دمشق: النقل الداخلي.... وسط الأزمة!
مرّت سنتان على تفجّر الأزمة السياسية الشاملة في البلد، وإنزلاقاتها الخطرة المحتملة عن مسار المخرج الآمن لهذه الأزمة، التي تهدد بمخاطر كارثية أهمها زعزعة التركيبة الاجتماعية للبنية السورية وإعادة فرزها واصطفافها على أرضية الأزمة الوطنية الشاملة بما لا يخدم الفرز الوطني الحقيقي لمصلحة الشعب السوري.
عادت أزمة النقل والمواصلات من جديد لتفرض نفسها وبقوة أكبر على المواطن السوري، وتضعه أمام مصيبة جديدة هو بغنى عنها في هذه الظروف وهذا التوقيت الحرج، فمأساة النقل الداخلي والعام بشكل كامل في دمشق وريفها وفي المحافظات الكبرى تفاقمت و ازدادت لأسباب عدة منها ما هو طارئ مثل الأسباب الأمنية وإغلاق العديد من الشوارع والطرقات، ومشكلة المازوت ونقص هذه المادة الهامة وإغلاق العديد من محطات الوقود ومعاناة السائقين في الحصول عليها لتأمين حركتهم المنتظمة، وظهور الحواجز الأمنية في الطرقات الأمر الذي أدى إلى زيادة الزمن الذي تحتاج إليه الرحلة الواحدة، ناهيك عن حدوث الازدحامات الخانقة في بعض المناطق التي تشهد ازدحاماً سكانياً كبيراً نتيجة لجوء الكثير من النازحين إليها بسبب الأزمة الأمنية التي أصابت البلاد. كل هذه الأسباب أدت إلى حدوث هذه الفوضى والتوتر الكبيرين الحاصلين في هذه الأيام، وشجعت السائقين على طلب زيادة في الأجور بحجة الأزمة المرورية الحاصلة بمعظم شوارع دمشق، وشراء مادة المازوت من السوق السوداء نتيجة فقدانها من معظم الكازيات.
الازدحام في الطرقات في كل الأوقات
تستمر مأساة المواطنين ومعاناتهم في كثير من الأحيان بسبب الازدحام المتواصل في الشوارع الرئيسة وصعوبة النقل والذي غالباً ما يتسبب به وجود الحواجز الأمنية وإغلاق العديد من الطرقات، والذي شكل ضغطاً مضاعفاً خصوصاً في مناطق معينة مثل((جسر الرئيس-السومرية)).الأمر الذي جعل أي رحلة داخل البلد حتى وإن كانت قصيرة تستغرق وقتاً مضاعفاً، وفي ذلك يقول المواطن أبو أيمن في منطقة قدسيا:((قبل الأزمة التي تعيشها بلدنا كنا لا نشهد مثل هذه الازدحامات إلا في أوقات الذروة وأشهر معينة مثل شهر رمضان المبارك، ففي السابق كان وقت وصولي إلى عملي يستغرق نصف ساعة أما الآن فأنا مضطر للخروج من منزلي قبل ساعة لكي أتمكن من الوصول إلى مكان عملي في الوقت المناسب هذا عدا عن المعاناة الكبيرة في الحصول على وسيلة نقل في طريق العودة لأن كثيراً من السائقين قد عزفوا عن العمل في هذه المهنة بسبب صعوبة الحصول على المازوت، وكثرة الحواجز الأمنية وإغلاق طريق قدسيا لعدة أيام في الفترة السابقة)).
زيادة أسعار النقل
ولا تزال الأجور عشوائية
على الرغم من قيام مسوؤلي النقل العام والمسؤولين في محافظتي دمشق وريفها، بتعديل أجور وسائط النقل العامة بما ينسجم مع الارتفاع الأخير في سعر المازوت، والعمل على تطبيق تسعيرة جديدة لخطوط نقل الركاب والشاحنات التي تعمل على المازوت ذهاباً وإياباً. وقد عممت وزارة الاقتصاد والتجارة على مديريات الاقتصاد بتعديل أجور التعرفة الكيلو مترية بعد رفع سعر المازوت. وذلك بحدود %10 للسرافيس ذات السعة من 9إلى 25 راكباً. و%7 للباصات العادية. غير أنه ومع انعدام الرقابة وغياب مادة المازوت وارتفاع سعرها و(شنططة) سائقي السرافيس والميكرو باصات بين محطات المحروقات بغية الحصول على ليتر واحد من المازوت، وغياب الأمن والأمان عن معظم المناطق الريفية مثل ((كفربطنا-سقبا –جسرين)) لم يلتزم السائقون بالتسعيرة الجديدة وعملوا على رفع تسعيرة الركاب من تلقاء أنفسهم ومن دون أي مستند قانوني يمنحهم الحق في ذلك متذرعين بالأسباب المذكورة آنفاً، فوصلت أجرة الراكب في بعض المناطق إلى 50 ليرة ،وهذا الأمر تسبب بمشاكل جمة ومشادات كلامية عديدة ما بين السائقين والضحية - الركاب -دون أدنى اهتمام من السلطات.
