاً من الطبيعي أن يعرف جميع الطرق للنهب والفساد، وينشأ مافيا للمحروقات وفهمكم كفاية.