تجاهل وزارة التربية لمشكلات المدارس العامة يناقض تطوير المناهج تطوير الأبنية المدرسية واعتماد المختصين في ذيل الأولويات!
تتجاهل وزارة التربية باستمرار أن أغلب المدارس، وخاصةً تلك البعيدة عن العاصمة دمشق، تفتقر إلى الحد الأدنى من وسائل الخدمات والنظافة الشخصية، هذا عدا افتقارها للوسائل التعليمية، وأن وضع المدارس العامة يزداد سوءاً عاماً بعد آخر نتيجة التخلف الإداري الذي تمارسه الوزارة فيما يخص المدارس التابعة لمديرياتها في مختلف المدن والمحافظات، ففي منطقة مخيم الوافدين القريبة جداً من دمشق والتابعة لمديرية تربية القنيطرة (على سبيل المثال لا أكثر) يوجد 8 مدارس منها اثنتان ثانويتان وواحدة تجارية، والباقي مدارس للتعليم الأساسي، وجميعها تفتقر إلى أبسط أدوات الخدمات حيث تعاني من شح في مياه الشرب، وسوء في دورات المياه لقضاء الحاجة والنظافة، ناهيك عن غياب أسباب الدفء في الشتاء من صفوفها، ولاسيما في المدارس الثانوية والتجارية التي طالما وصل الحديث إليها، نبين أنه تنتشر عادة التدخين بين طلابها إناثاً وذكوراً.
وليكتمل المشهد السيئ، فإن معظم مدرسي هذه المدارس لا يحملون اختصاصاً، ويعمل أغلبهم بنظام الساعات التي أوجدته وزارة التربية بديلاً لا يغني عن التعيين والتثبيت، وكأن لسان حال الوزارة يقول إن أصحاب الاختصاص ليسوا أهلاً للتدريس، والأفضل لهم العمل خارج الحقول التي درسوا لأجلها ونالوا اختصاصهم لخدمتها، والجدير ذكره عدم صلاحية هذه المدارس للتعليم التفاعلي كما هو مقرر في المنهاج الجديد.
وكمثال آخر على سوء الإدارة الوزارية لقطاع التربية، يمكن الإشارة إلى المعاناة الكبيرة التي تواجهها مدارس قرية حوش نصري القريبة من مدينة دوما والتي تمتلك مدرستين. فبعيداً عن عدم جاهزية المدارس للوسائل التعليمية، فإنها تعد من أكثر المدارس افتقاراً للكادر المختص حتى وإن كان من الذين يعملون وفق نظام الساعات أو التوكيل، فمدارس هذه القرية ما تزال في وضعها البدائي ولا تلاقي أية التفاتة من صناع القرار التعليمي، ومهمشة كلياً من حيث عدد المدرسين المكلفين ولم توظف حتى الآن مدرسين لتدريس مواد هامة مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء، ما يدفع الأهالي هناك إلى التشدد بعدم إرسال أبنائهم إلى المدارس، إذ ما الفائدة من مدرسة بلا مدرسين ولا مناهج؟ ويشير الأهالي إلى قلقهم من ضياع وقت أبنائهم بتعلم اللهو في الباحات والشغب في الصفوف بدل أن يتعلموا علماً يمهد طريقهم إلى المستقبل.
كل هذا ووزارة التربية تتحدث عن تطوير المناهج للقضاء على التعليم بالحشو، متجاهلةً أن حقول العلم تزداد جفافاً، وأن المشكلة إنما تكمن في سوء الإدارة التعليمية، سواءً من الوزارة أو من مديرياتها وهيئات مدارسها الإدارية، والخاسر الوحيد بطبيعة الحال هو التلميذ الذي ينتقل من صف إلى صف أعلى دون قدرة حقيقية على القراءة والكتابة، فارتقاء درجات التعليم بات اليوم أمراً روتينياً يشبه سائر الأمور الأخرى، تماماً كما هو السعي اليوم إلى تطوير المناهج في أبنية مدرسية مهترئة بلا كادر مختص يساعد بصناعة جيل المستقبل الذي ينتظر منه صناعة التطوير الحقيقي في كل شيء.