مشكلة المازوت هي الأساس
من المعلوم أن قصة المازوت كان لها الدور الأبرز في مشكلة المواصلات الحالية والتي يعاني منها معظم السوريين في هذا الوقت، وفي ذلك يقول السائق أبو مصطفى: وهو سائق على خط مزة جبل)) كانت ساعات الازدحام تنحصر مابين الساعة الثامنة صباحاً إلى الثانية عصراً وذلك بسبب بدء الدوام لدى الطلاب والموظفين ونهاية الدوام الرسمي في المؤسسات الحكومية،وكانت الرحلة الواحدة سابقاً تستغرق حوالي 45 دقيقة، أما الآن فإنها بسبب وضع الطرقات تستغرق قرابة الساعتين، وهذا ما يشكل عبئاً ثقيلاً علينا، إضافة إلى صعوبة الحصول على مادة المازوت والتي أدت إلى إخراج الكثير من السرافيس العاملة على الخط علماً بأن خطنا بالسابق كان يشغل قرابة 250 سرفيساً ولم يبقَ منها حالياً سوى 100 سرفيس، ويتابع أبو مصطفى قائلاً ((ولحل هذه الأزمة العصية عملنا على توجيه رسالة إلى وزارة النفط بضرورة مراقبة محطات الوقود العامة والخاصة والتي تبيع القسم الأكبر من مادة المازوت لتجار الأزمة الذين يبيعون ليتر المازوت بسعر مضاعف قد يصل إلى 60 ليرة سورية، دون الوصول إلى حل يذكر.))
الريف شكل ثان
إذا كانت قضية المواصلات تشكل عائقاً كبيراً بالنسبة لسكان المدينة فهي قضية شائكة جدًا بالنسبة لسكان الريف فإضافة إلى بعد المسافة بات الوقت الذي يستغرقه الشخص في الوصول من الريف إلى المدينة مضاعفاً عدة مرات، ناهيك عن انقطاع الطرقات في الكثير من الأحيان ونقص عدد السرافيس العاملة على كثير من الخطوط والتي لا تغطي نسبة السكان في كثير من المناطق، بالإضافة لعدم التزام السائقين بالأجور المحددة وللأسباب المذكورة أنفاً.
ركوب التاكسي أصبح بشروط
في الفترة الأخيرة أصبح لركوب سيارات التكسي شروط معينة و وضع خاص تماماً فقد زاد طمع وجشع السائقين فالسائق الآن يضع الشروط وفق مايشاء ويرغب (باختيار المكان والطريق الذي يعجبه بشروط وإكرامية محددة مسبقاً يقوم بالحصول عليها من خلال أكاذيب وحجج واهية مثل (العداد معطل- الطريق طويل-الطريق مزدحم- ما في أمن بالبلد – عم اشتغل على روحي- ارتفع سعر البنزين- مافي بنزين بالبلد...) فالسائق يشترط والمواطن هو الحلقة الأضعف وهو مضطر في نهاية الأمر للخضوع و ركوب سيارة تكسي بسبب أزمة الموصلات الحاصلة في سورية الآن . يقول ياسر وهو من سكان قرية كفربطنا:((أنا مرغم على ركوب سيارة أجرة في كل يوم للوصول إلى عملي في دمشق وأنا أدفع نصف مرتبي تقريباً بسبب جشع السائقين وطمعهم تخيل أن أحد السائقين في إحدى المرات طلب مني مبلغ 1000 ليرة كي يوصلني من دمشق إلى كفربطنا بحجة أن الوقت متأخر والطريق خطرة في كفربطنا وهذا الأمر من حقه)).
خلاصة القول
لقد أصبحت مشاكل النقل والمواصلات عديدة ومتعددة في بلدنا ونحن لم نتطرق لجميعها في هذا المقال لكن تبقى مشكلة المازوت ونقص الباصات في بعض المناطق وغياب الرقابة المرورية والأسعار العشوائية على رأس هذه المشاكل فهل الحكومة قادرة على حلها؟.