لم يبق سوى لفافة التبغ والمنديل الورقي حتى نقضي على التلوث البيئي
هذا ما صرحت به وزيرة الدولة لشؤون البيئة أثناء إطلاقها حملة النظافة التي تعم المحافظات. فهل أصبحت سورية كاملة مكملة من ناحية القضاء على التلوث البيئي؟ ولا ينقصها شيء سوى عدم رمي عقب السيجارة وورقة المنديل؟ لا يجب إصدار قوانين ومراسيم وتعاميم قبل أن نحقق الأرضية المناسبة لنجاحها، وإلا تبقى حبراً على ورق من دون أن تحقق النجاح.
العقوبات والغرامات قادمة، ولكن هذه المرة ستتضاعف قيمة المخالفات التي نص عليها قانون النظافة، أي أن رمي الأوساخ مثلاً من السيارة بما فيها لفافة التبغ أو حتى المنديل الورقي مخالفته 2000 ل.س وهذه الغرامة قد تتضاعف قريباً.
لماذا لا يطلق مشروع أكياس لنفايات السيارات ويكون إلزامياً ومراقباً كما هو حال مراقبة السرعة وحزام الأمان؟
قبل أن نحاسب ونفرض العقوبات والغرامات على المواطن من أجل النظافة والحفاظ على البيئة يجب على الجهات المعنية أن تسعى لبناء البنية التحتية بشكل سريع وتقدم كل الوسائل المتعلقة بالصحة والسلامة العامة من شوارع نظيفة خالية من الحفر والمطبات وغرف التفتيش المكشوفة وأكوام الأتربة ومخلفات الأنقاض وأكياس القمامة المتناثرة حول الحاويات المكشوفة والمكسرة، والتي تنبعث منها الروائح الكريهة التي لا تطاق، إضافة إلى الذباب والحشرات والقوارض من داخلها وحولها .
قبل أن نحاسب، ونفرض العقوبات والغرامات من أجل الحفاظ على البيئة والنظافة، على المسؤولين أن يرفعوا رؤوسهم إلى الأعلى وينظروا إلى سماء مدينة دمشق ليشاهدوا غمامتها السوداء التي تغطي سماءها، أين هي السماء الصافية المعروفة بلونها الأزرق التي كانت تشبه عيون الصبايا؟ وأين الحزام الأخضر الذي كان يلف محيطها من كل الاتجاهات؟ أين أنت يا شام أسألك أين الينابيع والأنهار والجداول التي كانت تغمر ترابك الحبيب، راوية أشجارك وزهورك ورياحينك وبساطك الأخضر؟ بعد هذه التساؤلات اسمحوا لي أن أجيب عنها وأقول بصوت مرتفع نحن المسؤولون عن كل ما حدث لدمشق من ضباب دخاني وهواء ملوث تعدى المعايير العالمية، وزيادة الأمراض وخاصة جهاز التنفس وأمراض السرطان والقلب وانهيار الأعصاب وضيق الصدر، والتهابات الجهاز التنفسي الناتج عن التلوث بالعوالق الناجمة عن دخان وعوادم السيارات والأنشطة الصناعية غير المجهزة بتقنيات وتجهيزات حديثة للحفاظ على البيئة ولتحسين الوضع البيئي، يجب العمل على تحسين مواصفات المازوت والبنزين في مواصفاته العالمية كما يجب أن ننتقل إلى الوقود الغازي في النقل وتطوير نظم المرور والاعتماد على النقل الجماعي مكان الأنظمة الفردية الحالية كما نشاهد اليوم زحام السيارات في مدينة دمشق إضافة إلى المصانع ومحطات إنتاج الطاقة ومصانع الإسمنت والأسمدة التي تساهم مساهمة كبيرة في زيادة العوالق الجوية والملوثات الهوائية الصلبة بنسبة كبيرة، وهي التي تتسبب بتلويث المياه والتربة الزراعية، فلماذا لم تهتم الجهات المسؤولة والمعنية بدراسات سريعة لمعالجة هذا الأمر لتأمين مياه الشرب والهواء النقي والحفاظ على البيئة من التلوث المرعب؟
نعم كلنا مع النظافة والحفاظ على الصحة العامة، لكن متى؟ عندما نحقق البنية التحتية الصحيحة ونقول للمواطن أو من دون أن نقول له، سوف يرتدع تلقائياً ولا يرمي أعقاب السجائر وورق النشاف وأكياس الفضلات في الشارع، لأن الشارع أصبح مرآة يتفاخر به كل مواطن.
نأمل أن يصدر القانون لمصلحة المواطن بالدرجة الأولى, لا أن تصدر القوانين بشكل عشوائي وتطبيقها إلزامي والبنية التحتية غير مؤهلة لذلك. كما نأمل لو لمرة واحدة طرح مثل هذا القانون على الرأي العام لوضع الملاحظات التي تهم كل مواطن، بما يتناسب مع الوضع العام للبلد.