المناهج الحديثة.. أعباء جديدة
محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

المناهج الحديثة.. أعباء جديدة

يشهد نظام التعليم السوري في السنوات الأخيرة محاولات كثيرة لإحداث تغيرات جوهرية تتركز أبرز محاورها في تجديد محتويات المقررات الدراسية بشكل دوري، غير أن هذه المحاولات غالباً ما تصطدم بكثير من العوائق، كضعف إتقان اللغات الأجنبية وقلة الخبرات في مجال استخدام الحاسوب، ما يجعلها تنتهي بالفشل الذريع.

غير أن المنهاج الجديد، ورغم التغيير في الشكل والمضمون والإخراج وتخفيف الأعباء عن الطلاب، قام بزيادة العبء على المدرسين الذين أصبحوا مرغمين على القيام بتحضير الدرس مسبقاً، ولأكثر من مرة، والعمل على الكثير من الدراسة للتفاصيل والمعطيات الأخرى من الثقافات العامة التي وضعت على هوامش الكتب. بالإضافة إلى أن هذه المناهج تحتاج إتقان اللغات الأجنبية والتعامل مع الحاسوب وشبكة الإنترنت، ومعظم المدرسين يصعب عليهم ذلك نظراً لقلة الحواسيب في المدارس وعدم توفرها في معظم البيوت، وبطء شبكة الإنترنت وصعوبة الحصول على الخدمة. إضافة إلى ذلك فإن هذه المناهج لا تراعي الفوارق الفردية والخصوصية بين الطلاب، فهي تفوق الإمكانيات الفردية لمعظمهم، ومن الصعب التأقلم معها في أعمار مبكرة لأنها تحتاج تأسيساً قوياً في معظم المواد، وخصوصاً اللغات الأجنبية والرياضيات، وهناك مشكلة تقف عائقاً كبيراً في وجه تطبيق هذه المناهج تكمن في أن بعض 

المعلمين ليس لديهم الرغبة الحقيقية في تحسين وتطوير أنفسهم من خلال تعلم اللغات الأجنبية والتعامل مع الإنترنت، وتزداد الأمور تعقيداً مع المنهاج الجديد أمام مشكلة ضيق المساحات ونقص المعدات المساعدة على التدريس في معظم المدارس، خصوصاً أن أعداد الطلاب هائلة وقد يبلغ عدد الطلاب في الصف الواحد 50 طالباً، فالمدارس في سورية قليلة جداً نظراً لعدد الطلاب، وتحديداً في المناطق الريفية، والميزانية المالية الممنوحة من التربية لهذه المناطق محدودة جداً، ما يجعلنا أمام مشاكل حقيقية. فالمنهاج الجديد وإن كان يشمل على بعض الإيجابيات كمحاولة تعليم الطلاب الحاسوب والإنترنت بشكل مبكر وتقوية اللغات الأجنبية لديهم، والاعتماد على مناهج حديثة تهدف إلى الفهم أكثر من البصم، وتقوية المهارات، ولكنها لا تزال صعبة التطبيق، فالتربية تود أن تلبس ثوباً واسعاً ليس من حجمها، فهي عاجزة تماماً عن توفير أبسط الأمور المساعدِة، فالتطور يحتاج إلى حامل له، وإلى مدارس وصفوف جديدة وتجهيزات ومدرسين متدربين، ودمج حقيقي للعلم والتكنولوجيا والاتصال بشبكة إنترنت حقيقية، فنحن لا نستطيع أن نقول تطورنا لمجرد الكلام فقط، ونبقى نتناول وجبات علمية بسيطة لا تثمر ولا تغني عن جوع، إضافة إلى ذلك فإن الطالب الذي يعد الركن الأساسي في العملية التعليمية عاجزٌ عن مواكبة التطور، لأنه لا يملك القدرة الحقيقية لشراء حتى أبسط الأدوات.