الشريحة الوسطى تتهاوى.. والمسؤولون يتابعون المراهنة

الشريحة الوسطى تتهاوى.. والمسؤولون يتابعون المراهنة

قد يقرأ البعض هذا العنوان ويعتبره مبالغةً في وصف واقعنا الاقتصادي والطبقي، ولكننا على يقين بأن الغالبية ستوافقنا الرأي بصدد أن الشريحة الوسطى تتلاشى شيئاً فشيئاً لدرجة أنها اقتربت من الزوال والجميع يعرف أنها الميزان الحيوي لأي مجتمع والحافظ له من أية انفجارات خارجية المنشأ تستهدف تغليب طبقة على طبقة فيه.

ومن المعروف أيضاً أن الغالبية من السوريين أصبحوا يشيرون ليل نهار إلى دلائل اندثار الشرائح الوسطى من المجتمع، حتى وإن كانت أرقام الفريق الاقتصادي تشير إلى نمو وارتفاع أرقام الميزانية، فالواقع يفضح فشل سياسة هذا الفريق الذي وعدنا- كذباً- بالسمن والعسل ولكنه لم يجلب لنا سوى تراجع مستوى المعيشة لغالبية شعبنا الساحقة، لخدمة مصالح أقلية رأسمالية طفيلية!. ويلاحظ في هذا الصدد أن معظم القوانين التي صدرت في السنوات الأخيرة لا تخدم غير هذه الأقلية من الرأسماليين والطفيليين والفاسدين! تحت شعار تشجيع الاستثمار والاختباء وراء شعار التطوير والتحديث الذي رفع من أجل النهوض بالوطن عل كل المستويات ورفع مستوى معيبشة الشعب، وخاصة الفئات المنتجة فيه، وسنعطيكم بعض الأمثلة التي تؤكد كلامنا. ففي الزراعة فشل الفريق الاقتصادي في تأمين الأمن الغذائي، خاصة في مادة القمح، ومن المعروف أن سورية كانت تملك قبل سنوات قليلة احتياطياً يكفيها لأكثر من ثلاث سنوات، ولكن للأسف جاء هذا العام واستوردنا كميات من الخارج لتلبية الطلب المحلي على القمح، وكذلك حدث مع مادة القطن والشوندر والبطاطا والخضراوات، وطبعاً سيقول الفريق الاقتصادي إنه الجفاف والقدر؟!

في الحقيقة، إن الجفاف كان أحد الأسباب ولكن الأسباب الأخرى هي الإجراءات التي قام بها هذا الفريق الاقتصادي وهي رفع أسعار المحروقات والأسمدة لثلاثة أضعاف مما أدى إلى تراجع المساحات المزروعة إلى النصف حسب مصادر مختلفة، والسكان طبعاً في ازدياد دائم. ولا ننسى هنا إطلاق الحكومة ليد التجار والسماسرة والمحتكرين وغياب رقابة التموين والأسعار تحت حجة العرض والطلب، وكانت نتيجة ذلك تحكم الجشع بالأسعار.

ولنأخذ مثلاً ثانياً عن حال الموظفين وخاصة الجامعيين الذين كانوا يعتبرون من الشريحة الوسطى حتى الماضي القريب، وهنا لا نقصد أقلية من الفاسدين المدعومين، بل نتكلم عن الغالبية الذين يعيشون على راتبهم القادر على التبخر خلال أسبوع واحد فقط، وهناك فئة أخرى من الذين كانوا يحسبون على هذه الشريحة وهم أصحاب الحرف والمهنيين على اختلافهم، ويلاحظ أن عددهم يتراجع بسرعة كبيرة بسبب ارتباط دخلهم بوضع المزارع والموظف، فالمثل يقول: «إذا كان جارك بخير فأنت بخير»!.

إن العلاقة جدلية بين فئات المجتمع كلها، لهذا تعيش الغالبية الساحقة من مجتمعنا القلق والخوف على مستقبلهم، خاصةً في ظل ما يمارسه الفريق الاقتصادي من سياسات جعلت التعليم للأغنياء فقط والصحة للأغنياء فقط، والزراعة شيئاً فشيئاً ستصبح في مهب الريح!.

فهل يعترف الفريق الاقتصادي بمسؤوليته عن تدمير الطبقة الوسطى وفشل سياسته الاقتصادية، والاعتراف بالخطأ فضيلة؟ أم أنه سيتابع ما بدأه مراهناً بمستقبل السوريين كلهم دون اكتراث لغير كذبة تسهيل «الاستثمار» والضحك على اللحى؟!