السماح بحفر الآبار في القرى الحدودية: بين الخطط الخمسية والقرارات الحكومية

شاع خبر بين المواطنين النازحين من الجولان المحتل والقنيطرة في الآونة الأخيرة، مفاده أن من أهم البنود الأساسية في الخطة الخمسية الحادية عشرة للحكومة السورية، العمل على عودة النازحين، وإعمار مدينة القنيطرة التي هدمها العدوان الإسرائيلي عام 1967، والذي نتج عنه نزوح أكثر من 152 ألف مواطن، وهؤلاء قارب عددهم اليوم المليون بعد مرور كل هذه السنوات من الإبعاد القسري.

إن خطة الحكومة هذه، والتي تتزامن مع برنامجها الإصلاحي، قد تلعب دوراً مهماً في تجاوز اختناقات الاقتصاد السوري، وبتخفيف الضغط عن العاصمة التي تضم نحو 500 ألف نازح، وحين نؤكد على أنها  خطوة إيجابية فلأنها ستساعد في استقرار أهالي القرى الأمامية في ريف دمشق كما الحال في محافظة القنيطرة والقرى الحدودية في محافظة درعا، وبالتالي تزيد من تمسكهم بأرضهم، وتشجعهم على استثمار أراضيهم الزراعية شريطة منحهم التسهيلات المطلوبة، التي ستسهم في إعمار تلك القرى.

لكن الذي يحز في النفس، أنه بعد مرور أكثر من سنة على موافقة رئاسة مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 19/5/2009 بالسماح بحفر الآبار لمصلحة الزراعة، واستثمار الآبار الاستكشافية بما لا يتعارض مع الاستراتيجيات التي رسمتها وزارة الري، وإعفاء الفلاحين من أجور استثمار أراضي أملاك الدولة، وتقديم كل أنواع المساعدة للفلاحين المقيمين والعائدين، للعمل في أراضيهم وتشجيعهم على استثمارها، وأن يقوم المصرف الزراعي بتقديم قروض ميسرة لهم والغراس مجاناً، وجاءت الموافقة هذه لأبناء القرى الحدودية في ريف دمشق وهي: (بيت جن، دورين، الشوكتلية، العثمانية، ماعص، عين الشعرة، عرنة، دربل، وحرفا).

كما قررت رئاسة مجلس الوزراء في قرارها تقديم الخدمات العامة للمواطنين في تلك القرى بالإضافة للقرى المحاذية لها، وذلك بإيصال الهاتف والكهرباء ودعمها من الصندوق المركزي للمناطق التنموية، وتخصيص أراض بأسعار الكلفة فقط، وإعطائها للجمعيات التعاونية السكنية ومنحها قروضاً ميسرة أيضاً، وفتح المجال لإقامة المشروعات الصناعية المتوسطة والصغيرة التي ترى فيها الحكومة فائدة على جميع المواطنين، وتسهيل منح رخص البناء والتسريع في إجراءات نقل الملكية والترخيص للمحلات بعيداً عن الروتين، وتخفيض أتعاب نقابة المهندسين، ودعم المشروعات السياحية ومنحها تسهيلات إضافية. وأخيراً تتويج كل هذه الخطط والإجراءات من خلال توسيع شبكات الطرق الرئيسية المؤدية إلى المناطق السياحية والحدودية لاستقبال أكبر عدد من الزوار.

لكن السؤال المطروح بقوة هنا هو: لو أن الحكومة استعجلت في تنفيذ هذه الإجراءات، وعملت عليه طيلة الفترة السابقة، هل كانت بحاجة إلى خطة خمسية لتنفيذها؟ أم أن القرار الذي أصدرته رئاسة مجلس الوزراء يأتي بدوره في إطار سياسة التسويف اللامنطقي؟

إن كل ما يتمناه أبناء تلك القرى أن ينفذ نصف ما وعدتهم به رئاسة المجلس، فهل سيتحقق ذلك في الخطة الخمسية الحادية عشرة، أم ستذهب كل هذه الوعود مع الريح دون أن تترك أي أثر؟.