السوري المقهور.. بين المحاكم «الاستثنائية» والمحاكم «الشرعية»..!

السوري المقهور.. بين المحاكم «الاستثنائية» والمحاكم «الشرعية»..!

طيلة عقود عانى المواطن المقهور ولايزال من غياب التطبيق الجدي والشامل والعادل لمبدأ سيادة القانون، وهيمنة بعض القوانين الجائرة والمحاكم الاستثنائية التي أطلقت عنان قوى القمع والفساد.

فاستباحت الوطن وثرواته، كما المواطن وكرامته وحقوقه وإنسانيته بما أسهم في حراكه الشعبي الرافض، في بداية الأزمة السورية..

بعض القوانين مضى عليها عقود وعقود وبعضها هدد وحدة المجتمع ووجد بعضها التمييزي الآخر تجسيده حتى دستورياً.. وقوانين أوجدها الاستعمار وما زالت سارية.. وقوانين خلفتها الدكتاتوريات السابقة.. وقوانين جديدة وقديمة أعادت إنتاجها وأقرتها قوى القمع والفساد مؤخراً، تحت مسميات قانونية تسم أي حراك شعبي بما فيه السلمي وحتى الشفهي بالإرهاب والشغب، بل تجاوزها البعض ليمارس النهب والتخريب والقتل والقمع والتعذيب، بما طال الكبير والصغير والمقمط بالسرير.. 

اليوم، ثمة شرائح واسعة من المجتمع تريد، سراً وعلانية، التخلص من ممارسات قوى القمع والفساد وموبقاتها، وتريد التغيير والتحرير الحقيقيين.. تحرير الأرض والإنسان وتعزيز وحدة الوطن والشعب.. ولكن بين أوهام دعاة الحل الأمني المجرد.. وأوهام دعاة العنف والإسقاط وفي ظلّ الأزمة المتفاقمة يريد الطرفان استمرار قمع الشعب والهيمنة عليه.

ففي بعض المناطق التي غابت عنها مؤسسات الدولة القانونية والقضائية ودورها.. تُطل على السوريين ما تسمى بالهيئات والمحاكم «الشرعية».. وفي مناطق أخرى مماثلة تُسمى «هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» على الطريقة السعودية والطالبانية الأفغانية.. يدّعون أنهم يحكمون بالشريعة الإسلامية، بل وحتى القائمون عليها ارتدوا زيهم ولباسهم..

هذه الهيئات والمحاكم والتشريعات المبهمة لا ضوابط ولا قوانين لها، وهي بعيدة عن أي محتوى وشكل قانوني أو قضائي، وباتت تتدخل في كل كبيرةٍ وصغيرةٍ، وهي تخضع لمزاجية من يسمونه الأمير والذي لا يملك من مقومات الأمارة والقانون والتشريع وحتى الدين شيئاً.. كما صارت تصدر فتاوى وأحكاماً ميدانية فتعتقل وتكفر وتخطف وتعذب وتعدم.. تحت مسمياتٍ متعددة فهذا مؤيد وهذا عوايني وهذا شبّيح.. وغيرها من المسميات لمجرد شبهةٍ أو نتيجة خلافٍ وكيديةٍ أو طلب فدية، أو لمن يعترض على ممارساتهم ووجودهم ولا يريد أن يقبل بهم أو يمشي معهم..

لا شكّ أن الشعب الذي يعانى من الممارسات المتجددة لقوى القمع والفساد، لم ولن يقبل بهذه الهيئات والمحاكم وممارساتها فهي لا تختلف عن تلك الأجهزة بشيء، وستزيد من معاناته وآلامه وتمس وحدة وطنه وترابه، وهذا ما يريده أعداء الوطن والشعب في الداخل والخارج، عبر الفوضى التي تسمح حسب أجنداتهم بإنهاء الدور الحضاري والتاريخي للسوريين في مواجهتهم، من خلال انتقالهم المطلوب إلى دولة تسود فيها حقاً العدالة الاجتماعية وسيادة القانون.