الأسبستوس.. سرطان كامن!

الأسبستوس.. سرطان كامن!

يعتبر الأسبستوس من المواد العازلة الجيدة وغير القابلة للاحتراق، لذا فإن كل المهن التي تعتمد على العزل الحراري يمكن أن يستخدم الأسبستوس فيها، ويقدر عدد المهن التي تتضمن التعامل مع ألياف الأسبستوس بحوالي 3000 مهنة ومنها: صناعة العوازل الحرارية والواقية من النار والمكاوي. وصناعة أنظمة الأمان العازلة في المراجل والأفران. وصناعة بطانة المكابح والدبرياج في السيارات (كل ما له علاقة بالاحتكاك في السيارة). وبناء السفن. وصناعة الأسمنت، والقرميد، والمداخن، والتمديدات الصحية.

بدأ أول استخدام صناعي واسع للأسبستوس (الأمنياط) منذ العام 1940، ولكن اعتباراً من العام 1975 أصبح يستبدل غالباً بألياف صنعية، مثل ألياف الزجاج ، ولكنّ استمر ومايزال استخدامه على نحو متزايد في بلدان العالم الثالث.

المخاطر الصحية الناتجة عن التعرض للأسبستوس:

بما أنّ ألياف الأسبستوس رفيعة جداً وصلبة ومرنة ويبلغ طولها عدة سنتيمترات، فإنّ المتعرضين لها باستمرار مثل العمال بالمهن الصناعية التي تدخل فيها هذه المادة، يستنشقونها فتدخل المجاري التنفسية العلوية ثم السفلية والرئتين حيث تتعرض للانثناء وتعلق في القصيبات الدقيقة والحويصلات التنفسية (الأسناخ) مسببة أذية والتهابات موضعية، تؤدي مع مرور الزمن إلى تليفها وفقدانها وظيفتها التنفسية.

ولذلك يسبب التعرض المزمن لعدة سنوات لغبار الأسبستوس مجموعة من أخطر الأمراض التنفسية الرئوية ومنها:

1. تليف الرئة الشامل: المسمى بداء الأسبست، ولا يقتصر التعرض فقط على العامل الذي يستنشق هذه المادة، بل حتى زوجته وأطفاله يمكن أن يستنشقوا الغبار الذي يبقى عالقاً على ثياب العامل، وبالتالي قد يصابون بالمرض.  ويتأخر المرض في الظهور، فالفترة الفاصلة بين التعرض وبدء الأعراض تراوح بين 10 – 20 سنة. ويسبب المرض ضيق التنفس المتزايد، ونقص أوكسجين الدم والازرقاق.

2. ورم الظهار المتوسطة (الميزوثيليوما):

وهو ورم يصيب الغشاء المحيط بالرئتين، وأحياناً يشاهد حتى في البطن. ويعتبر غبار الأسبستوس أكثر مؤهب لحدوثه، حيث أن 80 % من الحالات ناجمة عن التعرض للأسبستوس (وخاصة من النمط الأزرق). يسبب آلاماً صدرية شديدة ومتوسط العمر حوالي سنتين بعد كشف الورم، حيث أنّ ثلثي الحالات تكون ورماً خبيثاً.

3. سرطان الرئة وسرطان الحنجرة: من أسوأ الأمراض التي يسببها الأسبستوس. وتبين الدراسات الإحصائية الوبائية بأنّ تعرض الشخص السليم للأسبستوس وحده يزيد احتمال الإصابة بهذه السرطانات بمقدار 10 أضعاف. وتعرض المدخن  وحده يزيد احتمال الإصابة بها بمقدار 5 أضعاف. أما التعرض لكل من الأسبستوس والتدخين معاً فيزيد احتمال الإصابه بها بمقدار 50 ضعفاً، وهذا ما يسمى بالتأثير التآزري.

للأسف، فإنّ الأمراض الناتجة عن التعرض للأسبستوس ليست لها معالجات نوعية شافية، بل مجرد إجراءات عرضية وتلطيفية. ولذلك فإنّ الوقاية من التعرض هي الأهم. وفي البلدان المتقدمة تم اتخاذ عدد من الإجراءات الواقية كارتداء كمامات خاصة وأنظمة تهوية ملائمة وترطيب الغبار (وهي غير موجودة في بلادنا حتى الآن). فأين هي منظومة الأمن الصناعي وأين دورها أمام ملوث بهذه الخطورة؟ ولماذا لا يتم استخدام الألياف الزجاجية بدلاً من الأسبستوس؟. هذه الأسئلة برسم جهتين، الحكومة التي تدعي حرصها على البيئة من خلال وزارة الدولة لشؤون البيئة، والنقابات التي يفترض بها الدفاع عن حقوق العمال وأمنهم. ففي النهاية فإن المتضرر الأساسي من هذه القضية هم عمال هذا الوطن الذين تكلفوا عناء بنائه وتحمل ملوثاته بأنواعها المختلفة..