مختلسو الأموال العامة «ينعمون» بعقوباتهم!
تتعرض أموال القطاع العام للسرقة بطرق وفنون مختلفة، وتتعرض الخزائن للاختلاس من بعض الموظفين الفاسدين الذين سولت لهم أنفسهم العبث بأموال الناس العامة لمصلحتهم الخاصة دون أن يلقوا عقاباً رادعاً ضمن لوائح الدوائر الحكومية التابعين لها، والتي تنص على نقل المختلس من مقر عمله إلى مقر آخر ضمن المديرية نفسها كعقاب، وفي أشد الأحوال يعاقب المختلس بالفصل من عمله بعد إعادة ما أختلسه. وهذا ما يتمناه مثل هؤلاء الموظفين بعد أن جمعوا ثروة تكفيهم مدى الحياة، تصل أحياناً لملايين الليرات التي يسلبونها خلال الفترة التي يقضونها في مراكزهم الوظيفية، إضافة إلى ما يمارسه هؤلاء الموظفون من عمليات نصب منظمة بحق المواطنين، تماماً كما يجري في صالة عدرا الاستهلاكية التابعة للمؤسسة العامة الاستهلاكية في ريف دمشق.
حيث كان المدير السابق لصالة عدرا الاستهلاكية يستغل خزينة الصالة الاستهلاكية لتحقيق منفعة شخصية من خلال اختلاس ملايين الليرات وتشغيلها لمصلحته وإعادتها في حال حدوث إي تفتيش، إضافة إلى إقراض معارفه وأقربائه مبالغ ضخمة من خزينة الصالة لتشغيلها لصالحهم الخاص، فأصبحت الخزينة في عهد هذا المدير عائلية لأعوام طويلة، ولم يكتف هذا المدير الفاسد بعمليات الاختلاس بل تعداها ليمارس عمليات نصب بحق المواطنين الذين يتعاملون مع هذه الصالة، والتي تم أنشاؤها حسب القانون لتخفيف أعباء الحياة اليومية عن الموظفين من ذوي الدخل المحدود عبر تقديم ما يحتاجونه من الأثاث واللوازم المنزلية عبر أقساط مريحة طويلة المدة.
فكان هذا المدير يتخلف عن إيداع الأقساط التي يستلمها من المواطنين في خزينة الصالة، ثم بعد انتهاء المدة المحددة لدفع ما عليهم من مستحقات تجاه الصالة يعطيهم إيصالات براءة ذمة مزيفة، كما حدث مع السيدة (ش.ف) والتي تعمل مدرسة بإحدى مدارس مديرية القنيطرة حيث أن هذه المدرسة التي دفعت كل مستحقاتها لصالة عدرا عبر هذا المدير قبل أن تتفاجأ بعد مرور خمسة أعوام باستلام كتاب موجه لها من صالة عدرا الاستهلاكية يعلمها فيه أنها لم تكمل ما عليها من أقساط!. علماً إنها استلمت وصلاً حينها يؤكد براءة ذمتها تجاه صالة عدرا الاستهلاكية منذ خمسة أعوام أي منذ عام 11/4/2005.
وعند مراجعة السيدة المعنية لصالة عدرا وإبرازها لبراءة الذمة، أخبرتها إحدى الموظفات بأنها كانت ضحية عملية نصب مارسها المدير السابق كما حدث مع عدد ليس بقليل من المواطنين الذين وقعوا في براثن هذا المدير والبالغ عددهم /43/ شخصاً.
وأضافت الموظفة أن المدير السابق قد نقل من صالة عدرا الاستهلاكية إلى صالة دوما بعد ثبوت تورطه في عمليات اختلاس بلغ تقريباً أكثر من مليون ونصف ل.س كعقوبة له بعد إعادة ما اختلسه!.
إلا أن هذا العقاب لم يكن كافياً ليردع هذا المدير ويوقظ ضميره كما سيثبت لاحقاً فقدتابع عمليات استغلاله للأموال العامة من خزينة منصبه الجديد كمدير لصالة دوما الاستهلاكية!!.
وعند مراجعة المدرسة (ش.ف) للمدير السابق لصالة عدرا- الذي أثبت التحقيقات تورطه في عملية اختلاس لأربعة ملايين ل.س من صالة دوما الاستهلاكية، وفصل على إثرها من عمله وتم الحجز على أملاكه وأملاك زوجته- نفى عدم تسديده للأقساط التي استلمها من المدرسة ورد عليها بأنها لم تكمل ما عليها من أقساط وعندما هددته باللجوء إلى القانون قال: «إن كان زوجك قاضياً فليحاسبني» قبل أن يعلم أنها ما زالت تحتفظ بالوصل الذي قدمه لها والقاضي ببراءة ذمتها، فعند ذلك ألقى اللوم على المؤسسة العامة الاستهلاكية كما رفض إعادة الأقساط التي سرقها لتدفعها المدرسة لصالة عدرا.
هنا لجأت المدرسة (ش.ف) إلى مدير المؤسسة العامة الاستهلاكية في ريف دمشق وعند إبرازها لوصل براءة الذمة أكد لها مدير المؤسسة ما أخبرتها به الموظفة في صالة عدرا، فهي لم تكن الضحية الأولى التي تعرضت لعملية نصب على يد هذا المدير الفاسد، بل هي الضحية رقم /43/ من ضحاياه، قبل أن يفصل نهائياً من عمله كعقوبة نهائية بعد عقوبة نقله الأولى من صالة عدرا إلى صالة دوما إثر ثبوت تورطه في عملية اختلاس ونصب شرط أن يعيد المبلغ الذي اختلسه إلى خزينة صالة دوما والمتبقي منه الآن مليونا ليرة سورية من مبلغ قدره أربعة ملايين ل.س، وفي نهاية المطاف حصلت المدرسة على براءة ذمة جديدة من المؤسسة العامة الاستهلاكية نتيجة إبرازها لبراءة الذمة الأولى المقدمة من صالة عدرا.
بعد هذا المثال الصارخ، لا بد من السؤال عن جدوى العقوبات المنصوص عليها في لوائح المؤسسة العامة الاستهلاكية في ردع ضعاف النفوس عن اختلاس الأموال العامة واستغلال مناصبهم، علماً أن المختلس يجني أموالاً طائلة من استغلاله للأموال العامة تفوق بكثير المبلغ المختلس، ويغنيه عن وظيفته التي لن يعود بحاجة لها رغم تسديد المبلغ المختلس، وهنا نسأل: إلا يستحق مثل هؤلاء الموظفين الفاسدين عقوبة أقسى وأشد حتى يكونوا عبرة لغيرهم؟.